ما هو التفكير الزائد

صورة , رجل , التفكير , التفكير الزائد

يعد التفكير الزائد هو شكل من أشكال القلق، ولكن لنفرق هنا بين شقيه الإيجابي والسلبي، وكما قال العرب قديماً “الشيء إذا زاد عن حده إنقلب لضده”.

ما هو التفكير الزائد ومتى يصير التفكير غير طبيعي وزائد عن حده؟

يقول الأستاذ حسين الجوهري مستشار تنمية بشرية وتطوير مؤسسي: إن قضية التفكير طبعاً هناك مسلمة أنه لا يوجد إنسان لا يفكر سواء تفكير سلبي أو إيجابي، والإنجليز لديهم مقولة “the way you think the way you feel” الذي تفكر به تشعر به، ﷲ خلق الإنسان على ثلاث صور ذهنية، صورتين سلبيتين ونسبتهم ثمانين بالمئة، وهي نسبة عالية جداً، والصورة الإيجابية ونسبتها عشرين بالمئة فقط، الصورة الذهنية السلبية الأولى عندما أقارن نفسي مع ذاتي وأقول أنني لا أقدر ولا أستطيع وأخاف ألا أنجح، ولو أراد تاجر أن يفتح محلاً أول شيء يفكر فيه هو الخسارة وليس النجاح، ولو شخص لديه مقابلة معينة والمطلوب موظفين اثنين أو ثلاثه والمنتظرين للمقابلة ألف شخص فيقول الشخص هل أنجح أنا من الألف؟ هذه صورة سلبية يعيشها كل شخص في الحياة، والصورة السلبية الثانية مقارنة نفسي بأخرين لم يحققوا أي شيء في حياتهم وبالتالي القضية أن الإنسان يقارن نفسه بالأخرين.

سألتني سيدة بعد عقد قرانها ” أنا سأتزوج ما الذي يضمن لي أنني سأكمل حياتي الزوجية؟” لأن لدي صديقتين قد انفصلتا، وهذه طبيعة النفس البشرية، هذا تفكير وقلق زائد عن حده، هذه الثمانين بالمئة، والعشرين بالمئة تفكير إيجابي كمثال سنرجع للمقابلة والمقابلين الألف والمطلوب ثلاث أشخاص؛ فالتفكير الإيجابي عندما تقول “لو دخلت المقابلة مالذي سوف يحدث؟ سوف أنجح أو لن أخسر شيء إن لم أنجح” وفي التجارة تقول سأفتح المتجر وأضع دراسة جدوى وإن خسرت فلن أكون الأول وإن نجحت فهذا شيء جيد، وهذه العشرين بالمئة، الصراع الذي يحدث بين التفكير الإيجابي وبين القلق الزائد، العقل البشري طبيعته في مدخلات الموضوع يمر بثلاث مرشحات، مرشح المعتقد ومرشح التوقع ومرشح التجارب، مرشح التجارب هو توقع الخسارة، وهذا التوقع لو توقعت بطريقة سلبية سيكون المخرج أكيد سلبي! هناك أناس كل توقعات سلبيه يعيشون على الثمانين بالمئة السلبية، ودائماً يربطون أنفسهم بالناس الخاسرة.

المرشح الأخطر هو مرشح المعتقد وقد يكون أخطر من الدين والإمام الشافعي رحمه الله يقول “ماجاءني عالم إلا وغلبته وماجاءني جاهل إلا وغلبني” فهذا معتقده، ومثله كبار السن لا تستطيع مناقشتهم وبالتالي هي قضية الصور الذهنيه مع التفكير لكن لا نلغي أن كل منها لديه قلق.

هذه طبيعتنا البشرية فلا نجردها ولا نعطيها أكثر من اللازم.

كيف يؤثر التفكير الزائد على مسيرة الحياة؟

يقول الأستاذ حسين: شيء طبيعي؛ ولكن أوقات القلق لها شيء إيجابي فهي تدفع إلى تحفيز الشخص ولكن القلق الذي يسبب توتر سلبي هذا الذي لا نريده، فأنا قلق على مستقبلي فهذا تحفيز على الشغل لتحسين مستقبلي فهذا قلق إيجابي، ولكن كيف تحول القلق السلبي إلى القلق الإيجابي، فهذا يعتمد على معتقد الإنسان وبالتالي كلما اعتقدت بصورة ذهنية إيجابية كلما استطعت، لكن لا تستطيع أن تعتقد بنسبة مئة بالمئة؛ لأن الإنسان مكون من طرفين، طرف عقل وطرف مشاعر والمشاعر تنتصر.

