فضائل قيام الليل

مسلم , الصلاة, Muslim, Praying , قيام الليل , صورة

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى من سار على نهجه واتبع هداه إلي يوم الدين، ثم أما بعد: فإن الله أنعم علينا بنعمة الإسلام واصطفانا بالإيمان من بين كثير من الخلق، ومن رحمته أن دلنا على الصراط المستقيم وهدانا إلى فعل الخير ودلنا على أفضل الأعمال، فجعل على رأسها الصلاة.

فالصلاة من أحب الأعمال إلى الله وهي من وسائل التقرب إليه ونيل محبته ورضاه، وخاصة قيام الليل، فقيام الليل من عبادة الصالحين المخلصين، المؤمنين حقا، وقد ورد الكثير في بيان فضل قيام الليل والحث عليه، وهنا سنتعرف سويا على فضل صلاة قيام الليل ومكانتها في ديننا الحنيف، وثمراتها وأهميتها وما يتعلق بها.

قيام الليل في الكتاب والسنة

حثّ الإسلام على قيام الليل وأمر الله عز وجل نبيه –بقيام الليل في سورة المزمل فقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ۝ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۝ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا).

كذلك من النصوص التي تدل على مشروعية قيام اليل وعلى كونه من أفضل الأعمال وأنها علامة الصلاح والفلاح، ولا يفعلها إلا أولي الألباب والبصائر فيقول الله عز وجل: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).

ومن السنة ما ورد عن النبي -صلى الله عليه سلم- أنه كان يصلى ليلا، وقد قال في بيان ذلك: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة)، وقوله عليه الصلاة السلام: (أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفريضةِ، قيامُ اللَّيلِ).

ثواب قيام الليل

أعد الله لعباده من المؤمنين الذين يتقربون إلى الله بقيام الليل وطاعة النهار، ويذكرون الله في خلواتهم وفي غفلة خلقه من الثواب العظيم والنعيم المقيم مالا يخطر على قلب بشر، وهذا ما أخبرنا به الله عز وجل في كتابه الكريم إذ يقول:(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، واخفاء الأجر وذكره مبهما دليل على عظمته وليتصور كل إنسان ما يشاء من ألوان النعيم وحسن الجزاء.

وفي موضع آخر يذكر القرآن الكريم أجر قيام الليل مبينا أن جزاؤه الجنة ونعيمها والخلود في متاعها فيقول جل وعلا: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ).

وبين -النبي صلى الله عليه سلم- أن من حسن جزاء الله للذين يعتادون قيام الليل ويحرصون على تلك القربة العظيمة أن دعا لهم النبي بأن يرحمهم الله ومما يدل على ذلك قوله –عليه الصلاة السلام-: (رحمَ اللهُ رجلاً قامَ من الليلِ فصلَّى وأيْقظَ امرأتَه فصلتْ فإن أبَتْ نضحَ في وجهِها الماءَ, رحم اللهُ امرأةً قامتْ من الليلِ فصلَّت وأيقظتْ زوجَها فصلَّى، فإن أبَى نضحتْ في وجهِه الماءَ)، كما جعل النبي قيام الليل والصلاة في غفلة الخلق ونومهم من ضمانات دخول الجنة وشروطه فقال: (يا أيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وصلُّوا الأرحامَ، وصلُّوا بِالليلِ والناسُ نِيامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بِسَلامٍ).

لماذا حضت الشريعة الإسلامية على قيام الليل وما أهميته؟

إن حض الشريعة الإسلامية على سنة قيام الليل من الأمور الملاحظة، سواء في الكتاب أو السنة النبوية مما يشعر بأهمية تلك السنة ومكانتها الكبيرة بين العبادات والقربات التي ينبغي أن يحرص عليها المسلم ومرجع ذلك إلى عدة أمور، منها:

  • قيام الليل عبادة يغلب عليها المشقة ويتحقق فيها مغالبة النفس وجهادها، حيث أن الليل هو وقت غلفة الناس وراحتهم ونومهم، فيكون مجاهدة النفس وحثها على العبادة فيه أصعب.
  • أن عبادة قيام الليل من علامات الإخلاص، وغالبا ما تنتفي فيها شبهة الرياء أو السمعة.
  • أن الله عز وجل ذكرها ضمن عادات وعبادات المتقين والمحسنين.
  • بيّن النبي -صلى الله عليه سلم- أنها من أسباب دخول الجنة.

وأخيراً وليس آخراً أقول إننا مقصرون فيما افترض علينا، ومقصرون في طاعتنا وعبادتنا، مشغولون بالدنيا ودوامتها التي لا تتوقف، فلم لا نجبر تقصيرنا بعبادة يحبها الله ورسوله ويرضى بها عنا؟ فلنقتطع من الليل ولو وقتا قصيرا للصلاة عسى أن تشفع لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون…

أضف تعليق

error: