مقال عن هدفك في الحياة

تمت الكتابة بواسطة:

هدفك في الحياة

إن الله قد خلق الإنسان ليكون خليفته في الأرض، يعمر فيها ولا يفسد فيها، يطورها بعقله؛ ذلك المعجزة التي وهبها الله إياه، لذلك فإن الإنسان له غاية واضحة من الحياة، وهدف جليل، هو التعمير في الأرض.

والتعمير في الأرض له سبل شتى يسلكها الإنسان، هذه السبل في دروب الخير فقط، حتى يكتب من المعمرين، وهنا تكمن أهمية تحديد الهدف؛ فحين يعلم الإنسان أي درب يحب أن يسلك، يسعى من أجله، ويحقق النجاح الذي يرجوه، ويكون بذلك معمرًا في الأرض، ومنفذًا لغاية الله التي خلقه من أجلها.

إن تحديد الهدف له أهمية كبيرة في حياة الإنسان؛ فتحديد الهدف يعطي لحياة الإنسان القيمة والمعنى الذي يعيش من أجله، وتحديد الهدف يجعل الإنسان يحيا الحياة كما يجب أن تكون، وتكون نفسه مستنيرة، لا تموت، بل يستمر فيها الشغف طالما يعرف هدفه، ويسعى إليه بكل جهده.

والهدف هو الوجهة النهائية التي يريد أن يصل إليها الإنسان، ويفنى عمره من أجلها، وهذا الهدف قد يكون في طريق الخير أو الشر، وكل نوع منهم يعود على الإنسان في النهاية إما بالسعادة في الدارين، أو الشقاء الأبدي.

لذلك يجب أن يختار الإنسان هدفه وأن يجعله في الخير حتى ينال السعادة في النهاية في الدنيا والآخرة، ويحقق لنفسه وللمجتمع الهدف المرجو من وجوده.

وفي هذا المقال أضع نقاطًا محددة يسير على دربها الإنسان حتى يستطيع أن يحدد هدفه بدقة ويصل إليه بعدما تتضح له الرؤية الشاملة للغاية من وجوده.

كيفية تحديد الهدف

إن تحديد الهدف والشروع في تنفيذه يأتي بالعزيمة الخالصة من أجل ذلك الهدف من الإنسان، وألا يتقاعس عنه حتى لا يضيع وقته هباء، ولكي يحدد الإنسان هدفه في الحياة لابد أن يكون على درجة كبيرة من معرفة نفسه، وما يحب أن يعمل فيه، أو يشعر فيه بالراحة، حتى يؤدي ما عليه فيه، وينبغ فيه، ويصل إلى النجاح ويحقق لنفسه الفائدة المرجوة.

ولكي يحدد الإنسان هدفه لابد أن يضع خطوات بسيطة، يستمر في التمرين عليها حتى يملك زمام نفسه ووقته ويصبح عارفًا بهدفه ولا يحيد عنه قط.

أول خطوة: اعرف نفسك:

في الخطوة الأولى لابد أن يعرف الإنسان نفسه جيدًا، يفتش فيها، ويشرع في تجربة كل شيء، حتى يستقر على الشيء الذي يحب أن يعمل فيه ويكمل فيه حياته، وينبغ فيه ويصل به إلى القمة.

ويعرف الإنسان نفسه عن طريق مصارحتها، وعدم غشها، وأن ينظر إلى نفسه في المقام الأول، لا يفعل ما يرضي الآخرين، بل يجب ان يفعل ما يرضي نفسه أولًا، حتى يستطيع أن يحقق النجاح المرجو، ولا يضيع وقته هباء.

ومعرفة النفس لا تأتي من مجرد حديث صغير مع النفس يستطيع الإنسان منها أن يعرف مواطن الشغف، بل معرفة النفس تأتي بالمران المستمر، والتجربة الدؤوبة في كل شيء، والتجربة لا تضر أبدًا وليس فيها مضيعة للوقت، بل من الممكن في النهاية أن يخلص الإنسان إلى أنه يحب أكثر من عمل ويدمجهم، ويصير ناجحًا في أكثر من شيء واحد، كل يرجع لخبرته وحسن إدارته.

لكن في البداية لابد أن يسأل الإنسان نفسه: لماذا أعيش؟ وما هدفي من الحياة؟ لابد أن يقف أمام نفسه، ويردد هذين السؤالين، ويجيب عنهما بصراحة متناهية، ويجب أن يعلم أن غايته من الوجود في الحياة هو تعمير الأرض، والمشاركة في تقدمها وتطورها وليس هدمها.

ثاني خطوة: حدد الهدف

بعدما يعرف الإنسان نفسه ويعرف مواطن شغفه وما يريد أن يقضي فيه عمره كله، لابد أن يحدد الهدف منه، ويدرس جيدًا الطرق المقترحة التي تفتح له الطريق للوصول إلى الهدف النهائي الذي يريد أن يصل إليه في آخر عمره.

يجب أن يردد على نفسه هذه الأسئلة الثلاث: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟

  • لماذا اختار هذا الهدف تحديدًا؟ وما فيه من الفائدة التي تعود عليه وعلى مجتمعه والمقربين إليه؟
  • وكيف سيحقق هذا الهدف؟ ما الدروب التي سيسلكها حتى يصل في النهاية إلى هذا الهدف الذي يجد فيه شغفه والفائدة الكبيرة التي تعود على أهله ونفسه ومجتمعه؟
  • ومتى سيكون التنفيذ للهدف؟ في أي وقت سيبدأ في أول خطوة في اتجاه الهدف الذي يرنو إليه.

والحقيقة أن الثلاث أسئلة الآنفة هي أساس التخطيط الجيد: إذ تتسم الإجابة عليها بالوضوح وعدم الغموض في شيء، الوضوح في الهدف نفسه والفائدة التي تعود منه ومقدار النجاح الذي يمكن أن يصل إليه الإنسان من خلاله، فيتشرب الشغف والحب والحماس اللازم لكي يستطيع أن يكمل الباقي من الخطة.

ثم يأتي السؤال الثاني: وهي كيف؟ ومنها يبدأ الإنسان يضع خطة محكمة للمستويات التي يحب أن يعبر من خلالها حتى يصل إلى الهدف الذي يرجوه؛ كتعلم لغة جديدة أو ممارسة مهنة معينة والتدريب عليها، أو أي مهارة أخرى تقربه من هدفه ولو بخطوة واحدة.

وفي النهاية يسأل عن (متى؟) وهو ما يعني تنظيم الوقت بحيث يوازن الإنسان بين هدفه وحياته ولا يضيع من وقته شيئًا دون أن يستفيد منه، أو يعرف فيما يقضي وقته.

ثالث خطوة: تجزئة الهدف

وهذه الخطوة خاصة بكيفية تنفيذ الهدف؛ إذ يجب أن يعلم الإنسان أن الهدف لا نصل إليه هكذا اعتباطًا، بل ننظر إليه نظرة واقعية، ننظر إلى الطريق الطويل ونعلم جيدًا المحطات التي يجب أن يعبرها الإنسان حتى يتطور ويصل في النهاية إلى مرحلة النجاح في تنفيذ الهدف الذي يرنو إليه.

يجب أن يجزئ الإنسان هدفه، وأن يعلم ما يجب أن يفعله في المقام الأول؛ فالمعلم يمرن نفسه جيدًا على توصيل المعلومة إلى الطلاب، ويقرأ جيدًا عن مهام المعلم وما يجب أن يكونه بالنسبة إلى طلابه، ورجل الأعمال بدأ مشواره بتعلم اللغة الإنجليزية، ومعرفة المجالات التي ينظوي عليها مجال ريادة الأعمال وبدأ في تعلم ما يجب تعلمه في خطوات محددة.

رابع خطوة: عمل قليل دائم خير من كثير متقطع

إن الإنسان يجب أن ينظر جيدًا في هذه الجملة ويعيها جيدًا ويتأملها؛ فالإنسان يجب ألا ينتابه اليأس من تدرجه أو تطوره البطيء ويفقد حماسه، فيخطط لفعل أمورًا مستحيلة، ولا يفعل أي شيء في النهاية، بل يجب أن يعلم جيدًا، أن العمل القليل الدائم هو ما سيؤول إلى نجاحه في النهاية، وذلك خير من العمل الكثير الذي لن يثمر عن شيء في النهاية، ويؤدي إلى ضياع الوقت والتشتت والخوف والفشل.

خامس خطوة: نظم وقتك

وتنظيم الوقت من الأمور الضرورية التي يجب أن يتعلمها الإنسان ويتقن مهارتها. والخطوة الأولى في طريق تنظيم الوقت أن يعلم الإنسان جيدًا أولوياته ويقسمها حسب درجة أهميتها والتعجل عليها، يجب أن يضع الإنسان هدفه في أولويات حياته، ثم يأتي بعد ذلك أي شيء، ويجب ألا يخلو وقت الإنسان من ممارسة عادة مهمة جدًا، وهي القراءة، والقراءة تكون في مجال التخصص الذي يريد أن يصل إليه الإنسان أكثر من التخصصات الأخرى، ومع ذلك يجب ألا يهمل القراءة في التخصصات الأخرى.

في النهاية يجب أن يعلم الإنسان جيدًا أنه بهدفه سيرتي وترتقي حياته ويرتقي مجتمعه، ويحقق الغاية التي خلقه الله من أجلها.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: