بؤرة صرعية في المخ.. التأهيل هو الحل

بؤرة صرعية في المخ.. التأهيل هو الحل

«حسين» يسأل: طفلي عمره 3 سنوات ولد في أوائل الشهر التاسع نتيجة تسمم حمل، وكان معدل نمو عظمة الفخذ يسبق معدل نمو الجمجمة أكثر من أسبوع، وبعد الميلاد كان النمو متأخرا. وبعمل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي وجد ضمور بسيط في الفص الأمامي من المخ.

وعندما بلغ عاما أصيب بحالة صرع مصحوبة بارتفاع في درجة الحرارة، وعندما بلغ عامين أصيب بنوبة أخرى، وبعمل رسم مخ وجدت بؤرة صرعية وأخذ “ديباكين 100ملم” كل 12 ساعة، وعند حدوث خطأ في مواعيد الجرعات أصيب بنوبة أخرى، وتم تغيير الدواء إلى “كونفلكس” 10 نقط كل 8 ساعات.

وسؤالي هو: هل يمكن القضاء على البؤرة الصرعية؟ وما المدة اللازمة لذلك؟ وما كيفية التعرف على تأثير الضمور الحادث في المخ على النمو؟ وهل له علاج في أي دولة؟ وما أسباب هذه الحالة؟ ومدى تكرارها في الأطفال القادمين؟

ملحوظة: الطفل وزنه 12 كيلوجراما، بدأ المشي عند عامين وثلاثة شهور، ينطق بابا وماما لأي شخص، ولا ينطق بأي كلام آخر فما احتمالات نطقه؟

د. نبيل حنفي زقدان «أخصائي طب الأطفال» تكرَّم بالإجابة على الاستشارة؛ فقال: الأخ العزيز.. يبدو لي من سياق الرسالة أن الطفل تعرض أثناء الحمل والولادة وما بعد هذه الولادة لمشاكل نتيجة إصابة الأم بتسمم الحمل، وكذلك نتيجة الولادة المبكرة. وقد أدت هذه المشاكل إلى نقص الأكسجين والتروية (التغذية) الدموية لدى الجنين؛ وهو ما أدى إلى حدوث ضمور جزئي بمخ الطفل ترتب عليه تأخر في النمو العقلي، وكذلك حدوث بؤرة صرع بالمخ ترتب عليها حدوث التشنجات المتكررة.

أخي الكريم، لا شك أن طفلنا العزيز يمر بنفق طويل ومعتم.. ولكني ألمح في نهاية النفق بصيصا من نور وبارقة من أمل.. وأنا أستند فيما ألمحه على حقائق علمية استخلصتها من رسالتك المفصلة.

فالأطفال المصابون “بالصرع” ويتناولون علاجا مستمرا لهذه الحالة ليس بالضرورة أن يستمروا على العلاج مدى الحياة، فمن خلال خبرة الآخرين الطويلة وخبرتنا المتواضعة فإن نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال يقل اعتمادهم تدريجيا على أدوية الصرع، وقد ينتهي الموضوع خلال عدة أشهر أو عدة سنوات.

لذلك فإن الطفل في حاجة إلى متابعة وتقليل تدريجي للعلاج على فترات متباعدة نسبيا وتحت إشراف طبي دقيق، وقد نصل في نهاية المطاف إلى بر الأمان بإذن الله.

الطفل ـ لا شك ـ يعاني من تأخر في معدلات النمو الحركي والوزن والكلام، وبدون لف ولا دوران فإن هذه الحالة لا علاج لها في أي دولة حتى الآن، وإن كانت هناك محاولات تجري الآن لزراعة خلايا في بعض مراكز المخ لعلاج حالات مرضية محددة مثل مرض “الشلل الرعاش” ومرض “الزهايمر” ولكنها كلها ما زالت في إطار التجارب.

وأنا لا أقصد بهذا الكلام أن أصيبك بالإحباط، ولكني أقصد أن أدفعك دفعا إلى طريق آخر لحل المشكلة -دون انتظار قد يطول أو يقصر- ألا وهو طريق “إعادة التأهيل”.

وإعادة التأهيل هي باختصار عبارة عن برامج تدريبية متخصصة لمثل هؤلاء الأطفال وذلك بغرض توظيف قدرات الطفل المتاحة ومحاولة تنميتها والاستفادة منها قدر الإمكان، وذلك بعد فحص الطفل وتقييم حالته وتصنيفه في مجموعة معينة من هذه المجموعات حسب قدراته.

ولن يسعنا الوقت إذا ذكرنا أسماء العظماء الذين تغلبوا على إعاقات أصيبوا بها في الصغر وتحدوا ظروفهم الصعبة وفرضوا أنفسهم على الجميع وتفوقوا عليهم في مجالات مختلفة مثل الرياضة والفن والأدب وغيرها.

فلا تتردد في عرض الطفل على أحد هذه المراكز وستكون النتيجة مُرضية إن شاء الله.

أما من ناحية سؤالك عن احتمال تكرار مثل هذه الحالة في حالة تكرار الإنجاب فإني أقول لك: لا.. وألف لا!! فمن سياق الرسالة ورد ذكر أنه لا توجد حالات مشابهة في محيط الأسرة وهذا يبعد شبح الوراثة، كما أن هناك سببا واضحا وقويا لهذا الطارئ الذي نزل بهذا الطفل.

ولكن يجب التنبيه على أن يكون الحمل والولادة في المرات القادمة تحت إشراف طبي دقيق لتجنب ما حدث في المرة الأولى من مشاكل بأمر الله.

وأخيرا أخي الفاضل، هذا كل ما عندنا بخصوص هذه الحالة ـ أعطيناك إياه ولكن {ما عند الله خير وأبقى}.

وهذا هو مبلغ علمنا، أعلمناك إياه ولكن {فوق كل ذي علم عليم}؛ فلا تهن ولا تحزن فعسى الله أن يجعل من بعد عسرك يسرا، واجعل دعاءك ما علمنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام حيث قال:

“ما أصاب عبدًا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه، وأبدله مكانه فرجًا”.

نأمل أن تجد عونا في قراءة هذه الكتب:

  • تنمية الأطفال المعاقين: الأستاذ عبد المجيد عبد الرحيم، دار غريب للطباعة والنشر، القاهرة.
  • البرمجة في تعليم المعوقين: دكتور فتحي عبد الرحيم.
  • تربية الموهوب والمتخلف: كركشانك.ف.ج، ترجمة يوسف ميخائيل أسعد، مكتبة الأنجلو، القاهرة.

أضف تعليق

error: