تحتاج أجمل خطبة عن الإسراء والمعراج؟ هذه —المكتوبة— من أجلك

أجمل خطبة عن الإسراء والمعراج

نعم؛ وجدنا أن كثيرون بحاجة إلى أجمل خطبة عن الإسراء والمعراج؛ وليس مُجرَّد خطبة عادية، تم سردها كثيرًا من على المنابر، في كثير من الجوامع. ونحن الآن أتيناكم من أجل تلبية هذا المطلَب. وهي -كما نعتقد- أنها خطبة جمعة مُميَّزة حول هذا الموضوع. فما رأيكم أن تُكملوا الاطلاع، ثم تخبرونا برأيكم!

مقدمة الخطبة

الحمد لله ذو الجلال والإكرام، ذي الطول والآلاء، ﷻ الذي تفرد بالعظمة والجلال والكبرياء، خزائنه بالخير ملأى ويده بالنفقة سحاء. نحمده ﷻ حمدا كثيرا، ونشكره على نعمائه بكرة وأصيلا، له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا.

نشهد أن لا إله إلا الله؛ الولي الحميد، وأن محمدًا عبده ورسوله الأمين.

الخطبة الأولى

نتفيأ في هذه الأيام العظيمة من شهر رجب الأغر ذكرى معجزة الإسراء والمعراج، التي اشتملت في طياتها على معانٍ دقيقة كثيرة، وإشارات حكيمة بعيدة المدى، حيث جاءت هذه الرحلة المباركة تفريجاً للكرب الذي عاشه رسول الله ﷺ وتأييداً من الله ﷻ ونصرةً للنبي ﷺ ومكافأةً له على عبوديته الخالصة التي لا يشوبها أي شائبة من حظ النفس، وهذا ما أكده الله ﷻ في سورة الإسراء بقوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ الإسراء:1، ﴿بعبده﴾، ولم يقل [بنبيه] أو [برسوله] أو حتى [بمحمد]، وإنما وصفه بوصف العبودية، وهو الوصف الأشرف والأجل من بين تلك الأوصاف، أن يكون عبداً لله، لا عبداً لشيء سواه.

لقد اسري بالنبي ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهذا في محكم التنزيل المُعْجِز نصًّا لا يقبل التأويل، ومن المسجد الأقصى عُرجَ به ﷺ إلى السماء، ومن اليقين أن النبي ﷺ أُسري به إلى المسجد الأقصى بروحه وجسده، ومن هذا المكان المبارك عُرج به ﷺ إلى السماء السابعة، إلى سدرة المُنتهى، وهذه من الأمور التي يجب الايمان والتسليم به.

إن هذه المعجزة جاءت بعد أن ازداد أذى قريش للنبي ﷺ بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجه خديجة رضي الله عنها، وبعد ما لاقاه من أذى في الطائف يوم أن خرج من مكة وهو يحمل الأمل في أن يلاقي في الطائف نصرة أو تأييداً لعله يجد من يسمعه، أو من يخفف عنه، فسار ﷺ إلى الطائف، ولم يكن بحسبانه أن يكون هذا اليوم أقسى يوم مر عليه ﷺ فقد سألته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:يا رسول الله هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، “فناداني ملك الجبال وسلم علي، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك لتأمرني بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال رسول الله ﷺ: أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا» سنن النسائي.

إن معجزة الإسراء والمعراج بهذا المعنى كانت بمثابة الإعلان من الله ﷻ أنه متى ما أغلقت أبواب الأرض فإن أبواب الله ﷻ لا تُغلق وأنه متى التجأ المُسلم إلى ربه وجد العون بانتظاره، ومتى ما انقطعت النصرة من الأرض جاءت النصرة من الله، ومفرج الكروب كان وما زال هو الله ﷻ الذي لا يغفل ولا ينام.

ومما أكرم الله ﷻ به نبيه ﷺ امامته بالأنبياء والمرسلين لتكون هذه الإمامة دليلاً قاطعاً، وبرهاناً ساطعاً أنه ﷺ سيد المرسلين وخاتم النبيين، وهي رسالة ليتبع الجميع هذا النبي العظيم ﷺ، وبعد عروجه ﷺ التقى ببعض الرسل عليهم السلام في السموات، وهو ما جاء في الأحاديث الصحيحة التي يجب التسليم بها دون استعمال العقل في تأويلها.

وقد بشّر الله ﷻ هذه الأمة بالنهضة والرقي، وأنّها الأمة الخاتمة التي استلمت ميراث الأنبياء عليهم السلام من لدن آدم -عليه السلام- وحتى سيدنا محمد ﷺ لتقوم بمهمة الاستخلاف وحمل أمانة الدين لإقامة الحق والعدل وفق المنهج الرباني القويم، ويتجلى ذلك الأمر حين صلى النبي عليه الصلاة والسلام إماماً بالأنبياء في المسجد الأقصى، يقول النبي ﷺ «وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء،.. فحانت الصلاة فأممتهم» صحيح مسلم

فإخراج الأنبياء السابقين عليهم السلام وإمامة النبي ﷺ بهم في تلك الليلة إشارة إلى ختام الرسالات بنبينا ﷺ، وأن المسلمين هم من يحملون رسالة الأنبياء ومنهجهم في الرحمة والهداية والسلام إلى البشرية جمعاء.

وحين عاد النبي ﷺ إلى أمته رجع حاملاً البشائر والهدايا الثمينة التي يفرح بها المسلمون وتصل الأمة بخالقها، روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما أسري برسول الله ﷺ، انتهي به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، قال: ” ﴿إذ يغشى السدرة ما يغشى﴾ النجم: 16، قال: «فراش من ذهب»، قال: فأعطي رسول الله ﷺ ثلاثا: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا، المقحمات. صحيح مسلم

ولا ريب أن الإسراء والمعراج كانتا اختباراً لصدق المؤمنين، فلما أصبح النبي ﷺ وحدّث قومه بما جرى معه، انقسم الناس بين مكذب ومصدق، وتجلى صدق إيمان أبي بكر فقالها قاعدة تعبر عن إيمان المسلمين بالغيب كاشفاً عن جوهر هذا الدين في تسليم الأمر لله ﷻ والانقياد لما جاء به: “إن كان قال فقد صدق”، قَالُوا: أَوَ تُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ فَقَالَ: “نَعَمْ، إِنِّي لَأَصُدِّقُهُ فِي مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ أُصَدِّقُهُ فِي خَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ”. فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

عباد الله: لقد أعلنت السورتان الكريمتان اللتان نزلتا في معجزة الإسراء والمعراج وهما سورة “الإسراء” وسورة “النجم” أن سيدنا محمداً ﷺ هو نبي القبلتين وإمام المشرقين والمغربين، وخاتم النبيين، وهو ﷺ الأسوة الحسنة، وقد جاءت هذه المعجزة لتبشر الأمة الإسلامية بأنها خاتمة الأمم وآخر اللبنات في صرح النبوات العظيم، وأن الله ﷻ أوكل لها القيادة والريادة، وجعلها أوسط الأمم لخيريتها وشاهدة عليها، يقول الله ﷻ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ آل عمران: 110، ويقول ﷻ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ البقرة: 143.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

من الدروس المهمة لحادثة الإسراء والمعراج هو علاقتنا بالمسجد الأقصى وأنها علاقة دينية، فهو نهاية مسراه ﷺ ومبتدأ عروجه إلى السماء، وهو أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين التي لا تشد الرحال إلا إليها، ومكان مبارك تتضاعف فيه الحسنات فالركعة فيه بخمسمائة ركعة فيما سواه إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي. وهو مكان مقدس عند كل الأنبياء ﴿لا نفرق بين أحد من رسله وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ البقرة: 285.

لقد كان من الممكن أن تكون رحلة المعراج من المسجد الحرام إلى السماوات العلى، فقدرة الله لا تتقيد بزمان ولا مكان، ولكنه تأكيد بعد تأكيد، لصلة الأمة الإسلامية ببيت المقدس، وتوثيق بعد توثيق للروابط الإيمانية بالبلد المقدس والمسجد الأقصى المبارك، فقد ربط الله ﷻ بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى برباط عقائدي وثيق إلى قيام الساعة وكان الفضل من الله ﷻ أن اختصنا لنكون في أرض الرباط بجوار المسجد الأقصى الذي بارك الله ﷻ حوله، فلله الفضل والمنة.

والحق أن الإسراء والمعراج قد ربطتا بين المسلمين والمسجد الأقصى المبارك ربطاً محكماً ليظل في سويداء قلوبهم، يذكرونه في كل صلاة تعرج فيها أرواحهم إلى ربها ﷻ، وقد نال جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ﷻ شرف الرعاية للمسجد الأقصى المبارك والعناية به وبالقدس الشريف، ليكون أسوة لغيره من أهل الحل والعقد في بلاد المسلمين.

وما هذا الإحياء لذكرى الإسراء والمعراج واهتمام قيادتنا برعايته إلا دليل على حرص الهاشميين على ربط أبناء هذا البلد بعقيدتها والتمسك بثوابتها والحفاظ على مقدساتها، ولتذكير المسلمين بأهمية المسجد الأقصى وأنه في عيون أبناء هذا الوطن الغالي، الذي بذل أبناؤه أرواحهم وأموالهم واستشهد أبطاله من أبناء الجيش العربي على أسواره دفاعاً عنه فارتوت أرض الإسراء والمعراج من دماء الجنود النشامى من أبناء الأردن.

إننا في هذا الوطن الأشم، نستبشر خيرا ًونحن في أرض الحشد والرباط وتحت الراية الهاشمية المباركة بعودة المسجد الأقصى إلى حوزة المسلمين ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ الإسراء: 7.

ولنحافظ على دعاء سيدنا يونس -عليه السلام-: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ الأنبياء:87 في الصباح والمساء، لأنه سببٌ من أسباب رفع البلاء عن الامة، فمن واظب عليه وهو مريض فإن مات من هذا المرض فهو شهيد، وإن شفي غٌفرت له ذنوبه، َقِالَ ﷺ: «أَيما مُسْلم دَعا بها في مَرضِه أربعينَ مَرةً فمَاتَ في مَرضه ذلكَ أعْطيَ أجْرَ شَِهيٍد، وَإنْ برأ برأ، وَقدْ غفرَ لهُ جَميعُ ذنوبه». رواه الحاكم في المستدرك.

والحمد لله رب العالمين..

تجدون المزيد من الخُطَب عن الإسراء والمعراج أيضًا.. أدناه:

  1. ↵ فالأولى هذه خطبة الجمعة حول الإسراء والمعراج وثمراتها الإيمانية
  2. ↵ ثُم الثَّانية خطبة: ذكرى الإسراء والمعراج
  3. ↵ ومرورًا بالثالثة: خطبة مؤثرة عن الإسراء والمعراج… مكتوبة & مشكولة الآيات
  4. ↵ وختامًا؛ مع الدروس والعبر المستفادة من الإسراء والمعراج… خطبة مكتوبة ومُحْكَمة

فنسأل الله الحليم الكريم ﷻ أن تنتفعوا بكل الخُطَب والدروس العلمية والفقهية، والمحاضرات، على موقع المزيد.كوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top