أحاديث عن الصبر وفضله وعاقبته.. مع بيان الرواة ودرجة كل حديث

أحاديث عن الصبر وفضله وعاقبته

إن ما نمر به هو سبب اختياري لهذا المقال، وأن أفرد معكم ذِكر أحاديث عن الصبر وفضله وعاقبته. هذا مع بيان الراوي ودرجة كل حديث. واعلم أخي أن الذي قدَّر ذلك البلاء هو ربنا ﷻ وهو قادر على إزالته. فيرضى المسلم بقضاء الله وقدره، والجنة وما فيها من النعيم ثمرة من ثمرات رضا الله عن العبد. رضي الله عنهم، فغفر ذنوبهم، وأدخلهم جنته. فيعيش المسلم بسكينة وطمأنينة وراحة بال.

لأن من الناس من أصيب بالهم والقلق بما يصبه من ابتلاءات، فإذا تأمَّل المسلم هذه النصوص استراح قلبه واطمأنت نفسه.

ومما يسلي المسلم عند المصيبة أن يعلم أن ثواب الصَّابر الجنة. فكُل محتسب وكل صابر على مرضٍ أو ضائِقة مالية، أو ضيق رزق، أو موت عزيز.. وغيرها؛ يُرجى له أن يدخل الجنة بصبره على قدر الله ﷻ.

واعلموا يا إخواني أن ما يسلي المسلم عند المصائب انتظار الفرج. فانتظار الفرج عِبادة قلبية جليلة قد يغفل عنها البعض، لأن فيها حسن الظن بالله ﷻ. والله يقول ﴿أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله ، وإن ظن شرا فله﴾.

يظن المسلم أن هذا البلاء سينكشف بعزة الله وقدرته. فيتعبَّد الله ﷻ بعبادة انتظار الفرج وبعبادة حسن الظن بالله ﷻ. فالله لطيف رؤوف بعباده، أرحم من الوالدة بولدها ﷻ.

فينتظر الفرج وزوال الكربة وزوال الشدة أيّا كانت. فالله على كل شيء قدير. إذا أراد شيء أن يقول له كن فيكون.

أحاديث عن الصبر

وبدايةً، فقد وردت أحاديث عن فضل الصبر في سُنَّة نبينا محمد ﷺ، ومنها ذلك الوارد في صحيح الترمذي، يقول فيه النبي ﷺ -برواية أنس بن مالك- «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط». وفي رواية محمود بن لبيد الأنصاري بلفظ «إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع».

وهنا حديث نبوي عن الصبر -مشهور-، والذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي مرّ ﷺ بامرأة تبكي عند قبر، فقال «اتقي الله واصبري» قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي ﷺ. فأتت باب النبي ﷺ، فلم تجد عنده بوابين. فقالت: لم أعرفك، فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».

وهنا أيضًا الحديث الشريف؛ أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله ﷺ، فأعطاهم، ثم سألوه، فأعطاهم، ثم سألوه، فأعطاهم حتى نفد ما عنده، فقال: «ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر». والحديث في صحيح البخاري من رواية أبو سعيد الخدري.

وهذا حديث عن الصَّبر أيضًا، لكنه يخص أهل المدينة المنورة، فقد قال ﷺ «من صبر على لأوائها، كنت له شفيعا، أو شهيدا يوم القيامة». وهو ما نقله عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- للمرأة التي كانت تريد الخروج من المدينة، معللة سبب ذلك بقولها: اشتد علينا الزمان. فنهاها وذكر لا هذا الحديث النبوي عن رسول الله ﷺ.

ثم إلى حديث قدسي عن الصبر.. لكنه صبر من نوع خاص. فيروي رسول الله ﷺ عن رب العزة ﷻ أنه قال -جل من قائِل- ﴿إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر؛ عوضته منهما الجنة. يريد عينيه﴾. والحديث في صحيح البخاري.

وإلى حديث الرسول عن الصبر على البلاء، وهو المشهور -أيضًا- «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له» والحديث في صحيح مسلم، ومن رواية صهيب بن سنان الرومي -رضي الله عنه-.

أيضًا هنا حديث شريف عن الصبر عند الموت، يرويه لنا أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه-، فيقول: قال لي رسول الله «يا أبا ذر»، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، فقال: «كيف أنت إذا أصاب الناس موت، يكون البيت فيه بالوصيف»؛ يعني: القبر؟ قلت: الله ورسوله أعلم، أو ما خار الله ورسوله، قال: «عليك بالصبر». أو قال: «تصبر».

ومن الأحاديث النبوية التي دلَّت على فضل الصبر، ما رواه الصحابي أبو مالك الأشعري -رضي الله عنه-، عن الرسول ﷺ حيث قال «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو تملأ- ما بين السموات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك، أو عليك، كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها، أو موبقها». وهو حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وقد وردت أحاديث عن الصبر على الشدائد في السنة النبوية، ومنها ما رواه الصحابي عبدالله بن مسعود، عن النبي ﷺ حين قال «إن من ورائكم زمان صبر ، للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم». وفي لفظ آخر «إن من ورائكم أيام الصبر الصبر فيهن كقبض على الجمر للعامل فيها أجر خمسين قالوا يا رسول الله أجر خمسين منهم أو خمسين منا قال خمسين منكم».

وهذا حديث قصير عن الصبر وفضله، يقول رسول الله ﷺ «أفضل الإيمان الصبر والسماحة». وهو من رواية معقل بن يسار، ومن تخريج الشيخ الألباني.

ويقول النبي ﷺ «تنزل المعونة من السماء على قدر المؤنة، وينزل الصبر على قدر المصيبة». من رواية أبو هريرة -رضي الله عنه- بإسنادٍ حسن.

وفي الحديث النبوي الشريف أيضًا يقول النبي ﷺ «لم يبق من الدنيا إلا بلاء وصبر فأعدوا للبلاء صبرا». من رواية معاوية بن أبي سفيان.

حديث عن الصبر والفرج

نعم، سيكون هنا تخصيص لحديث واحِد؛ هو حديث عن الصبر والفرج وَرَدَ في سُنَّة الحبيب المصطفى ﷺ، وهو أحد الوصايا النبوية الجليلة.

يروي الحديث الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، وهو نفسه الذي وُجِّهَت إليه هذه الكلمات النبوية والوصايا العظيمة. فقد قال له رسول الله ﷺ «يا غلام أو يا بني ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قلت بلى فقال احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله فقد جف القلم بما هو كائن فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه واعمل لله بالشكر واليقين واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا».

ما أجملعا وأطيبها من كلمات طيبة مباركة من رسول الهدى ﷺ.

قِيل في الصبر

وهناك أقوال/أحاديث للصحابة -رضي الله عنهم- في الصبر، ومنها:

  • قول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله.
  • وتفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- لقوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ}: الصبر عند الغضب، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله، وخضع لهم عدوهم.

والأحاديث النبوية كثيرة في هذا الشأن. فقد قدَّمنا لكم أحاديث عن الصبر وفضله وعاقبته؛ ولدينا أيضًا:

أضف تعليق

error: