خطبة: توجيهات الإسلام للوقاية من الأمراض والأوبئة – مكتوبة

خطبة: توجيهات الإسلام للوقاية من الأمراض والأوبئة – مكتوبة

عناصر الخطبة

  • الإسلام دين الله فيه من التوجيهات والأحكام ما يصلح حياة الإنسان البدنية والعقلية ليظل قوياً في الدنيا ويسعد في الآخرة.
  • الصحة نعمة من الله ﷻ لا يشعر الإنسان بقيمتها إلا إذا أصابه المرض، فإن الله ﷻ خالق الإنسان ويعلم ما يصلح حاله في صحته وسقمه وما أصاب أحداً بداء إلا قدر له دواء.
  • حث الإسلام على النظافة والعناية بطهارة الجسد ظاهراً وباطناً، فإن النظافة مطلب يطلبه كل العقلاء والأصحاء.
  • الحجر الصحي علاج وقائي اعتنى به الإسلام عناية فائقة فلا يدخل مريض على سليم وموقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال عندما ذكروا الطاعون “نَفِرُّ من قدر الله ﷻ إلى قدر الله ﷻ”.
  • الأخذ بالإجراءات الوقائية الكثيرة أدبٌ من آداب الإسلام وتعاليمه، فلا يعطس الإنسان في وجه صاحبه حتى لو كان سليماً ومظاهر هذه الوقاية في الإسلام كثيرة.
  • وجوب محاربة الإشاعات عند انتشار الأمراض والأوبئة لأن خطرها في النفوس لا يقل عن خطرها وقت المعارك والحروب.

الخطبة الأولى

الإسلام دين الله ﷻ فيه من التوجيهات والأحكام ما يصلح حياة الإنسان البدنية والعقلية ليظل الإنسان قوياً في الدنيا لتحقيق العبودية لله ﷻ، وليسعد في الآخرة قال ﷻ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ سورة الذاريات الآية 56.

وقد رسم لهم منهج حياة يحفظ لهم نفوسهم واموالهم واعراضهم فجعل حفظ النفس الإنسانية من مقاصد الشريعة الإسلامية ومن الضرورات الخمس.

والحق أن الصحة نعمة من الله ﷻ لا يشعر الإنسان بقيمتها إلا إذا أصابه المرض فإن الله ﷻ خالق الإنسان ويعلم ما يصلح حاله في حال صحته وحال سقمه، ولكن كثيراً من الناس مغبون لقوله ﷺ: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» ← رواه البخاري.

وما من مرض يصيب الإنسان إلا قدر الله له الدواء، فما أصاب أحداً بداء إلا قدر له الدواء عرفه من عرفه وجهله من جهله.

ولذلك وضع الإسلام جملة من التوجيهات والإرشادات التي من شأنها أن تحافظ على المجتمع سليماً معافى، ليكون مجتمعاً قوياً قادراً على العمل والإنتاج لا تجتاحه الأسقام، ولتبقى الأمراض ضمن حدودها الضيقة التي تستطيع الدولة والأفراد التعامل معها والسيطرة عليها، ومن أهم تلك التوجيهات والتدابير:

تذكير الناس بأن الأمراض والأوبئة قدرها الله ﷻ ليمتحن الناس في صبرهم ويقينهم، والمسلم مطالب بأن يدفع الامراض والأذى عن نفسه ما استطاع الى ذلك سبيلا قال الله ﷻ: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾. البقرة 286

ومن التدابير الوقائية التي أمر بها الإسلام كذلك الأخذ بالأسباب المادية للوقاية من المرض قبل انتشاره وتفشيه في المجتمع، فحثّ الإسلام على العناية بالنظافة والطهارة ليبقى الإنسان نظيفاً بعيداً عن كل ما من شأنه ينقل له الأمراض والعدوى فقال الله ﷻ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ البقرة: 222.

وربط النبي ﷺ بين طهارة الإنسان وقوة إيمانه، فقال عليه السلام: «الطهور شطر الإيمان» ← صحيح مسلم، وكان رسول الله ﷺ: «إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض أو غض بها صوته» ← سنن أبي داود.

كما أمر النبي ﷺ بالمحافظة على نظافة الثياب وأدوات الأكل والشرب وصيانتها عن التلوث الذي يؤدي إلى نقل الأمراض المعدية والأوبئة الممرضة، فقال ﷺ: «غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، وأغلقوا الباب، وأطفئوا السراج» ← صحيح مسلم.

ورأى النبي ﷺ رجلا شعثا قد تفرق شعره فقال: «أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره، ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة، فقال أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه» ← رواه أبو داود.

ولما تولى أبو موسى الْأَشْعَرِيُّ الْبَصْرَةَ، قَالَ لَهُمْ: “إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ لِأُعَلِّمَكُمْ سُنَّتَكُمْ، وَإِنْظَافَكُمْ طُرُقَكُمْ” رواه ابن أبي شيبة.

ومن التدابير والتوجيهات الإسلامية في مواجهة الأوبئة كذلك هو نهي الإسلام عن دخول المريض على الأصحاء، فمن علم أنه مريض مرضاً يعدي من حوله ويؤذيهم فلا يجوز له مخالطة الناس دون اتخاذ التدابير الوقائية التي تمنع نقل العدوى لهم، لأن ذلك إضرار بالمجتمع وهو أمر محرم شرعاً، يقول النبي ﷺ: «لا ضرر ولا ضرار» ← رواه ابن ماجه، وقال النبي ﷺ: «لا يوردن ممرض على مصح» ← متفق عليه.

وكذلك أمر النبي ﷺ الأصحاء بعدم الورود على أصحاب الأمراض المعدية حتى لا يفشوا المرض في المجتمع، فقال ﷺ: «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ» ← رواه الإمام أحمد.

وقد أرسى النبي ﷺ قواعد الحجر الصحي المتعارف عليه في زماننا بعزل أصحاب الأمراض المعدية عن الأصحاء، والعناية بعلاجهم حتى يستعيدوا عافيتهم بإذن الله ﷻ ويعودوا أصحاء إلى مجتمعهم، فقال ﷺ عن مرض الطاعون: «إذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض، وأنتم بها فلا تخرجوا، فرارا منه» ← متفق عليه.

عباد الله: اعلموا أن الشفاء من الداء يحتاج إلى دواء فلكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ الإنسان بإذن الله ﷻ.

ولذلك يجب أن نتعالج بالعقاقير والأمصال وغيرها مما يجب الاخذ به عند الحاجة إليه، ولا يصح أن نترك الدواء بزعم التوكل على الله ﷻ، فإن النبي ﷺ قال «تداوا عباد الله».

⬛️ وهنا نجِد: خطبة عن نعمة الصحة والعافية

الخطبة الثانية

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران: 102.

عباد الله: والواجب علينا جميعاً أن نحارب الإشاعات المغرضة عند انتشار الأوبئة والأمراض في المجتمع لأن خطرها داهم على الفرد والمجتمع، وخطرها في هذه الأحوال لا يقل عن خطر انتشارها في أوقات المعارك والحروب.

والحمد لله رب العالمين..

أضف تعليق

error: