خطبة عن فضل يوم الجمعة «سيد الأيام»

تمت الكتابة بواسطة:

ومع المُرتقبَة؛ انها خطبة عن فضل يوم الجمعة «أو هو سيّد الأيام». ولم لا تكون من أهَم الخُطَب وهو ذلك اليوم الأسبوعي الذي نزلت فيه سورة قرآنية تُتلى إلى قيام الساعة، وفيه وردت الأحاديث النبوية الكثيرة الدالة على فضله وعلى عِظم ثوابه وأجره والعمل فيه!

خطبتنا اليوم عن فضل يوم الجمعة، بما ورد في كتاب الله ﷻ وسُنَّة نبيّه المصطفى ﷺ.

خطبة عن فضل يوم الجمعة , سيد الأيام

مقدمة الخطبة

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخطبة الأولى

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأحثكم وإياي على طاعته، وأستفتحُ بالذي هو خير.

يقول الحق ﷻ في محكم تنزيله ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى | سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى | وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى | الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى | ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى﴾.

معاشر المؤمنين بين الفينة والأخرى أحب أن أستذكر وإياكم بعض القضايا وبعض النقاط التي تتعلق بسلوكنا المرتبط بعقيدتنا، والذي هو ناتج هذا السلوك ناتج لمعتقد في القلب، وفكر في العقل، فما من إنسان يصدر عنه كلام أو فعل إلا بما هو مقتنع به، إلا ما ندر مما يسمى ردات الفعل.

أما أصل حياة الإنسان فإنه يسلك بناء على معتقده، بناء على تفكيره، بناء على علم عنده نهله أو نحله أو أنه أعرض عنه فكان سلوكه سلوك الجاهلين.

يوم الجمعة سيد الأيام

لذلك هذا اليوم وهو يوم الجمعة، لابد دائما أن نضيء ونستضيء بأنوار يوم الجمعة حيث ابدأ من حديث سيدنا محمد ﷺ «سيد الأيام وأعظمها يوم الجمعة».

نحن اليوم في سيد الأيام وفي أعظمها، فيه خلق آدم، وفيه أمور كثيرة باركها الله ﷻ في هذا اليوم لذلك ليس غريبًا أن ترى أهم شعيرة من شعائر الإسلام وشعائر الاجتماع تكون في هذا اليوم المبارك.

ليس غريبًا أن تسمع بقلبك وبروحك إلى كلام حبيبك محمد ﷺ يطلب منا أن نكثر من الصلاة والسلام عليه في يوم الجمعة وفي ليلة الجمعة كما قال «فإن صلاتكم معروضة علي».

لِما? لما في هذا اليوم من خير وبركة، لما تحفه الملائكة بإذن ربها، ولما يكون فيه من صلة رحم، والأصل أن يكون فيه كثرة عبادة.

فجر الجمعة وفضله العظيم

ألا ترى أن نبينا محمدًا ﷺ كان يحرص أن يصلي فجر الجمعة دائمًا بسورتين؛ بسورة السجدة وسورة الإنسان، لماذا? لما فيهما كما غيرهما من سور القرآن الكريم، لكن فيهما تأكيد على معان وعلى سير وعلى أخلاق وعلى صفات جنة وعكسها فيها أشياء كثيرة.

يكفي أن يذكرنا كل أسبوع ونحن نستفتح بسورة الإنسان ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا﴾.

هذه الآية إذا وقفت عندها وكم وكم نقف عند آيات كثيرة لكن التذكير ﴿الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

دائمًا يشدنا إلى لحظة في هذا اليوم، إياك أن تنسى أيها الإنسان، إياك أن تنسى أصلك، إياك أن تنسى لما خلقت، إياك أن تنسى مآلك، إياك أن تنس سلوكك ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لّا يَسْتَوُونَ﴾.

فضل سورة الكهف في يوم الجمعة

هذا كلام الله في سورة السجدة، إلى غير ذلك مما نستعرض في هذا اليوم المبارك من قراءة سورة الكهف وما فيها من دروس وعبر، لاحظ هذا اليوم الغني سبحان الله.

هل نهتم ونعتني بهذا اليوم كما اعتنى فيه ربنا جل في علاه؟ وكما حثنا على القيام فيه بأعمال وأعباءٍ كلها تصب في صالحنا، كما حثنا على ذلك نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-.

لا يخفى عليكم غُسل يوم الجمعة والدعوة فيه إلى طهارة الجسد وأنت تشتغل بطهارة القلب.

يوم الجمعة يوم مبارك

نحن نأخذ من هنا ومن هناك، نقطف وردة من كل بستان لنجمع باقة جميلة نشتم رائحتها في هذا اليوم، ونرى آثارها طيلة الأسبوع فحبيبنا محمد ﷺ أيضا أكد في حديث صحيح الصلوات الخمس مكفرات لما بينها من الذنوب، والجمعة إلى الجمعة مكفرات لما بينها من الذنوب، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينه من الذنوب، والعمرة إلى العمرة مكفرات لما بينها من الذنوب».

سبحان الله، ما هذا الخير؟ الموجود في هذا اليوم، لذلك نستطيع أن نفهم الآن قول الحق ﷻ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا﴾، السعي: هو ما بين المشي والركض، بمعنى الهرولة.

هذا السعي بمعنى اهتموا، كيف تسعى إلى عملك؟ كيف تسعى في طلب الرزق؟ كيف تسعى في الحصول على نجاح أو شيء من هذا الأمر؟ فأنت تسعى في هذه الساعة، في هذه الساعة.

فريضة الجمعة

نحن الآن في مجلس هل تعلمون قيمة هذا المجلس؟ أول شيء هو فريضة، فريضة الجمعة، نحن الآن جميعا الحمد لله، نحن الآن استجبنا لنداء الله، سعينا إلى صلاة الجمع، لكن في العموم يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام- «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم».

الآن أعمال قمنا بها، اجتمعنا، تلون كتاب الله، نتدارس هذه الآية ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى | سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى﴾.

أولئك المؤمنون الذين يتذكرون ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ الذين تنفعهم الذكرى «يتدارسونه فيما بينهم إلا غشيتهم الرحمة».

غشيتهم الرحمة الآن نسأل الله أن ينور بصائرنا لنتلمس رحمات الله ﷻ «وحفتهم الملائكة».

أنتم لستم لوحدكم الآن في هذا البيت العامر بل الملائكة تحفنا من كل جانب «وحفتهم الملائكة، ونزلت عليهم السكينة».

سبحان الله، المؤمن يستشعر تلك السكينة، وأكثر من ذلك «وذكرهم الله فيمن عنده».

نحن الآن نذكر في الملأ الأعلى يا أيها القوم، يا أيها المؤمنون يا أيها السادة لتعلموا في أي مكان نحن من استجابتنا لأمر الله ﷻ.

لذلك هذا اليوم المبارك يبدأ من غسل الجمعة طهارة حسية لاستغفار وكثرة استغفار، لتلاوة القرآن، للحفاظ على صلاة الجماعة، يا أيها الإخوة تُرانا هل نصلي العصر في يوم الجمعة كما نجتمع الساعة؟ لم لا؟ هل نصلي المغرب والعشاء؟ هل في جماعة كما الساعة؟ هل يفتش أحدنا على هو يبحث؟ أو إن دُعي هل يستجيب إلى مجلس علم مجلس ذكر مجلس قرآن مجلس صلة رحم؟

بركات يوم الجمعة

نعم يا أيها الإخوة توجوا كل بركات هذا اليوم بأكبر قدر من المنفعة، لا تدعوا لحظات هذا اليوم تفوت وأنتم لم تغتنموها «إن لله في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها».

نعم نبينا -عليه الصلاة والسلام- يأمرنا أن نتعرض لبركات الله ونفحاته، وما أجمل يوم الجمعة ونفحاته لذلك يا أيها الإخوة في هذا اليوم تعالوا لنستمع بكلام ولا أجمل.

هل هناك كلام أجمل من كلام حبيبنا محمد؟ صلوا عليه وسلموا تسليما، في الحديث الذي رواه أبو داود وأحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ «يحضر الجمعة ثلاثة نفر» يعني ثلاثة أنواع.

«ثلاثة نفر» الآن نحن مصنفين ثلاث أصناف بكلام النبي -عليه الصلاة والسلام- «يحضر الجمعة ثلاثة نفر، رجل حضرها يلغو» يعبث، يتسلى، يراقب، ينتقد، يتأخر، لا يأتي مبكرًا «رجل حضرها يلغو وهو حظه منها» وهو حظه منها، أنت تريد أن تشتري ذهبا تحمل معك قيمته.

إذا دخلت إلى مكان بيع الذهب يكون معك ما يوازي ويساوي قيمة ما تشتري، أما أن تدعي وأما أن تدخل الى محل الذهب وأنت لا تملك شيئا فماذا تأخذ؟ إن خرجت بخير فاشكر الله ﷻ.

قال «رجل حضرها يلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو، فهو رجل دعا الله ﷻ إن شاء أعطاه وإن شاء منعه».

هل نملك إلا أن ندعو الله؟ بقلوب مؤمنة صادقة يا أيها الإخوة ندعوه في هذه الساعة المباركة.

اللهم فرج عن البلاد والعباد.. اللهم إنا نسألك غيثا مغيثا.. اللهم غيثا مغيثا سحا غدقا طبقا مجللا.

نسأل الله أن يستجيب لنا وأن يعطينا، إذا هذان رجلان رجل حضرها يلغو، ورجل حضرها يدعو، قال «ورجل حضرها بإنصات وسكوت، ولم يتخطى رقبة».

الحقيقة أنني جئت بهذا الحديث من إجل هذه العبارة، انظر كيف يقبل الله الأعمال الصالحة التي ليس فيها ضجة ولا صخب، وليس فيها إيذاء، قال «ولم يتخطى رقبة مسلم ولم يؤذ أحدًا».

يمكن أن آتي إلى صلاة الجمعة وأوذي أحد؟ كثير من الناس يفعلون ذلك بجهل أو بغير جهل، لربما بغمز، لربما بلمز، لربما بإشارة تهكم، لربما لربما.

التجارة مع الله.. أربح تجارة

أنظر أيها الأخ الكريم، هذا ليس كلامي هذا كلام حبيبنا محمد ﷺ «ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدًا» نعم ثلاث شروط، قال «فهي كفارة له إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام».

فهي كفارة له إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله ﷻ قال ﴿مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾.

هل التجارة مع الله رابحة؟ نعم، هل نتاجر مع الله تجارة صادقة؟ إن شاء الله، هل نتاجر مع الله تجارة نود فيها أن يزداد رصيدنا كما قال في الحديث القدسي؟ «خلقت الخلق ليربحوا عليا لا لأربح عليهم».

آداب الجمعة

لذلك أخي الكريم أعود لأستعرض أهم آداب الجمعة التي أستذكرها وإياكم كل حين.

أهم ما يكون الاغتسال، غسل يوم الجمعة، لما؟ لو قرأت الفقه لرأيت أن سبعة عشر غسلاً مسنونة في كتب الفقه.

الغسل دائمًا يسبق كل اجتماع عام، لماذا؟ لأن الإسلام يريد منك أن تكون لطيفا، حبيبًا مقبولًا، لا تظهر منك أي رائحة تنفر منك جارك.

باغتسالك، بتطيب جسدك، وتطيب لباسك.

الاغتسال، التطيب، التبكير، التبكير إلى المسجد، السعي إلى صلاة الجمعة، وترك البيع وترك اللهو، وترك اللغو.

ثم إذا أتيت ليس لك في المسجد إلا ذكر وتلاوة وصلاة وإنصاتٌ إلى الإمام وإلى الخطيب.

ثم إذا أنت في صلاة الجمعة أنت في ذكر، وأنت في دعاء، وانت في التجاء وأنت في تضرع إلى الله ﷻ لأن نبينا محمدًا ﷺ قال «إن في يوم الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم دعا الله ﷻ إلا استجاب الله له».

اللهم أعط كل واحد منا سؤله، وفرج همه وكربه وأقض دينه، وارحم ميته، واشف مريضه، وعافي مبتلاه.

اللهم كن لنا عونا ومعينا يا رب العالمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

وهنا أيضًا نجِد: خطبة عن حسن الظن بالله ﷻ

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ.

عباد الله؛ ما هذا الخير في يوم الجمعة، يا حسرة على من فاته خير، يا حسرة على من أضاع الخير، يا حسرة على من يزهد بهذا الخير.

أقول لكم كما روى لي كثير من إخواننا أهل العلم الذين غادروا إلى بعض البلدان غير العربية المسلمة وفيها إسلام ولربما غير إسلامية: أيها العرب، أيها المسلمون، يا من تفتخرون بأنفسكم، ويا من تفتخرون بأنكم من أهل السنة والجماعة وأنكم متقدمون.

قال لي: لا أدخل إلى صلاة الجمعة وأجد مكانا أجلس فيه قبل أن يصعد الخطيب المنبر.

كلهم يبكر إلى الصلاة، وكلهم يلبسوا الثياب البيض، هذا في فصل الصيف، كلهم مغتسل متطيب، يعرف قدسية الخطاب خطاب الله ﷻ، يعرف أهمية الخطاب، ولا يمكن لك أن تعرف قدسية الخطاب، وأهمية الخطاب إلا إذا عرفت من هو الذي خاطبك بهذا الخطاب.

أصناف الناس يوم الجمعة

لذلك ملخص لحديث النبي صلى الله عليه وسلم أقول لك صنف نفسك، ثلاثة أصناف يأتون إلى صلاة الجمعة، صنف نفسك.

في يوم الجمعة انتفاع، في يوم الجمعة شهود للخير، في يوم الجمعة صلاة وسلام على سيدنا محمد «وما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام».

الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله.

كثيرة هي خيرات يوم الجمعة وغير يوم الجمعة لكن نحن في سيد الأيام وفي أعظمها أعظمها بركة أعظمها أجرا أعظمها خيرًا لذلك أنت تعرض لنفحات الله وتعرض لخيرات الله وبركات الله.

عسى أن يصيبنا من الله رحمة، نسأل الله أن يرحمنا برحمته، وأن يعمنا بفضله.

وصَلّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد ﷺ وعلى آلِه.

الآن يا أحبابي؛ وبعد أن اطّلعنا جميعًا على هذه الخطبة المباركة؛ خطبة عن فضل يوم الجمعة للشيخ عمر محيي الدين حوري -جزاه الله خيرا-. نوصيكم أيضًا بالاطلاع على المزيد؛ وهي خطبة عن صلاة الفجر.. فضلها وأهميتها، وحال المتهاونين فيها. والله وليّ التوفيق.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: