خطبة عن الكلمة الخبيثة.. والطيبة

تمت الكتابة بواسطة:

بين يديكم -أساتذتي الأئمة والخطباء- خطبة عن الكلمة الخبيثة -وكذلك- والطيبة. وقد اخترنا أن تكون الأولى هكذا، نظرًا لأن خطبة الجمعة قد تكون منصَبَّة تحديدًا عن هذا العنوان.

على أي حال؛ هذه خطبة عن الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة نوفرها لكم مكتوبة جاهزة؛ ويُمكنكم الاستعانة بأي فقرة -أو فقرات- منها، أو هي كما هي كاملة؛ الأمر يعود إليكم وعلى قدر استفادتكم من الخطبة.

مقدمة الخطبة

الحمد لله، الحمد لله حمدا يليق بجلاله وكماله؛ خلق الإنسان وعلمه البيان.

يا خالقي قلبي دعاك، وبكل خاطرة نجاك، هو لا يبالي بالحياة فحسبه فيها رضاك، هو لا يبالي بالممات فكفاه يا ربي لقاك، هو في الحياة وفي الممات دائما في حماك. يا صاحب الحمى ارحم عبدا ليس له في هذا الوجود إلاك.

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله؛ شمس الهداية، ونور العناية.

الشمس يسطع في النهار ضياؤها
ويغيب ضوء الشمس عند المغرب

لكن شمس محمد وضاءة
مر الزمان وجدتها لم تغرب

ما البدر في عليائها أنجم زهراء
ما نور ما بدا من كوكب

ما الشمس في كبد السماء ما نورها
إلا شعاع بن من نور النبي

اللهم صل على سيدنا محمد الحبيب الشفيع الرؤوف الرحيم الذي أخبر عن ربه الكريم أن لله ﷻ في كل نفس مائة ألف فرج قريب وسلم تسليماً كثيرا.

الخطبة الأولى

أما بعد؛ أيها المسلمون الكرام نعيش هذه الجمعة المباركة مع الكلمة الطيبة.

الكلمة عند العرب وفي الإسلام

والكلمة اهتم بها العرب قبل الإسلام فأقاموا لها سوقاً وكان يسمى بسوق عكاظ. كان يتبارى فيه الفصحاء والبلغاء والشعراء.

ثم جاء الإسلام وكانت المعجزة الكبرى لسيدنا رسول الله ﷺ وهي القرآن الكريم المكود من كلمات تحدى بها الفصحاء والبلغاء والشعراء.

وأكد الرسول ﷺ على أن الكلمة لها أثر كبير في النفوس فقال: «إنّ من البيان لسحرا».

أقسام الكلمة

والكلمة تنقسم إلى قسمين:

  • كلمة طيبة.
  • وكلمة خبيثة.

الكلمة الطيبة وثمارها الطيبة

فالكلمة الطيبة هي: ما كان من ذكر، أو دعاء، أو إصلاح بين الناس، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو صِدق، أو قول الحق. كل هذه كلمات طيبة، أو تسبيح، أو تهليل، أو صلاة على النبي ﷺ فهذه الكلمة لها ثمار طيبة تعود بالنفع على صاحبها في الحياة الدنيا وفي الآخرة. قال ﷻ: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾.

الكلمة الخبيثة

وبيَّن الله ﷻ أن الكلمة الخبيثة لا أساس لها ويجب أن تُجتث من الأرض فقال ﷻ: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ﴾. هكذا علمنا القرآن، وهكذا يجب أن نكون مع الكلمة الطيبة. ولكن قبل أن نعيش مع الكلمة الطيبة يجب أن نتعرف على الكلمة الخبيثة حتى نتجنبها، والتخلية مقدمة على التحلية ثم نعيش بعد ذلك مع الكلمة الطيبة الباقية الخالدة.

والكلمة الخبيثة ما كانت من سب، أو قذف، أو غيبة، أو نميمة، أو كذب، أو فتنة، أو شائعة كاذبة تدمر المجتمع وتسيء إلى الناس. والرسول ﷺ نهانا عن الكذب فقال عندما سئل في الحديث «أيكذب المؤمن يا رسول الله؟ قال لا، وقال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار». وقال ﷺ «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانا». وبين أن المسلم ليس بالّلعان ولا بالشّتام، ولا بزيء اللسان، فقال: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ، وَلا اللَّعَّانِ، وَلا الْفَاحِشِ، وَلا الْبَذِيء».

وأكد الرسول ﷺ على أن المسلم يجب أن يكون صادقاً أميناً عندما يتكلم أن يقول الخير وإلا سيُحاسب على كل كلمة يقولها. قال ﷻ: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾. وجاء سيدنا معاذ إلى سيدنا رسول الله ﷺ وأوصاه الرسول ﷺ بكف اللسان فقال له: «أوا نحن مؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ فقال ﷺ ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكبُ الناس في النار على مناخِرهم أو على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟».

هذه الكلمات الخبيثة يجب علينا أن نتجنبها، وأن نعيش مع الكلمة الطيبة التي تؤلف بين المجتمع، تؤلف بين الناس جميعاً مصداقاً والتزاماً لقول الله ﷻ: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. وأيضا مصداقا لحديث سيدنا رسول الله ﷺ الذي قال فيه: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ.».

هكذا بين لنا الرسول الكريم أن القول إما إن يكون قولاً طيبا، وإما أن يكون السكوت أولى. والكلمة الطيبة تخرج صاحبها من الغم والهم. قال ﷻ في قصة سيدنا يونس: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.

الكلمة الطيبة تنجي صاحبها

فالكلمة الطيبة تنجي صاحبها من الغم وتفتح له أبواب الخير والبركة، وخير الكلام ما كان من ذكر الله، ومن صلاة وسلام على سيدنا رسول الله. قال ﷺ «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ، وسُبْحانَ اللهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلأُ- ما بيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ، أوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُها، أوْ مُوبِقُها» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الطهور نصف الإيمان

فالطهور نصف الإيمان؛ لأن الصلاة لا تقبل بغير طهارة، وكذا المال المتصدق به لا يقبل إلا إذا كان طاهرا ومن حلال مصداقا لحديث سيدنا رسول الله «لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بغيرِ طُهُورٍ ولا صَدَقَةٌ مِن غُلُولٍ».

ثم بين بعد ذلك أن كلمة سبحان الله تملأ ميزان العبد بالثواب والأعمال الصالحة يوم القيامة، وأن سبحان والحمد لله تملآنِ أو تملأ ما بين السماء والأرض؛ أي أن ثواب هذه الكلمة يملأ ما بين السماء والأرض.

والصلاة نور، فالصلاة نور في وجه صاحبها في الدنيا، ونور له في قبره، ونور له على الحوض مصداقا لحديث سيدنا رسول الله «تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن آثَارِ الوُضُوءِ».

والصلاة نور لصاحبها على الصراط. والصبر ضياء فالصبر يضيء القلب بالإيمان؛ لأن الصبر نصف الإيمان كما قال سيدنا رسول الله ﷺ.

والصدقة برهان؛ أي دليل على صدق الإيمان، لأن النفس جُبلت على الشح فلا تتصدق ولا تنفق إلا إذا آمنت بالله وباليوم الآخر. والقرآن حجة لك أو عليك؛ أي أن القرآن يأتي يوم القيامة شاهدا لك أو عليك إن كنت عملت بما جاء في القرآن فهو شاهد لك، وإن كنت تركت العمل بما جاء في القرآن فسيكون شاهداً عليك.

كل الناس يغدو. كل الناس يعمل ويذهب، فمنهم من يبيع نفسه للشيطان بالشهوات والملذات فيوبق نفسه في النار. ومنهم من يبيع نفسه للرحمن بالطاعات والعبادات، فيعتق نفسه إلى جنان عرضها والأرض.

الكلمة في الأحاديث النبوية الشريفة

وأكد الرسول ﷺ على أهمية الكلمة، وعلي أنها تنفع صاحبها. وبين أن أفضل الكلام هي أربع كلمات كما جاء في الحديث «أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ».

وروت السنة عن سيدنا الله ﷺ عن عبد الله بن أوفى في الحديث الذي رواه عن رسول الله «جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: إنِّي لا أستَطيعُ أن آخذَ منَ القرآنِ شيئًا فعلِّمني ما يُجزئُني منهُ، قالَ: قُل: سُبحانَ اللَّهِ، والحمدُ للَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبرُ».

وروت السنة أيضاً أن «من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله غُفرت ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر».

الكلمة الطيبة في صحيح البخاري

ولأهمية الكلمة الطيبة نلحظ ملحظاً طيبا في صحيح الإمام البخاري؛ هذا الكتاب الذي استمر في تأليفه أكثر من ستة عشر عاما، وهو الجامع الصحيح للإمام البخاري -رضي الله عنه-، وهو أصحُ كتابٍ بعد كتاب الله ﷻ وتلقته الأمة بالقبول منذ القرن الثالث وإلى وقتنا الحاضر.

هذا الكتاب اشتمل على أكثر من تسعة آلاف حديث، ابتدأها بحديث «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ».

علينا أن نخلص النية لله

أكد على أن العمل لا بد  أن تصاحبه نية صادقة ومخلصة لله حتى يتقبل هذا العمل، وهذا إشارة لنا إلى أننا يجب علينا أن نصحح النية، وأن نُقبل على الله، وأن نخلص النية لله في وطننا، وفي عملنا، وفي أقوالنا في هذه الفترة التي تمر بها أمتنا الإسلامية وتمر بها مصرنا الغالية. يجب علينا تصحيح النية.

وبعد هذه الجولة مع الأحاديث التي استمرت أكثر من ستة عشر عاما وقد ختم هذا الكتاب بحديث الكلم الطيب. قال: قال ﷺ «كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ».

هكذا ختم البخاري هذا الكتاب العظيم بهذا الحديث الشريف ليؤكد على أهمية الكلمة الطيبة، وأنها تنفع صاحبها في الدنيا وفي الآخرة. وجاء رجل إلى سيدنا رسول الله ﷺ وقال له: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل فيه أحدا غيرك، فقال ﷺ: «قل آمنت بالله ثم استقم».

أو كما قال «التائب من الذنب كمن لا ذنب له». ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

ولا تفوتك: سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية.. خطبة جمعة مكتوبة بقوَّةٍ وبلاغة

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا كثيرا مباركا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله الرحمة المهداة والنعمة المسداة، فُتحت به أعين وارتفعت جباه وسعدت به دنيا واستقامت حياة.

اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد؛ أيها المسلمون الكرام نعيش هذه الجمعة المباركة في رحاب بيت من بيوت الله. قال ﷺ «النجوم أمانٌ لأهل السماء، وأهل بيتي أمانٌ لأمتي».

وتعلمنا في علم التوحيد كما يقول صاحب الجوهرة في الأزهر الشريف: وأثبتن للأوليا الكرامه … ومن نفاها فانبذن كلامهْ‎.

عباد الله اتقوا الله في عموم الأوقات، وأكثروا من الصلاة والسلام على سيد الأرض والسماوات. قال ﷻ تشريفا لقدر نبيكم وتنبيها لكم وتعليما: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

الدعاء

  • اللهم صل على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين أنك حميد مجيد.
  • اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعاء.
  • اللهم أمّنَا في أوطاننا.
  • اللهم اجعل هذا البلد أمانا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين.
  • اللهم وفق الراعي والرعية، وأيدهم بالبطانة الصالحة، ووفقهم للعمل الصالح الذي يُرضيك عنهم.

عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة.

هذه المبرَكة أيضًا لكم: خطبة جمعة قصيرة جدًا وسهلة.. بعنوان: من محمد رسول الله


الآن؛ وبعد هذه الخطبة المباركة التي حملت عنوان: خطبة عن الكلمة الخبيثة.. والطيبة. نسأل الله ﷻ أن ينتفع بها كل من قرأها، أو سمعها، أو شارك في نشرها.

وإذا أردتم مزيد اقتراحات؛ فأوصيكم بـ: خطبة عن حقوق الجار والإحسان إليه


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: