سرقة الدكتورة نوال الدجوي.. حينما تسرق في بيتك

سرقة الدكتورة نوال الدجوي.. حينما تسرق في بيتك

تخيّل أن تستيقظ من نومك لتكتشف أن مبلغًا من المال قد سُرق منك، ولو كان المبلغ بسيطًا كـ500 جنيه، فإنك حتمًا ستشعر بالانزعاج والانكسار. فكيف سيكون الأمر إذا كان المبلغ أكبر؟ كأن يكون 5000 أو حتى مليون جنيه؟ بالتأكيد سيكون الألم مضاعفًا، وربما يصعب تحمله.

وهذا ما حدث بالفعل، ليس لشخص عادي، بل لسيدة معروفة في الوسط الأكاديمي والتعليمي، وهي الدكتورة نوال الدجوي، صاحبة جامعة “MSA” الشهيرة بمدينة السادس من أكتوبر. فما القصة؟ وما ردود الفعل التي أثارت الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي؟

صدمة بحجم 50 مليون جنيه… وأكثر!

في واقعة مثيرة، استيقظت الدكتورة نوال الدجوي ذات صباح لتكتشف أن منزلها قد تعرّض للسرقة. ولكن ليست السرقة عادية أو بمبلغ زهيد، فقد سُرق منها ما يُقدّر بـ50 مليون جنيه مصري، إلى جانب 350 ألف جنيه إسترليني، و3 ملايين دولار، و15 كيلوغرامًا من الذهب! وعند احتساب القيمة الإجمالية، يتبين أن حجم السرقة فلكي بكل المقاييس.

ومع أن هذا المبلغ لا يُستهان به، إلا أن التعليقات التي تلت الواقعة كانت أغرب من الحادثة ذاتها!

حين يتحول اللص إلى بطل شعبي!

ما إن انتشر الخبر، حتى امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات تراوحت بين السخرية والتشفي، بل وبعضها وصل إلى حد تمجيد السارق، إذ كتب البعض “تحياتي واحترامي للحرامي”، وآخرون دعوا له بالبركة وكأنه أنقذ البشرية من خطر داهم!

وهنا يبرز تساؤل مهم: هل أصبح الحرامي قدوة؟ وهل يجوز أن نُظهر الشماتة في من أصابه مكروه؟ ألم نسمع بقول النبي ﷺ: لا يُؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه؟

الشماتة… مصيدة أخلاقية خطيرة

الشماتة في مصائب الآخرين سلوك مرفوض شرعًا وعقلاً، حتى وإن كان المتضرر من أصحاب المال الوفير. فالمصائب لا تفرق بين غني وفقير، وكل إنسان معرض للابتلاء في لحظة. وقد حذّر النبي ﷺ من أثر الكلمة، فقال: إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في نار جهنم سبعين خريفًا.

لذلك، من الخطير أن نُطلق ألسنتنا في التعليقات الجارحة أو الاتهامات أو حتى “المزاح الثقيل”، لأن كل كلمة نحاسب عليها يوم القيامة.

هل الغنى مدعاة للكره؟

كثير من المعلقين هاجموا الدكتورة نوال لأنها “غنية”، أو لأن لديها جامعة خاصة. لكن الغنى ليس تهمة، ولا ينبغي أن نُسقط على الأغنياء صفات اللصوص لمجرد أن أرزاقهم وفيرة. فربما ورثت هذا المال، أو اجتهدت فيه، أو كافحت سنين حتى وصلت لما هي عليه اليوم.

من الطبيعي أن تمتلك جامعة كبيرة، ومن الطبيعي أيضًا أن يدرّ هذا المشروع دخلًا عاليًا. تمامًا كما يبدأ البعض بمحل صغير، فيكبر تدريجيًا ويفتتح فروعًا جديدة. النجاح ليس جريمة، بل هو نتيجة سعي وعمل وإدارة.

الجامعات الخاصة… خيار لا إجبار

من الانتقادات التي وُجهت للدكتورة نوال أنها تدير جامعة خاصة، وكأنها ألزمت الناس بالالتحاق بها. والحقيقة أن الجامعات الخاصة شأنها شأن المدارس الخاصة، هي خيار مطروح، وليست إجبارًا على أحد. كل ولي أمر يختار لأبنائه ما يناسب قدرته واحتياجاته، سواء جامعة حكومية أو خاصة أو دولية.

ومن قال إن المال الحرام يبارَك فيه؟

بعض المعلقين قالوا إن المال الذي سُرق “حرام في أصله”، وإن ما حدث هو “عدالة إلهية”. لكن الحقيقة أن هذا من الظن المحرَّم، لأنه لا يجوز لنا أن نحكم على الناس بغير علم. الله وحده يعلم مصدر أموال العباد، وسيُحاسبهم يوم القيامة: وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه.

إن كانت الأموال حلالًا، فنسأل الله أن يعوّضها بها، وإن كانت من غير ذلك، فحسابها على الله، لا على الناس. والظالم، أيا كان، لن ينجو من عدالة الله يوم القيامة.

يوم لا يُظلم فيه أحد

يوم القيامة هو يوم ردّ الحقوق، كما أخبرنا النبي ﷺ: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع. قال: المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا… فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار.

فلا يغرّك حال أحد في الدنيا، ولا تظن أن الحقوق تضيع، فإن لم تُرد في الدنيا، فسيُردّها الله يوم الدين.

والنصيحة الأهم هنا: راقب لسانك. فكما قال النبي ﷺ: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت. لا تجرّك الجماعة إلى الشماتة، ولا تتبع الحشود التي تتكلم بلا علم، فكل كلمة مكتوبة ومسجلة، وستُسأل عنها.

الختام: لا تحسدوا الناس على ما آتاهم الله

الغنى ليس مبررًا للحقد، ولا الفقر تبريرًا للشماتة. من أراد أن يكون في مكان الناجحين، فليعمل مثلهم، ويجتهد، ويطلب الرزق من أبوابه الحلال. ولا ننسى قوله تعالى: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله؟

فالله هو الرزّاق، يرزق من يشاء بغير حساب. ومن يتق الله، يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب. فلندعُ الله أن يسدّ ديوننا، ويبارك لنا في أرزاقنا، ويهدينا للقول الحسن والفعل الطيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top