خطبة: أعمال قليلة وأجور عظيمة

خطبة جمعة قصيرة مكتوبة , أعمال قليلة وأجور عظيمة

نعم؛ هذا هو العنوان الذي قرأته أعلاه، والذي سيكون موضوع خطبة الجمعة هنا؛ وهو: أعمال قليلة وأجور عظيمة. وما أحوجنا إلى هذه النصائِح والعبادات والأعمال الصالحة التي نكسب من ورائها الأجور العظيمة هذه؛ فسنقف جميعًا أمام الله ﷻ آملين أن نجِد في سجلاتنا أكبر قدر ممكن من الحسنات والدرجات الصالحة.

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله، نحده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [سورة الأحزاب].

أما بعد: فإن أصدق الحديث: كتاب الله، وأحسن الهدي: هدي محمدٍ ﷺ، وشر الأمور: محدثاتها، وكل محدثة بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالةٌ

أيها المؤمنون! تنقوا ربكو واستعدوا للقائه؛ فإن الدنيا خيالٌ زائل، وظلٌ مائل؛ {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} [سورة الجمعة: الآية 8].

وأعظم ما تزود به العبد في دنياه، واستعد به للقاء ربه ومولاه: أن يكون من عباده المتقين.

الخطبة الأولى

اعلموا -يا عباد الله- أن الله ﷻ جعلنا في هذه الدنيا ليبتلينا أينا أحسن عملًا.

قال الله ﷻ: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [سورة الملك: الآية 2].

وقال ﷻ: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [سورة الكهف].

وإن أحسنية العمل التي وقع بها الابتلاء هو أن يكون عمل صالحًا.

قال ﷻ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [سورة المؤمنون: الآية 51].

والأمر لهم أمرٌ لأتباعهم من المؤمنين.

وقد وقع الوعد على ذلك؛ قال الله ﷻ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [سورة التغابن: الآية 9].

فالعبد مأمورٌ أن يكون عمله صالحًا، غير مأمورٍ بأن يكون عمله كثيرًا دون اعتبارٍ للصلاح؛ فالمعتبر الأعظم: صلاح العمل، لأكثرته.

فكثرة عملٍ غير صالحٍ لا تفيد العبد شيئًا؛ وإنما يفيده أن يكون عمله صالحًا ولو قل.

ولهذا؛ حثت الشريعة على أن تكون الأعمال صالحة وإن كانت قليلة، ورتبت الأجور الجليلة على الأعمال القليلة.

فالعمل الصالح وإن قل أعظم جزاءً، وأوفر خيرًا، وأعظم نفعًا للعبد في الدنيا والآخرة.

فلا يحفل أحدٌ بعمله- ولا بعمل غيره- أن يكون كثيرًا؛ فالشأن: أن يكون العمل صالحًا وإن قل.

ولهذا؛ جاء في خبر الشريعة أعمالٌ قليلةٌ كثيرةٌ مع جلالة أجورها؛ ترسيخًا.

لهذا الأصل في النفوس؛ بأن تتحرى العمل الصالح وإن قل.

فإن النبي ﷺ قال يومًا لأصحابه: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟!»، فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك ي رسول الله؟!

فقال ﷺ: «(الله الواحد الصمد) ثلث القرآن»[1].

فأخبر النبي ﷺ أن قراءة هذه السورة القصيرة ذات الآيات القليلة في ليلة تعدل قراءة ثلث القرآن؛ وهذا عملٌ قليل، ولكن الأجر عليه جليل، وإنما وقع كذلك لأنه عمل صالح.

فتحروا-رحمكم الله- في أعمالكم أن تكون صالحة وإن قلت.

وصلاحها: بأن تكون لله ﷻ إخلاصًا وتوحيدًا، وأن تكون على سنة النبي ﷺ اتباعًا وتصديقًا.

فإذا أراد أحدنا أن يصيب عملًا صالحا فليتحر فيه الإخلاص لله ﷻ؛ بأن يعمله ابتغاء وجهه، لا يريد بذلك من أحد من الخلق جزاء ولا شكورًا، ولا يجعله لغير الله ﷻ.

وكذلك يتحرى أن يكون فيه متبعًا النبي ﷺ، آتيًا به على الوجه الذي يوافق الهدي الذي كان عليه.

فمتى كان العمل خالصًا لله، متابعًا فيه هدي النبي ﷺ = فإنه يكون عملًا صالحًا، ويعظم أجره وجزاؤه وإن قليلًا.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

وهنا: واسجد واقترب – خطبة جميلة وبسيطة

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا حمدًا، والشكر له تواليًا وتترًا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

اللهم صل على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ.

أما بعد: أيها المؤمنون! علمتم فيما علمتم في الخطبة المتقدمة أن المراد من أعمالنا لله: أن تكون صالحة.

ومن جملة ذلك: ما جاء في الخبر المتقدم ذكره عن النبي ﷺ في بيان عمل صالح؛ وهو قراءة سورة الإخلاص في الليل.

وقد قال النبي ﷺ لما ذكره: «(الله الواحد الصمد) ثلث القرآن»[2]؛ أي فضلًا وأجرًا وجزاء؛ وذلك من سعة فضل الله ﷻ، وعظيم

امتنانه على هذه الأمة: أنها تعمل قليلًا، وتؤجر كثيرًا.

قال الله ﷻ: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [سورة الحديد: الآية 21].

فتحروا -رحمكم الله- ما جعل الله لكم من الفضل من الأعمال الصالحة المبينة أجورها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وخذوا بها مع الإخلاص لله والتباع لرسوله ﷺ يصدقكم الله وعده؛ في قوله ﷻ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [سورة الطلاق: الآية 11].

وهذه: خطبة عن الجهاد في سبيل الله

الدعاء

  • اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
  • اللهم إنا نسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.
  • اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من عبادك الراشدين.
  • اللهم فرج كروب المكروبين، ونفس هموم المهمومين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضنا ومرضانا ومرضى المسلمين.
  • اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، ارزقه البطانة الناصحة الصالحة، وجنبه بطانة السوء

وأقِـم الصَّـلاة..

وخِتامًا يا إخواني؛ قدَّمت لكم أعلاه خطبة جمعة قصيرة، مكتوبة؛ بعنوان: أعمال قليلة وأجور عظيمة. والتي ألقاها الشيخ الدكتور صالح عبدالله بن حمد العصيمي -غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين-؛ وهذه أيضًا خطبة عن لا حول ولا قوة إلا بالله.. قصص وفضائل الحوقلة؛ نفعني الله وإياكم بكل هذه الخطب والدروس والمحاضرات الدينية الطيبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top