هل يتأثر رواد الفضاء بقوة الجاذبية الأرضية؟

الجاذبية الأرضية

عند مشاهدة تسجيلات وصور لرواد الفضاء ترونهم يسبحون في الفضاء وفي المركبة الفضائية، وكأنهم لا يتأثرون بأي نوع من الجاذبية، ولا ترون الأجسام تسقط من الأعلى نحو الأسفل.

كما لا يمكن تمييز الأعلى من الأسفل؛ فكل شيء يسبح في الفضاء، لذا عندما يرغب رائد الفضاء في الانتقال من مكان إلى آخر يدفع بيده أحد الجدران ليندفع في الاتجاه الآخر.

فلا يوجد قوة مهيمنة مثل الجاذبية تجذب الأجسام نحو الأسفل. لكن المركبة الفضائية ليست بعيدة عن الأرض بما يكفي للتخلص من قوة الجاذبية الأرضية.

حيث يبعد مكوك الفضاء عن سطح الأرض بضع مئات من الأميال فقط.

هل يتأثر رواد الفضاء بقوة الجاذبية الأرضية؟

قوة الجاذبية بين أي جسمين F وأعلاها سهم، لأنها كمية متجهة = ثابت الجذب العام ويرمز له بحرف G كبير × كتلة الجسم الأول m1 في كتلة الجسم الثاني m2 ÷ مربع المسافة بين الجسمين r تربيع.

وعندما يبعد مكوك الفضاء عن سطح الأرض بضع مئات من الأميال لن تتغير قيمة r كثيراً، أي أن المسافة بين مكوك الفضاء ومركز الأرض لا تزيد كثيراً عن المسافة بين سطح الأرض مركز الأرض.

ويُعني هذا أن قوة الجاذبية التي تؤثر على شخص ما في الفضاء على ارتفاع بضع مئات من الأميال عن سطح الأرض لن تختلف كثيراً عن قوة الجاذبية التي تؤثر على الشخص نفسه وهو على سطح الأرض.

أي أن رواد الفضاء يتأثرون بقوة جذب الأرض أثناء وجودهم في الفضاء. ولكن كيف يحدث هذا بينما تبدو الجاذبية معدومة في جميع الصور والتسجيلات التي تصلُنا؟

في الحقيقة جميع الأجسام في المركبة الفضائية في حالة سقوط حر، ولكن لأنهم ينتقلون في الفضاء بسرعة كبيرة لا يسقطون على الأرض بل يواصلون الحركة.

كيف ذلك؟

إذا وقف شخص ما على سطح الكرة الأرضية، واستخدم جهاز إطلاق كرات التنس، فقذف أول كرة بزاوية 45 درجة ترتفع الكرة ثم تسقط على الأرض.

صورة توضيحية:

الجاذبية

ونُلاحظ أن جهاز الإطلاق عالي السرعة؛ فالكرة سقطت على بعد أكثر من 1000 كيلو متر.

فإذا زاد من سرعة إطلاق الجهاز أكثر تبتعد الكرة مسافة أكبر، ثم تسقط على الأرض ثانية. وكل ما زاد من قوة الجهاز تبتعد الكرة مسافة أكبر، ثم تسقط على الأرض.

وكلما زادت سرعة الكرة تقطع مسافة أكبر قبل أن تسقط على الأرض، وكلما زادت السرعة وزادت المسافة بدا كأن الكرة تدور حول الأرض.

لكن لو زادت سرعة الكرة عن حد معين لن تسقط على الأرض، بل ستواصل الدوران حول الأرض.

كأن الكرة المقذوفة تدور في مدار ثابت، ولولا قوة الجانبية لانطلقت الكرة في خط مستقيم في الفضاء. لكن قوة الجاذبية تعمل على جذبها نحو مركز الأرض فحسب قانون نيوتن للجذب العام؛ الأرض والكره المقذوفة تجذبانِ بعضهما البعض؛ ولهذا لا تسير بخط مستقيم، بل منحنيٍ.

فإذا كانت سرعتها كافيه تدور حول الأرض في حركة دائمة، كما الحال في الارتفاعات التي لا يوجد فيها هواء، وهي الارتفاعات التي تصل إليها المركبات الفضائية.

لكن بسبب وجود بعض الهواء تؤدي مقاومة الهواء بمرور الوقت إلى إبطاء حركة الأجسام التي تدور حول الأرض؛ مثل الأقمار الصناعية.

إذاً لا يعيش رواد الفضاء في حالة من انعدام الجاذبية، فرواد الفضاء والمركبة الفضائية التي ينتقلون فيها، وكل شيء في المكوك الفضائي في حالة سقوط حر.

ولكنها تتحرك بسرعة كبيرة فلا تصطدم بالأرض؛ أي أن حركة الأجسام في مدارات حول الأرض تحدث بتأثير من الجاذبية، فإذا قلت السرعة أو توقفت المركبة الفضائية عن الحركة سرعان ما تسقط باتجاه الأرض.

محاكاة الجاذبية الأرضية

يمكن محاكاة أثر الجاذبية الأرضية كما تفعل وكالة الفضاء الأمريكية ناسا لتدريب رواد الفضاء، وذلك بوضعهم في طائرة خاصة تنطلق بهم مثل المقذوفة.

ويشعر كل من في داخل الطائرة بالسقوط الحرة، فلربما يشعر المرء نتيجة لذلك بالغثيان، ولكن هذا الشعور غير ملحوظ في الفضاء البعيد.

حين يكون رواد الفضاء بعيداً عن أي جرم سماوي، حينها فقط تكون الجاذبية معدومة، لذلك لا يميز من في المركبة الفضائية فيما إن كان بالقرب من جسم كبير الحجم ويسقط نحوه سقوطاً حراً في مداره. أو إن كان بعيداً عن أي جسم قد يؤثر عليه بقوة جذب فتصبح الجاذبية شبه معدومة.

أضف تعليق

error: