خطبة عن رمضان مكتوبة «شهر الصبر والرباط»

خطبة عن رمضان مكتوبة , شهر الصبر والرباط

وتستمر الأطروحات المُبارَكة من خطب الجمعة لكل أسبوع في شهر الخير والبركة. نعم، فلدينا اليوم خطبة عن رمضان مكتوبة؛ بعنوان: شهر الصبر والرباط. فما رأيكُم بالاطلاع –أولا– وإبداء الرَّاي فيما محتواها –ثانيًا–؟

عناصر الخطبة

  • صوم رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة.
  • صيام رمضان: أحكامه التشريعية، وحِكمه التعبدية، وآثاره التربوية.
  • رمضان شهر اتباع الصراط المستقيم، فحريٌّ بالمسلمين أن يعتصموا بحبل الله جميعاً وأن لا يتفرقوا انتصاراً لدينهم ومقدساتهم.
  • رمضان شهر الصبر والثبات واليقين بنصر الله ﷻ.
  • دور المرابطين في الدفاع عن القدس والمحافظة على المسجد الأقصى ووقوفهم مع أهل القدس.

مقدمة الخطبة

الحمد لله العلي الأعلى؛ نحمده فهو أهل الحمد كله، وله الملك كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، علانيته وسره، فأهل أن يحمد وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أعلم الخلق بالله ﷻ، وأتقاهم له، نعت ربه ﷻ بنعوت الجلال والجمال والكمال، ونزهه عن الأنداد والأمثال، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب: 70–71.

الخطبة الأولى

لقد منّ اللهُ ﷻ علينا أن بلغنا شهر رمضانَ المبارك، شهرٌ تضاعف فيه الحسناتُ، تُفتحُ فيه أبوابُ الجنان، وتغلقُ أبواب النيران، وتصفّد الشياطين، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله ﷺ آخر يوم من شعبان، فقال: «أيها الناس إنه قد أظلكم شهرٌ عظيمٌ، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، جعل اللهُ صيامَه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، منْ تقربَ فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضةً فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعينَ فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر، ، والصبر ثوابه الجنة. وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن».

عباد الله: يقول الله ﷻ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.

في قوله ﷻ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ نداء من الله ﷻ لنا معشر المؤمنين لنفتحَ قلوبنَا لما سيأتي بعده من تكليف الصيام الذي فُرض على علينا كما فرض على الذين من قبلنا لعلنا نكون من المتقين.

إنَّ في الصوم حِكماً عظيمة وفوائد جليلة، يأتي في مقدمتها تربيةُ النفوس على تقوى الله ﷻ، ومراقبته، وخشيته في السرِّ والعلن، فالصائم يدعُ طعامَه وشرابَه ويتحررُ من سائر شهواته إرضاءً لربه ﷻ وطمعاً في ثوابه الجزيل الذي خص الله به الصائمين، ففي الحديث القدسي الذي يرويه النبي ﷺ عن ربه ﷻ: «كل عمل بني آدم له إلا الصوم فإنه لي, وأنا أجزي به»، لأن الصوم سرٌّ بين العبد وربه ﷻ.

ولمكانة الصوم والصائمين عند الله ﷻ جعل لهم باباً خاصاً بهم سماه ﴿الريّان﴾، عن سَهْلٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن صومَ رمضان ركنٌ من أركان الإسلام، قال ﷺ: «بُني الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ. وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وصومِ رمضانَ، وحجِ البيتِ من استطاع إليه سبيلاً».

إنَّ لصومِ رمضانَ تعلقاً بالشهادتين وهما الركن الأول من أركان الإسلام، وقد فرضه الله ﷻ في السنة الثانية من الهجرة بعد أن ترسخ الإيمان في القلوب. فليس غريباً أنْ يربط الصوم بين المسلمين وعقيدتهم، ويوحدهم ليكونوا كالجسد الواحد يشدُّ بعضه بعضاً.

رمضان هو شهر الثبات على الحق والرباط في سبيل الله ﷻ، فيه يستذكرُ المسلمون بطولاتِ الصحابة رضي الله عنهم وجهادهم في سبيل الله ﷻ، وثباتهم على الحق لنصرة دينهم، والدفاع عن المقدسات.

إنّ شهر رمضان هو شهر الغزوات والمعارك في سبيل الله ﷻ، وقعت فيه غزوة بدر الكبرى التي كانت المعركة الفاصلة بين الحق والباطل، وبين الكفر والإيمان لتدافع تلك الكوكبة المباركة من الصحابة عن المبادئ الإسلامية الراسخة، وكان في رمضان الفتحُ الأعظمُ، فتحُ مكةَ المكرمة، هذا الفتح المبين الذي طهر الله ﷻ به الأرض الإسلامية من أدران الشرك والأوثان، وفي هذا الشهر العظيم فك الله ﷻ أسر المسلمين في عين جالوت.

أيها المؤمنون: يأتي شهرُ رمضانَ هذا العام، وقلوبُ الأمة الإسلامية تشدُّ رحالها إلى الأقصى المبارك، إلى قبلتها الأولى، وثالث مساجدها، بعد المسجد الحرام، والمسجد النبوي، قال النبي ﷺ: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول ﷺ، ومسجد الأقصى» متفق عليه.

إنّ هذا الشهرَ العظيمَ هو شهرُ غزوات الرسول ﷺ يدعونا لنصرة أهلنا المرابطين في أرض فلسطين المباركة، أرضِ أكنافِ بيت المقدس، جاء رمضانُ شهر القرآن العظيم ليذكرنا مجدداً بشراسة عدونا الحقيقي الذي لا يدّخر جهداً في إظهار طغيانه والاعتداء على الأرض والإنسان.

لقد فرض اللهُ ﷻ الصومَ على عباده المؤمنين ليربّيَ النفوس على الصبر والثبات على الحق، وتوحيد الصفوف على نصرة الإسلام. فالصائمون في رمضان، يتذكرون إخوانهم الذين نالت منهم يدُ العدوان والطغيان، فشردتهم وهجرتهم وتركتهم بلا مأوى ولا معيل سوى الله ﷻ.

عباد الله: صوم رمضان هو المدرسة التي يتربى فيها المؤمنُ على الصبر والتحمل ومضاء العزيمة وقوة الإرادة وعزة النفس والإيمان بالنصر القادم الموعود إن شاء الله ﷻ، قال ﷺ: «وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»، من كل ما سبق يتبين لنا سر العلاقة بين انتصارات الإسلام في رمضان بشكل خاص وبين الصبر، وذلك لا يتحقق إلّا بالتربية الجهاديّة للنفس وكفها عن الهوى والشيطان، فإذا جاءت المرحلة الأخيرة، مرحلة جهاد العدو في ساحات الوغى كانت الأسهل، وكان أصحابها هم الطائفة المنصورة لثبوتها على الحق إرضاءً للحق سبحانه، واقتداءً برسول الله ﷺ الذي بيّن لنا الطائفة التي لا تزال على الحق في قوله ﷺ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: «بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ».

إنّ أهل بيت النبوة، بيت المصطفى ﷺ هم أولى الناس بهذه الطائفة للحفاظ على عروبة القدس وهويتها الإسلامية، كيف لا وهي مجمع إمامة النبي عليه الصلاة والسلام بالأنبياء، ومنها المعراج إلى السماء.

ومن هنا يتأتى الدورُ الشرعي والواجبُ التاريخي في الحفاظ على المقدسات، وأن يبقى الأقصى مفتوحاً أمام المصلين من خلال الوصاية الهاشمية الشرعية على القدس والمسجد الأقصى على الرغمِ من كل محاولات الاحتلال لتدنيسه وإغلاقه في وجه المصلين، وما زالت قبورُ شهداء الجيش العربي المصطفوي شاهدةً على تضحيات المرابطون في سبيل الدفاع عن أرض فلسطين ومسجدها الأقصى الذين عرفوا حقَ الله ﷻ في القدس فبذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله ﷻ لينالوا رضاه، وسيظل هؤلاء المرابطون عريناً للأبطال والشهداء، على مدى الزمان؛ لأن فيه الطائفةَ المنصورة إن شاءَ اللهُ ﷻ.

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على منْ لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

لم يكن رمضانُ عند الصحابة رضوان الله عليهم شهر ترفيه إنما شهر توجيه، ولم يكن رمضان شهر تسلية إنما شهرُ توعية.

ومن هنا لا بد من التأكيد على ربط جميع المسلمين بمقدساتهم ومبادئهم الراسخة وتذكيرهم بها حتى لا يتم طيها ونسيانها، وعلى جميع المسلمين في عموم العالم الإسلامي أن يتآزروا في الحفاظ على الهوية المقدسية سواء في جانب التعريف والتثقيف، أو في جانب التمويل والدعم لرباط المقدسيين والمشاريع المتعلقة بالإعمار الحسي والمعنوي، والصيانة الدائمة واللازمة لمقدساتنا، أو حتى في التأكيد على الدور الإسلامي الهاشمي في الوصاية دولياً وعالمياً على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية.

والحمد لله رب العالمين..

المزيد من الخطب المكتوبة عن شهر رمضان

اخترنا لكم من مكتبة الخطب بموقع المزيد.كوم بعضًا من الأروع؛ فما رأيكم بمعاينتها؟

بالتوفيق لكافَّة الزملاء الخُطباء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top