صفات المنافقين وخصالهم

النفاق ، hypocrisy ، المنافقين ، صورة

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى، شمس الضحى وقمر الدجى، وأصحابه نجوم الهدى، وعلى من سار على نهجهم واتبع هديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين، ثم أما بعد: فإن الناس متباينون في درجة إيمانهم ومدى إخلاصهم لله عز وجل، فمنهم المؤمنون الصادقون ومنهم الكافرون المكذبون الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ويعصون الله ما أمرهم، ويعلنون على مسامع الدنيا كفرهم، ومنهم صنف ثالث ينتمون إلى المؤمنين في ظاهر أفعالهم وأقوالهم، ويحسبون عليهم بأبدانهم لا أرواحهم، وينتمون إلى الكافرين والفاسقين والفجار في باطنهم ويدينون بدينهم بينهم وبين أنفسهم، فيلقون الله بوجه سافر، يبارزونه بالمعاصي ولا يخشونه، ويلقون الناس بوجه تقي نقي يحسبون للناس ألف حساب فهؤلاء هم المنافقون الذين يخالف باطنهم ظاهرهم، يقول الله فيهم: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 108].

وهنا سوف نتوقف قليلا للتعرف على خصال المنافقين وعلاماتهم، وأهم ما يدل عليهم ويشي بهم، مهتدين بكتاب الله وسنة خير الخلق -عليه الصلاة والسلام-.

ذمّ المنافقين في القرآن الكريم والسنة النبوية

لم يذكر القرآن الكريم المنافقين إلا في معرض الذم، والتهديد والوعيد بسوء الخاتمة وسوء المنقلب، والعذاب الشديد، والآيات في ذلك أكثر من أن تحصى، فمنها على سبيل المثال لا الحصر قول الله عز وجل: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾.

وقد أعد الله لهم عقابا شديدا وعذابا أليما يقول عز وجل: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾.

وكذلك بينت السنة مصيرهم المؤسف، ويبالغ في ذمهم فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال إن من شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه).

علامات المنافقين وخصالهم

جاء في السنة النبوية نصين من النصوص الجامعة المانعة في ذكر خصال المنافقين وصفاتهم، وكيف يمكن التعرف عليهم، ففي رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا خاصم فجر)، بينما يقول في رواية أخرى وفي نفس الشأن عن عبدالله بن عمر-رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر)، ولا تعارض بين الروايتين فقد وفق بينهما علماء الحديث بعدة طرق.

ويؤخذ من هاتين الروايتين أن خصال المنافقين كما يلي:
• الكذب عند الحديث: هذا من أهم الخصال، واعتبر الكذب من خصال المنافقين لأنه صفة تتعارض مع الإيمان ولا يتصف بها المؤمنون، وهي كذلك من أكثر الخصال وضوحاً وأسوأها أثراً.

• عدم الوفاء بالوعود: المنافق لا يبالي بما يقول فتراه يبالغ في الوعود ويقطع على نفسه المسئوليات والالتزامات رغم علمه مسبقاً بعدم قدرته على الوفاء.

• خيانة الأمانة: من ملامح النفاق القبيحة أن المنافق شخص لا يؤتمن فهو خائن بطبعه، لا يؤتمن على عرض ولا سر ولا أمانة، لأنه يفتقر إلى وازع الخوف من الله وتعوزه المراقبة.

• الفجور عند الخصومة: الخصومة في حد ذاتها مما لا يحبه الإسلام لأتباعه أيا كان حالهم، فهي موجبة للقطيعة والجفاء والكراهية، ولكن إذا استحالت العلاقات وأصبح البعد هو الحل، فهنا يبرز معدن الصالح من الطالح، فالإنسان المؤمن الذي يخاف الله يبتعد ويقلل التعامل وقد ينهي العلاقة تماما، ولكن في صمت وهدوء دون سب أو قذف أو تدبير مكيدة أو نصب شراك لإيذاء خصمه، أما المنافق الفاجر فهو يتربص بخصمه ويسعى إلى إيقاع الأذى والضرر به قدر المستطاع، وإن كان بينهما سرا أفشاه، وإن كان بينمها أمانة خانها.

لذا حذرنا النبي أن نتصف بأي صفة من صفات النفاق، بل يجب محاسبة النفس ومراقبتها، وتصليح عيوبها وعلاج أمراضها كما نعالج أمراض أجسادنا.

أضف تعليق

error: