لماذا تصدر المعدة أصواتاً عند الجوع؟

لماذا تصدر المعدة أصواتاً عند الجوع؟

تتردد على مسامعنا كثيرًا عبارات مثل: عصافير بطنه بتصوصو. وقد يكون أحدنا مرّ بتجربة محرجة عندما بدأت معدته بإصدار أصوات غريبة في مواقف لا تحتمل مثل تلك الأصوات، كاجتماع رسمي أو مقابلة عمل. فما السر وراء هذه الأصوات؟ ولماذا تصدر؟ وهل هي مرتبطة فقط بالجوع كما هو شائع؟ هذا ما سنحاول كشفه في هذا المقال.

قصة همَّام وصوت المعدة في المقابلة

ذهب “همَّام” لحضور مقابلة عمل في إحدى الشركات المرموقة. بينما كان يجيب عن الأسئلة التقليدية المعروفة مثل: أين ترى نفسك بعد عشر سنوات؟، صدر فجأة صوت غريب من بطنه سمعه جميع الحاضرين. شعر همَّام بالإحراج الشديد وارتبك في الحديث، مما جعل مسؤولي التوظيف يعتقدون أنه لا يستطيع العمل تحت الضغط، وبالتالي لم يُقبل في الوظيفة.

اعتقد همَّام أن ما حدث له كان بسبب الجوع، فقرر أن يتفادى تكرار الموقف من خلال تناول وجبة مشبعة قبل أي مقابلة. لكنه في المحاولة التالية، وعلى الرغم من أنه تناول وجبة دسمة، صدرت من بطنه الأصوات ذاتها، وتم رفضه مرة أخرى! عندها بدأ يدرك أن الجوع قد لا يكون السبب الوحيد.

ما هو مصدر الأصوات فعلاً؟

يعود السبب الرئيسي لصدور أصوات البطن، في معظم الحالات، إلى وجود الهواء داخل المعدة أو الأمعاء، إضافة إلى حركة العصارات الهضمية.

فعندما تكون المعدة فارغة، يرسل الدماغ إشارات إليها تحثها على الاستعداد لهضم الطعام، حتى وإن لم يكن هناك طعام فعلي داخلها. فـتبدأ المعدة بإفراز العصارات والإنزيمات الهاضمة، وتتحرك عضلاتها بشكل انعكاسي بحثًا عن الغذاء. ونتيجة لعدم وجود طعام، تتفاعل هذه العصارات مع الهواء، مما يؤدي إلى إصدار تلك الأصوات التي نسمعها.

هل رائحة الطعام تؤثر أيضًا؟

نعم، فحتى رائحة الطعام قد تخدع الجهاز الهضمي! على سبيل المثال، عندما يمر الإنسان وهو جائع بجوار مطعم تفوح منه رائحة الشواء، يعتقد الدماغ أن هناك طعامًا في الطريق، فيأمر المعدة بإفراز العصارات الهاضمة.

وهنا يتكرر نفس السيناريو: لا يوجد طعام فعلي، فتبدأ التفاعلات مع الهواء، وتصدر الأصوات.

بالمناسبة؛ هل تعلم ⇐ لماذا تُصيبنا الزغطة؟ وكيف نتخلّص منها؟

هل الجوع هو السبب الوحيد؟

على الرغم من أن الجوع من الأسباب المعروفة، إلا أنه ليس السبب الوحيد. فقد تصدر الأصوات أيضًا بعد تناول الطعام، وتكون ناتجة عن عمليات الهضم. في هذه الحالة، لا تكون المعدة هي المسؤولة، بل الأمعاء الدقيقة والغليظة، إذ تؤدي التقلصات العضلية التي تحدث أثناء الهضم إلى إصدار أصوات منخفضة تُعرف بقرقرة البطن، وهي أصوات طبيعية تدل غالبًا على أن الجهاز الهضمي يعمل بكفاءة.

لكن في حال كانت هذه الأصوات عالية بشكل غير معتاد، ومتزامنة مع أعراض أخرى مثل الغثيان أو القيء أو الإسهال، فقد تكون مؤشرًا على وجود اضطرابات صحية في الجهاز الهضمي.

أسباب مرضية لصدور أصوات من البطن

هناك عدد من الحالات المرضية التي قد تؤدي إلى صدور هذه الأصوات، منها:

  • القولون العصبي: يسبب حركات غير منتظمة ومفاجئة في الأمعاء، مما يؤدي إلى صدور أصوات متكررة.
  • مرض ارتجاع المريء: يؤدي إلى رجوع الأحماض من المعدة إلى المريء، مسببًا أصواتًا مزعجة.
  • القلق والتوتر: الحالة النفسية لها تأثير واضح على المعدة، حيث يزداد إفراز الأحماض وتزداد حدة التقلصات، مما يسبب الأصوات.

عادات غذائية تسبب أصوات المعدة

ليست الأمراض فقط هي السبب، بل أيضًا عاداتنا الغذائية اليومية قد تؤدي إلى المشكلة، مثل:

  • تناول المشروبات الغازية.
  • الإكثار من الخضروات الورقية أو منتجات الألبان لدى من يعانون من حساسية اللاكتوز.
  • تناول الطعام بسرعة، مما يؤدي إلى ابتلاع كميات كبيرة من الهواء.
  • مضغ العلكة باستمرار.
  • تناول الأطعمة الدسمة أو السريعة خاصة في أوقات متأخرة من الليل.

كل هذه العوامل تؤدي إلى دخول الهواء أو تراكم الغازات في الجهاز الهضمي، مما يحفّز الأصوات.

كيف نقلل من أصوات المعدة؟

لحسن الحظ، هناك مجموعة من الممارسات البسيطة التي يمكن أن تساعد في تقليل أو منع أصوات المعدة:

  1. تقليل التوتر النفسي بممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء.
  2. تنظيم مواعيد الوجبات والحرص على تناول وجبات صحية ومتوازنة.
  3. تجنب الأطعمة التي تسبب عسر هضم، مثل الأطعمة الغنية بالدهون أو التي تحتوي على اللاكتوز أو الجلوتين عند من يعانون من حساسية تجاهها.
  4. شرب كميات كافية من الماء خلال اليوم.
  5. الابتعاد عن التدخين، لأنه يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي.
  6. عدم ارتداء الأحزمة الضيقة لفترات طويلة.
  7. الحصول على قسط كافٍ من النوم حتى يتمكن الجهاز الهضمي من أداء وظائفه بكفاءة.

متى نلجأ للطبيب؟

إذا كانت أصوات المعدة مستمرة ومزعجة جدًا، أو مترافقة مع أعراض هضمية أخرى مثل الغثيان أو الإسهال أو آلام المعدة، فيُفضّل مراجعة طبيب مختص. فالأمر قد يكون عرضًا لحالة طبية تستوجب التدخل.

وفي الختام… أصوات البطن ليست دائمًا دليلًا على الجوع، بل قد تكون نتيجة عوامل فيزيولوجية طبيعية، أو ناتجة عن التوتر، أو بسبب النظام الغذائي، أو حتى بسبب حالات مرضية. لذلك، من المهم فهم السبب الحقيقي خلف هذه الأصوات للتعامل معها بشكل سليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top