الشركات «على كيفها»..والمستهلك «مستغفل»

تمت الكتابة بواسطة:

هذه المرة وكما نقول في الخليج «ما تنترقع!» فالقضية نشرت في الفضاء العالمي، وتابعها المواطن، وكان آخر من نطق الوكيل المحلي.. صح النوم!

وهنا نقصد إحدى شركات السيارات اليابانية التي أعلنت بعد اكتشاف الأسواق الأوروبية أن موديلات محددة تحمل خللا مصنعيا يخل بالسلامة، ويعرض مواطنيها للخطر، وطبعا في أوروبا تنشط منظمات مجتمع مدني قوية تخشى منها الوزارات المختصة؛ فتتسابق إلى اتخاذ إجراءات أو تحويل القضية إلى القضاء لكسر خشم الشركة المنتجة بتعويضات ضخمة، ولذلك بادرت الشركة اليابانية بتقديم التعهدات والمبادرات، وسحبت عشرات الآلاف من السيارات، مع إعلان عن استعدادها لتعويض المواطن الأوروبي عن أيام التعطيل، إضافة إلى مفاوضات تعويض إضافي عن تعريضه للخطر خلال فترة قيادة السيارة ذات الخلل المصنعي.. أما نحن «فيا غافلين لكم الله»!

فالوكيل المحلي أصلا، لم يعترف إلا بعد مدة تعد طويلة جدا في مثل هذه الحالات، بل قرأت له تصريحا في البداية بأن شركته المبجلة لا يوجد في سياراتها خلل.. محسوبك المحلي تصنع سياراته في المريخ من زود الاهتمام! وبعد تساؤل مشكور من هيئة المواصفات والمقاييس للشركة الأم «شالسالفة يالربع إحنا سيم سيم وإلا شلون؟!».

فكانت النتيجة أن نطق الوكيل المحلي بعد ذلك بإعلانه -الذي «تكرم به!» على المواطن والمقيم- بأن الخلل الموجود في منتج أوروبا هو ذاته الذي تعج به أسواق شيخ المواتر المحلي، مع أن هذه الشركات ذات الخلل أو غيرها لطالما «دبغت» المواطن والمقيم بالأسعار التي وإن خفضت في مصدرها لا يتغير سعرها هنا، إلا بالزيادة، ولطالما سجنت مواطنين وخصمت من رواتبهم حتى نشفت ريق أولادهم، ولو كانت الزيادة معقولة في الأقساط أو البيع بالتأجير لكان ذلك من مسؤولية المشتري، لكن دائما تضاعف تلك الفوائد حتى إذا عجز المشتري جاءته إخطارات الحقوق «سدد أو تسجن!». فماذا عن حقوقه وعن دقة الأسعار وقطع الغيار وتأخر الصيانة وقائمة من الأخطاء.. لا يوجد أي برنامج تسامح ولا تعويض؟!

ويكفي أن تستلقي على ظهرك وتستعرض إشكالية حقوق المستهلك فيصيبك التوتر مما يجري؛ فهذا منتج طبي أو مستحضر ثبت أنه يتسبب في كذا وكذا من الأدواء ولا يزال «يدّهر!» في السوق، وهذا طعام ثبت أنه يحوي مواد حافظة مخالفة للمعيار الدولي ويسبب مضاعفات عديدة، وتلك مواد بلاستيكية تحوي إشعاعات خطيرة.. ولا يوجد توضيح أو تفصيل أين الحقيقة من المبالغة؟ وما التصنيف الذي يعتمده المواطن لمعرفة درجات الخطر أو الضرر في كل ذلك؟.

إنها أزمات عديدة تستهدفنا نحن وأطفالنا في الصحة والاقتصاد والحقوق الاعتبارية للمستهلك، واستمرار هذا الوضع الذي يعطي المقصرين والجناة كل ارتياح للاستمرار في «لامبالاتهم» بالمواطن والمقيم في مملكتنا الحبيبة سيخلص إلى ارتفاع مروع جديد في حجم الإصابات والمعاناة المتعددة المادية والصحية والمعنوية.

ومن خلال التأمل أرى أن المسؤولية تقع على ثلاث جهات:

  1. الأولى: الوزارات المختصة وبالذات وزارة التجارة التي لا يوجد تأثير واضح لإدارة حماية المستهلك لديها، وإن نشطت أحيانا، لكن الكم والكيف المهمل أكثر بكثير من المرصود.
  2. الثانية: مجلس الشورى في تجاهله المستمر لقانون منظمات المجتمع المدني التي تكفل تشكيل الجمعيات المختصة التطوعية التي تتلقى الشكاوى، وتتابع المنتهكين لحقوق المستهلك قانونيا ومجتمعيا، إضافة إلى أن هذه القضية تحتاج إلى استدعاء واستجواب من مجلس الشورى لمناقشة تفضي إلى إصدار قوانين صارمة بما فيها كسر احتكار الوكيل المحلي حين يخل بواجباته لسلامة المشتري والقيمة المنصفة للسلعة.
  3. الثالثة: هو شريحة واسعة من المستهلكين، فالمستهلك يخضع لابتزاز هذا التاجر وذلك الوكيل، لكنه لا يقوم بأي رد فعل يوجهه بأخلاق منضبطة وبأسلوب هادئ فعال للشركة أو أي جهة ضغط عليها، ولو لم تحقق له كل ما يريد، لكن المهم التضامن على هذا المعنى، حتى يكف بعض الوكلاء والتجار عن الاستخفاف بشخصية المستهلك الممتهنة لديهم حالما يقبضون نقودهم.

بقلم: مهنا الحبيل


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: