من المواقف المحرجة التي قد نتعرض لها فجأة، سواء في اجتماع مهم أو أثناء إلقاء كلمة في مناسبة رسمية، أن يصدر منا صوت غير متوقع يقطع علينا الحديث ويجذب الأنظار نحونا. نعم، إنه صوت “الزغطة” أو كما تُعرف أيضًا بـ”الحازوقة“. ورغم أن كثيرًا من الناس قد مروا بهذا الموقف، إلا أن الغالبية لا يعرفون سبب حدوث الزغطة أو كيف يمكن إيقافها. لذا، دعونا نتعرّف على أسبابها، مدى خطورتها، والأهم من ذلك: كيف نتخلّص منها بطريقة فعّالة.
ما هي الزغطة؟
في البداية، لنعرف ما المقصود بالزغطة. الزغطة هي تشنج مفاجئ وغير إرادي في عضلة الحجاب الحاجز، وهي العضلة التي تفصل بين التجويف الصدري والتجويف البطني، أي أنها تقع بين الرئتين والمعدة. وتلعب هذه العضلة دورًا أساسيًا في عملية التنفس؛ فعندما تنقبض، تسمح بدخول الأكسجين إلى الرئتين، وعندما تنبسط، يتم طرد ثاني أكسيد الكربون.
ولكن عندما تتعرض عضلة الحجاب الحاجز لانقباض مفاجئ غير منضبط، فإن هذا التشنج يؤثر بشكل مباشر على الحنجرة والأحبال الصوتية، مما يؤدي إلى اقترابهما من بعض بسرعة، وينتج عن ذلك اندفاع الهواء فجأة من الرئتين، مسبّبًا صوت الزغطة المألوف.
ما أسباب حدوث الزغطة؟
الزغطة لا تحدث لسبب واحد فقط، بل هناك العديد من العوامل التي قد تسبّبها. من أشهر هذه الأسباب:
- تناول أطعمة حارّة تحتوي على كميات كبيرة من الشطة.
- تناول الطعام أو المشروبات بسرعة دون تمهل، مما يؤدي إلى دخول كميات كبيرة من الهواء إلى الجسم.
- التبديل المفاجئ بين طعام ساخن ومشروب بارد، أو العكس.
- استنشاق دخان أو ملوثات جوية بكميات كبيرة.
- التغير المفاجئ في درجة حرارة الجو.
- الجفاف أو نقصان السوائل في الجسم.
- الضحك، البكاء، أو الحديث لفترة طويلة دون توقف.
- التوتر أو القلق النفسي.
- بعض الأمراض التي تهيّج الأعصاب المرتبطة بالحجاب الحاجز، مثل العصب الحائر (العصب رقم 10).
- أمراض الجهاز الهضمي أو العصبي، وهي حالات أقل شيوعًا لكنها قد تكون السبب في الزغطة المستمرة.
وبالتالي، فالزغطة ليست مقتصرة على مشاكل المعدة كما يعتقد البعض، بل قد تكون عرضًا لحالات صحية أكثر تعقيدًا.
هل الزغطة خطيرة؟
غالبًا ما تكون الزغطة مؤقتة وغير مقلقة، وتختفي في غضون دقائق أو ساعة على الأكثر. ولكن، في بعض الحالات النادرة، قد تستمر الزغطة لفترات طويلة جدًا، تصل لأيام أو حتى سنوات.
ومن أغرب هذه الحالات ما حدث مع تشارلز أوزبورن، الذي أصيب بزغطة دامت 68 عامًا، وهي الحالة الأطول المسجلة في موسوعة “غينيس”. بدأت الزغطة معه بعد سقوطه أثناء محاولة رفع حيوان ثقيل عام 1922، حيث تسببت السقطة في انفجار وعاء دموي صغير في الدماغ، مما أدى إلى تلف في المنطقة المسؤولة عن وقف الزغطة. المفارقة المحزنة هي أن الزغطة توقفت أخيرًا عام 1990، ولكنه توفي بعد سنة واحدة فقط من تعافيه.
وفي عام 2007، عانت الأمريكية جينيفر مي من حالة مشابهة، إذ كانت تعاني من 50 زغطة في الدقيقة، واستمرت الحالة معها لأربعة أسابيع متواصلة، مما جعل من الصعب عليها استكمال جملة واحدة.
متى تصبح الزغطة مزمنة؟
تُعتبر الزغطة “مزمنة” عندما تستمر لفترة طويلة، وعندها قد تكون ناتجة عن:
- تلف الأعصاب المرتبطة بالحجاب الحاجز.
- اضطرابات الجهاز العصبي.
- أمراض مزمنة مثل السكري أو الفشل الكلوي.
- مشاكل في الهضم أو التمثيل الغذائي.
وفي هذه الحالات، لا بد من زيارة الطبيب لتشخيص السبب الأساسي ووصف العلاج المناسب.
كيف نتخلّص من الزغطة؟
السؤال الأهم: كيف يمكن إيقاف الزغطة؟ الحقيقة أن لا توجد طريقة واحدة فعّالة للجميع، فبعض الطرق تنجح مع البعض وتفشل مع آخرين. لذلك، من المفيد تجربة عدد من الطرق حتى تجد الأنسب لك:
- حبس النفس وتنظيم التنفس
- خذ نفسًا عميقًا واحبسه لعدة ثوانٍ.
- أخرج الهواء ببطء وكرّر هذه العملية عدة مرات.
- يمكن أيضًا النفخ في كيس بلاستيكي، مما يساعد على زيادة ثاني أكسيد الكربون في الدم وبالتالي استرخاء عضلة الحجاب الحاجز.
- شرب الماء بطرق معينة
- اشرب كمية كبيرة من الماء دون توقف.
- تناول مكعبات من الثلج أو عصير الليمون.
- الغرغرة بالماء لمدة 30 ثانية وتكرار العملية أكثر من مرة.
- تناول بعض الأطعمة
- ملعقة من السكر أو العسل الطبيعي.
- مضغ اللبان، الذي يزيد من إفراز اللعاب ويهدّئ عضلة الحجاب الحاجز.
- وضعيات الجسم
- قف وارفع ذراعيك لأعلى لمدة 30 ثانية مع التنفس بعمق.
- جرّب تدليك منطقة الحجاب الحاجز أسفل القفص الصدري مباشرة.
- الطرق الطريفة وغير التقليدية
- الخضة المفاجئة: وهي طريقة شائعة في الثقافة الشعبية المصرية. تقول التجارب إنها قد تؤدي إلى وقف الزغطة نتيجة تغير مفاجئ في نمط التنفس.
- الانتظار
- في بعض الأحيان، لا يحتاج الأمر لأي تدخل. فقط انتظر لبضع دقائق، وغالبًا ما تختفي الزغطة من تلقاء نفسها.
وماذا عن الزغطة المزمنة؟
في حال استمرار الزغطة لفترة طويلة أو تكرارها بشكل مزعج ومستمر، لا بد من استشارة طبيب مختص، خصوصًا إذا كانت مصاحبة لأعراض مرضية أخرى. فقد تكون مؤشرًا على حالة صحية أعمق تحتاج إلى علاج طبي.
في مقال آخر تناولنا أيضًا إجابة سؤال: ما هو علاج الحازوقة؟ بشكل علمي مُبسَّط.
خلاصة القول
الزغطة ظاهرة شائعة ومؤقتة في معظم الأحيان، لكنها قد تتحوّل في حالات نادرة إلى عرض مزعج يدل على مشكلة صحية. لذلك، من المهم معرفة أسبابها، وعدم التردد في تجربة أكثر من طريقة للتخلص منها. وإذا طالت مدتها أو تكررت كثيرًا، فإن زيارة الطبيب أمر لا غنى عنه.