مرض الغدة الدرقية (الأسباب، الأعراض، العلاج)

الغدة الدرقية , Thyroid System , مرض
نظام الغدة الدرقية

الغدة الدرقية هي من أكبر الغدد الصماء في جسم الإنسان والمعروفة بإفراز الـ “ثيروكسين”، حيث تقع الغدة الدرقية في مقدمة الرقبة، وهي المسئولة عن عملية الأيض وهي عملية التمثيل الغذائي في الجسم، تعمل الغدة الدرقية عن طريق الهرمونات التي تفرزها ويُعتبر اليود العنصر الأساسي لإنتاج هذه الهرمونات وهو متوفر بكثرة في الماء والغذاء، تُفرز الغدة الدرقية هرمونات وتؤثر هذه الهرمونات في عمليات الهدم والبناء من خلال دفع كل الأنسجة الموجودة في الجسم تقريباً لتصنيع البروتينات عن طريق زيادة كمية الأكسجين الذي تحرقه الخلايا لذلك فإنها تُسرع عمليات أجهزة الجسم عندما تتعرض الخلايا لضغوطات وظروف صعبة، أما نقص هرمونات الغدة الدرقية فيؤدي إلى إبطاء وظائف الجسم بشكلٍ عام. وتختلف أعراض الإصابة بالغدة الدرقية وخللها من شخصٍ لآخر وفقاً لحالة المريض وعمره ووزنه، وكذلك الأسباب تختلف ولكن أهمها يكمن في الغدة النخامية والالتهابات الليمفاوية.

ما هي الغدة الدرقية؟

أوضح “د. محمد سهيل الحسني” (أخصائي ورئيس قسم الغدد الصماء والسكري) أن الغدة الدرقية من الغدد المهمة في جسم الإنسان، وتوجد في الناحية الرقبية الأمامية والسفلية فوق عظم القص تحت الحنجرة أمام القصبة الهوائية، وهي جسم نسيجي على شكل فراشة منبسطة الجناحين لها فصين (أيمن – أيسر) وواصل بينهما يُسمى “إسموس”، يبلغ وزنها من ٢٠ – ٢٥ جم، وهي مهمة في إفراز هرمونات تلعب دور في عمليات الأيض والاستقلاب وإنتاج الطاقة، لذا فإن الغدة الدرقية تلعب دور هام في ضبط درجة حرارة الجسم وضبط وزن الجسم والمساهمة في عملية التطور والنمو عند الإنسان.

هل يتغير حجم الغدة الدرقية مع التقدم في العمر؟

أكد دكتور “الحسني” في حديثه عبر شاشة تليفزيون قناة “الشارقة” أن مع التقدم في العمر قد يحدث تغير في حجم الغدة الدرقية وهذا التغير قد يكون بالزيادة أو النقصان، لذلك نلاحظ أن اضطرابات الغدة الدرقية تنتشر بشكل أكبر بين كبار السن وخاصةً عند النساء. وفي حال تضخم الغدة الدرقية فإنها تظهر في الرقبة بشكل واضح على عكس الحالة الطبيعية التي تكون غير ظاهرة.

ما الأسباب وراء الإصابة باضطرابات الغدة الدرقية؟

استكمل “الطبيب الضيف” حديثه موضحاً أنه لابد من تحقق عدة عناصر هامة لإنتاج هرمون الغدة الدرقية، العنصر الأول هو توفر الغدة النخامية التي تفرز الحاسة الدرقية بشكل سليم نظراً لوجود علاقة وثيقة بين الغدة النخامية والغدة الدرقية، العنصر الثاني هو ضرورة وجود غدة درقية ذات حجم طبيعي وكفاءة طبيعية وأن تكون الغدة الدرقية غير مُصابة بأية التهابات ولا يوجد فيها أي نقص في إنزيمات تكوين هرمونات الغدة الدرقية، العنصر الثالث هو ضرورة إعطاء الغدة الدرقية كمية كافية من اليود عن طريق الطعام لتتمكن الغدة من تشكيل الهرمونات. ففي حال وجود أي خلل بأحد هذه العناصر الثلاثة قد يتسبب في حدوث اضطرابات في تكوين هرمونات الغدة الدرقية.

أما عن الأسباب التي قد تؤدي إلى الخلل في أحد هذه العناصر الثلاثة فأوضح دكتور “سهيل” أن ذلك قد يكون نتيجة نقص عنصر اليود بسبب عدم تناول الأسماك والأطعمة البحرية الغنية باليود، أو قد يكون الخلل نتيجة التهاب الغدة الدرقية بشكل يمنعها من القيام بوظيفتها، أو قد يكون نتيجة وجود ورم أو التهاب في الغدة النخامية مما يؤدي إلى وجود قصور في إفراز الغدة النخامية مما ينعكس على الغدة الدرقية بالسلب.

أما عن انتقال مرض الغدة الدرقية عن طريق العدوى فأكد دكتور (سهيل الحسني) أن مرض الغدة الدرقية غير مُعدي فهو في أغلب الأحيان مرض مناعي لا ينتقل من شخص إلى آخر. وأن العامل المناعي في اضطرابات الغدة الدرقية هو أكثر الأسباب شيوعاً ويرجع ذلك إلى عوامل وراثية تؤدي إلى اضطراب في الجهاز المناعي مما يؤدي إلى إنتاج عدد من الأجسام المضادة بمعدل أكبر من المعتاد والتي تهاجم نسيج الغدة الدرقية وتخربه.

ما أنواع الاضطرابات التي قد تُصيب الغدة الدرقية؟

أوضح “د. محمد سهيل” أن هناك نوعين من الاضطرابات: النوع الأول مباشر وهو اضطراب يُصيب الغدة الدرقية بحد ذاتها Primary Disease، والنوع الثاني غير مباشر وهو اضطراب يُصيب الغدة النخامية فيؤثر على الغدة الدرقية Secondary Disease.

واستكمل “الطبيب الضيف” حديثه موضحاً أن أمراض الغدة الدرقية تنقسم إلى قسمين. القسم الأول هو قصور الغدة الدرقية بحيث تُصبح الغدة الدرقية غير قادرة على إنتاج الكمية الكافية من الهرمونات، ففي هذه الحالة يُصبح هناك زيادة في الوزن مصحوبة بكسل وتعب وإرهاق وشعور بالبرودة والاكتئاب وتساقط الشعر. والقسم الثاني هو فرط نشاط الغدة الدرقية نتيجة التهابات ومشاكل مناعية بحيث تؤدي إلى إفراز عشوائي متزايد وغير طبيعي للهرمونات، وفي هذه الحالة يُصبح هناك نقص في الوزن مصحوباً بتوتر وتعرق وارتفاع في درجة حرارة الجسم وأحياناً يكون ذلك مصحوباً بجحوظ في العينين، وهذا الجحوظ في العينين قد يحدث قبل تضخم الغدة أو مع تضخم الغدة أو بعد تضخم الغدة.

أكد دكتور “الحسني” أن اضطرابات الغدة الدرقية تمتد لتؤثر على كافة أعضاء الجسم. فعلى سبيل المثال في حالة قصور الغدة الدرقية فإن ذلك يؤثر على الجلد حيث يُصبح الجلد بارد، وكذلك يؤثر على الشعر فيؤدي إلى تساقطه، كما قد يؤثر على القلب فيؤدي إلى بطء ضربات القلب، وقد يؤدي إلى زيادة نسبة الكوليسترول بالدم أو فقر الدم، كما قد يُسبب اضطرابات في الدورة الطمثية عند المرأة ومشاكل بالإنجاب والحمل.

ملحوظة هامة: تقول الدراسات إن الأشخاص الذين يُعانون من قصور في نشاط الغدة الدرقية يشعرون بالتعب والبرد بسبب بُطء عملية التمثيل الغذائي لذلك لا ينصح الأطباء بالإكثار من ممارسة النشاط الرياضي فتكون على الأكثر ثلاث مرات أسبوعياً.

هل كل تضخم يُصيب الغدة الدرقية يستدعي استئصالها وعلاجها؟

أوضح “د. محمد سهيل الحسني” أن التضخم عدة أنواع، فهناك تضخم يشمل كل الغدة الدرقية نراه في فرط نشاط الغدة المناعي، وهناك تضخم يشمل جزء فقط من الغدة الدرقية وهذا يكون على شكل عقد، وأحياناً يكون التضخم بسيط يظهر في فترة انتقال المراهق إلى مرحلة البلوغ حيث يحتاج الجسم إلى زيادة من هرمونات الغدة الدرقية لمساعدته على النمو فإذا كان الشخص لا يحصل على ما يحتاجه من العناصر الغذائية ويعتمد على الوجبات السريعة فسيُصاب بتضخم في الغدة ولكن تضخم بسيط لا يكون مصحوباً بقصور أو بفرط في نشاط الغدة وقد يزول هذ التضخم بزوال السبب.

هل الأورام التي تُصيب الغدة الدرقية خبيثة أم حميدة؟

أوضح دكتور (سهيل الحسني) أن نسبة الأورام الخبيثة أقل من نسبة الأورام الحميدة، ففي أغلب الأحيان نجد أن أورام الغدة الدرقية أورام حميدة عبارة عن أكياس مملوءة بسائل، و ١٠٪ من العقد الباردة (الغير فعالة) قد تكون في بعض الأحيان خبيثة، ونسبة العقد الباردة بين الناس حوالي 8% أي أن من بين كل ١٠٠ شخص نجد ٨ أشخاص لديهم عقد باردة.

هل لجنس الشخص ذكر أم أنثى، والفئة العمرية التي ينتمي إليها الشخص، وجغرافية المكان، والعوامل البيئية المحيطة دور في الإصابة باضطرابات الغدة الدرقية؟
أكد دكتور “محمد” أن كل هذه العوامل تلعب دور بالتأكيد، فعلى سبيل المثال نجد أن الأماكن البعيدة عن البحر والأماكن الجبلية يكون بها نقص باليود مما يؤدي إلى الإصابة بتضخم الغدة عند معظم الأشخاص بشكل وبائي في هذه الأماكن، لذلك تنصح منظمة الصحة العالمية كل البلدان بإضافة اليود إلى ملح الطعام لتجنب هذه المشكلة.

وأكد “د. سهيل” أن اضطرابات أو إصابات الغدة الدرقية تزداد بين فئة كبار السن نتيجة تآكل نسيج الغُدة الدرقية مع التقدم في العمر، وأيضاً يُصيب هذا المرض النساء أكثر من الرجال لأن الحمل المتكرر والرضاعة يؤثران على عمل الغدة الدرقية، وأيضاً يُصيب المرض الأشخاص الذين ينتمون لعائلة لها تاريخ مع هذا المرض عن طريق الوراثة أكثر من غيرهم.

كيف يتم تشخيص الإصابة بأمراض الغدة الدرقية؟

أوضحت (د. غصون عبدالرازق – أخصائية الطب الباطني) أن الشيء الأساسي وبما أن الغدة الدرقية مرتبطة بالغدة النخامية في الدماغ لذلك نحتاج إلى إجراء تحاليل الدم وهي عبارة عن تحليل TSH، ثم الخطوة الثانية وهي تحاليل T3 & T4 التي تعكس نسبة الهرمون الحر غير المرتبط بالبروتين في الجسم، فإذا تم اكتشاف وجود أي اضطرابات في هرمون TSH ففي هذه الحالة نلجأ إلى فحص المريض سريرياً لاكتشاف ما إذا كان هناك ظهور لأي تضخم بأحد فصي الغدة أو كليهما، بعد ذلك نلجأ إلى الفحص بالأشعة التشخيصية (السونار) عن طريق فحص تليفزيوني للغدة الدرقية بفصيها، ففي حالة وجود أية عقدة أو كيس فعندها نستعين بطبيب الجراحة لاستئصال عينة من هذه الغدة للتأكد من نوعها وهل هي ورم أم أكياس أم مجرد التهاب، وهناك طرق أكثر تطوراً لفحص الغدة الدرقية بخصوص السونار عن طريق فحص شرايين الغُدة الدرقية والذي يُظهر أي تواجد لقصور أو فرط في نشاط الغدة الدرقية.

متى يستوجب على الشخص إجراء فحوصات الغدة الدرقية؟

أوضح (الطبيب الضيف) أن الطبيب المتخصص هو من يُحدد ذلك من خلال الاستماع إلى شكوى المريض، فمثلاً إذا كان المريض يشتكي من زيادة في الوزن بالرغم من عدم تناوله كميات كبيرة من الطعام بالإضافة إلى الشعور بالتعب والإرهاق، أو كأن يشتكي المريض من إمساك مزمن، أو امرأة تشتكي من الاضطرابات الطمثية أو تأخر الحمل، أو كأن يكون الطفل لديه تأخر في النمو.

ما تأثير اضطرابات الغدة الدرقية (سواء قصور أو فرط النشاط) على المرأة الحامل والجنين؟

أكد “د. محمد الحسني” أن التأثير يكون سلبي في كلا الحالتين، فلابد للمرأة التي ترغب في الحمل أن تحرص على الحفاظ على نسبة هرمونات الغدة الدرقية في المعدل الطبيعي، لتجنب الكثير من المشاكل التي قد تواجه المرأة الحامل سواء من وجود صعوبة في الحمل أو إجهاضات متكررة أو تأخر بالحمل. وفي بعض الأحيان قد تكون نسبة هرمونات الغُدة الدرقية في معدلها الطبيعي ولكن يكون هناك زيادة في الأجسام المضادة مما قد يؤدي إلى فقد الجنين، لذلك لابد من المتابعة الدورية كل شهر مع طبيب الغدد الصماء وأخذ ما يصفه من أدوية وعلاجات.

أما عن كيفية اكتشاف ما إذا كان الجنين مُصاب باضطرابات بالغدة الدرقية فأوضح دكتور “سهيل” أن من الضروري جداً خلال الثلاثة شهور الأولى من الحمل أن تكون نسبة هرمونات الغدة الدرقية عند المرأة الحامل في معدلها الطبيعي لأنها هي التي تُزود الجنين بالهرمونات الضرورية في عملية تطور الدماغ، فإذا صار هناك أي خلل في نشاط الغدة لدى المرأة الحامل ولم يُعالج فسيؤدي ذلك إلى مشاكل في نمو تطور الجنين.

ملحوظة هامة:
• تقول بعض الدراسات إن الاستحمام بالماء البارد هو طريقة أخرى لتعزيز عمل الغُدة الدرقية بطريقة طبيعية، كما ينصح الأطباء بالقيام بهذا الأمر تدريجياً.
• إضافة التوابل الحارة (وخاصةً: الزنجبيل والفلفل) إلى الطعام يُعتبر من الأمور المفيدة للأشخاص الذين يُعانون من قصور في نشاط الغدة الدرقية، لأنها تُساعد على تنشيط الغدة وفقدان الوزن والشعور بالدفء بسهولة.

ماذا عن دور التغذية؟

أوضحت (دكتورة. نجلاء درويش عبيد – أخصائية التغذية السريرية) أن التغذية السليمة قد تساعد في تحسين إفرازات الغدة الدرقية، حيث يُنصح بالتركيز على الأطعمة التي تحتوي على نسبة من اليود (مثل: التونة)، وكذلك الأطعمة التي تحتوي على السيلنيوم (مثل: المكسرات – البصل – الطماطم)، والأطعمة الغنية بالزنك (مثل: المأكولات البحرية “المحار”)، وبعض الفاكهة التي تحتوي على فيتامينات ومعادن مفيدة (مثل: الموز – الأفوكادو – التفاح)، ومن الخضراوات كذلك (مثل: المشروم – الكوسة – الجزر)، وكذلك زيت جوز الهند ولكن يجب أخذه باعتدال وعدم الإكثار منه، وأن تكون منتجات الألبان قليلة الدسم، وتناول اللحوم البيضاء (مثل: صدور الدجاج)، وأيضاً تناول البيض الذي يحتوي على عناصر تُحسن من إفرازات هرمونات الغدة الدرقية.

ما المضاعفات التي قد تترتب على الخلل في نشاط الغدة الدرقية؟

أوضح “د. الحسني” أن المضاعفات قد تتمثل في مشاكل بالنمو عند الأطفال، وقد تحدث مضاعفات تتعلق بالقلب (مثل: اضطرابات نظم القلب – ارتفاع الضغط الشرياني)، وقد يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية إلى الإصابة بمرض السكري، ومن ضمن المضاعفات أيضاً هو هشاشة العظام وضعف العضلات، وفي حال فرط نشاط الغدة المناعي قد يتأثر النظر والرؤية بشكل كبير.

ماذا عن علاج اضطرابات الغدة الدرقية؟

استكمل “الطبيب الضيف” حديثه موضحاً أنه حتى نتمكن من علاج مشاكل الغُدة الدرقية لابد من الرجوع إلى الأسباب التي أدت إلى ظهورها ومعالجتها مُسبقاً. وهناك ثلاث أنواع من العلاجات: العلاج الدوائي من خلال حبوب مضادات الغدة الدرقية. والعلاج باليود المشع ويعتبر علاج جيد لفرط نشاط الغدة الدرقية، غير أنه بعد فترة من المواظبة عليه يؤدي إلى ظهور عكس الحالة بمعنى أن المريض يُصاب بقصور في نشاط الغدة الدرقية نتيجة تخريب الغدة، وفي هذه الحالة سيحتاج المريض إلى أخذ علاج معاوض مدى الحياة مثل: أدوية تؤخذ بشكل يومي لمدة سنتين وبعد هاتين السنتين يكون قد تحقق الشفاء بنسبة ٥٠٪. أو العلاج الجراحي الذي يتم فيه استئصال جزء من الغدة.

وبالنسبة للمكملات الغذائية أوضح “د. محمد سهيل الحسني” أنه في حال وجود مشاكل مناعية بالغدة الدرقية نتيجة أسباب وراثية فإن المكملات الغذائية لن تُفيد بشكل كبير، أما في حال إذا كان هناك قصور في نشاط الغدة الدرقية غير مناعي فعندها يمكن أن نعطي مكملات غذائية وتكون مفيدة، وهذه المكملات الغذائية لابد أن تحتوي على اليود والسيلنيوم والحديد وفيتامين (B) المركب وفيتامين (C) وفيتامين (D).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top