الأضرار الذي يسببها التفكير الزائد السلبي على جوانب الحياة

يقول أستاذ حسين: تخيل أن الإنسان دائماً يخاف من المجهول، فتخيل إنك لن تستطيع أن تستمر بحياتك او غير مرغوب فيك في الحياة فما تأثير ذلك على نفسك؟ أكيد ستكون وحيد وتنظر للأخرين بنظرة سلبية وكل الناس ستنظر إلي كأنني ليس لدي حظ، فمثلاً في أوقات المهرجانات يعطون قسائم إذا أردت أن تشتري تأخذ كوبون وهكذا، فكلنا لدينا قلق إننا لن نفوز فهذا قلق سلبي لأنه من مثلاً مئة ألف كوبون يظن أنه لن يفوز، فالقلق السلبي يسبب توترات وإندثار هرمون السعادة وإختلاف تعاملك مع الأخرين وتصاب بالوسواس والحساسية أكثر من اللازم، كواحد لديه فوبيا النظافة، فالنظافة إيجابية ولكن فوبيا النظافة هذا نوع من الوساس وفوبيا الترتيب كذلك وفوبيا الكمال، وبالتالي يعيش الإنسان في حالة قلق تام، وهذه مرحلة خطرة على صحته وأفكاره ومشاعره.

الطرق التي تخلصنا من التفكير الزائد الذي يوصلنا إلى القلق والإحباط والمشاعر السلبية

استاذ حسين: بداية لا يوجد طريقة للتخلص من التفكير القلق بنسبة مئة بالمئة؛ ولكن هناك طرق مثل مصاحبة الناس المتفاعلين في حياتهم، لكي يرفعوا من معنوياتي، وليس الأشخاص المحبطين، فتفائلوا بالخير تجدوه! وهناك أشخاص نرتاح بمجرد رؤيتهم فهم لديهم هموم ولكن يعيشون حياتهم، الطريقه الثانية هيا أن نعيش حياتنا كالأطفال، فثقافة العمر توجب القلق، فعندما تصل لعمر الخمسين ثقافة العمر تجعلك تفكر في الموت مثلاً والأمراض، ولكن لو مارست حياتك كطفل، لا يحمل هموم ويعيش مرحلة ملكية مدللة، فلابد أن نعيش مثل الأطفال وكل ما كان الإنسان يعيش حياته كطفل يضحك وغني ويتحدث رغم الهموم، فهذه الأنواع من المضادات الحيوية تخفف القلق، لكن ثقافة السن والزواج تجعل الإنسان قلق، وكل ما كبر الإنسان اختفت السعادة وقلت وتحولت السعادة لإمتلاء شعوري؛ ولكن الطفل يشعر بالسعادة، لو أنك ترقيت في وظيفتك ستفرح ولكن بعد عدة أيام سيصبح لديك إمتلاء شعوري لأنك تحملت مسؤولية، وهذا يحدث عندما يكبر الإنسان في السن يطمح إلى الإمتلاء الشعوري لأنه إذا حققت هدف يصبح لديك هدف آخر.

نقطة أخرى تخفف القلق وهي ساعة جنون بمعنى التجرد من الرسميات والإبتعاد عن كل الأمور التي تقلق كعملية تفريق، يقولون أن الإنسان عندما يولد لا يحمل معاه مشاكل وعندما يموت لا يحمل معه مشاكل بعد الموت، ودائماً يقولون الإنسان عندما يولد ولدت بدون مشاكل وستخرج بدون مشاكل، فلا تجعل كل حياتك هموم ومشاكل ولا تستسلم وكما قال الشاعر ” دع الأمور تجري في أعنتها ولا تقعدن إلا خاليَ البالي.

 

فما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حالٍ إلى حالِ” لكن القلق موجود ولكن لا تجعله يتحكم فيك، وأختم بقصة، لدي صديق يشتغل بالأعمال الخيرية في مخيمات اللاجئين السوريين ويقول لي أنهم يتزوجون ويتحدثون ويغنون مع إنهم لاجئين وقلقهم كبير بالمقارنة بقلقنا، فهناك فرق بين همك وهم هؤلاء؛ ومع ذلك يعيشون حياتهم.

وكأني استحضرتني صورة أحد الأطفال الفقراء وهو يبتسم بابتسامة غير طبيعية، فعندما تقارن بين هذا الطفل البسيط جداً والذي حُرم من أكثر الأشياء المتوفرة لدينا ولكن مازال يبتسم.

يقول الأستاذ حسين: هناك نقطة مهمة جداً، إننا لا نعيش جمالية اللحظة، وهي مثلاً لو قولنا أن اليوم الخميس، ودائماً يقولون أن الخميس هو الونيس، وهذا تخلف، لأنه الوناسة لا تتقصر على يوم الخميس، فدائماً عندنا تعيش القلق تضيع جمالية اللحظة، ولا تتجرد من الأمور ولكن استمتع لأنه يخفف القلق. ولابد من التفكير الإيجابي لأن سلوكياتنا ترجمة لتفكيرنا.

أضف تعليق

error: