تقييم أداء الدعوة

النجاح المستمر يتطلب التقييم لنعرف مواطن النقص أو الخلل حتى نزيلها من أمام طريق الدعوة.. حتى لا تتعثر، والصدع بالصراحة خير من السكوت عن الواقع المهلهل.

العلم: أين نحن من حلقات تعليم العقيدة والقرآن والسنة وغيرها من العلوم الشرعية؟! أين المشايخ والتحلق عندهم والسفر إليهم لننهل من معين الوحي الصافي؟! وأين الشباب المتحمسون لطلب العلم لاستغلال أمثل للوقت؟!

الاهتمام بأجيال الدعاة: لا شك أن هناك مناطق – وهي قليلة – تهتم بتربية الشباب من الجنسين وإعدادهم لإخراجهم بصورة محصنة، ومبنية على بنيان متين، يسر الناظرين ويبشر بالخير لحاضر الدعوة إلى الله ﷻ ومستقبلها، ولكن غالبية المناطق تشتكي من الرتابة والإهمال وعدم التفنن في كسب الشباب ووضعهم في بيئة خصبة متعلمة تشق طريقها إلى العلياء.

تهذيب العلاقات بين القائمين على العمل: فتجد الانسجام بين المتطوعين في العمل الخيري والتعاون والتآلف والمحبة. والشعور بالعدل يكثف العطاء والتناصح فيما بينهم فضلاً عن العمل ضمن منظومة يتكامل فيها جميع الأفراد، قال الغزالي: «إن النفس لها قرب وبعد، فقربها بقدر العلوم وتحصيل الفضائل، وبعدها بالجهل وتحصيل الرذائل».

بناء العطاء على الإخلاص في أداء الواجبات والمسؤوليات وليس المال والتعلق به حتى يصبح: {فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون} بل الكل على ثغر ويعمل لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

وما يتعلق بالعمل نحو الرقابة الذاتية فقد أعجبني موقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مع الأحنف بن قيس لما قدم عليه في يوم صائف شديد الحر، وكان عمر -رضي الله عنه- يرعى بعيرا عن إبل الصدقة فقال: «يا أحنف ضع ثيابك، وهلم فأعن أمير المؤمنين على هذا البعير، فإنه لمن إبل الصدقة، فيه حق لليتيم والمسكين والأرملة». فقال رجل من القوم: «يغفر الله لك يا أمير المؤمنين، فهلا تأمر عبدا من عبيد الصدقة فيكفيك هذا؟» قال عمر: «وأي عبد هو أعبد مني ومن الأحنف، إنه من ولي أمر المسلمين، فهو عبد من المسلمين، يجب عليه لهم مثل ما يجب على العبد لسيده من النصيحة وأداء الأمانة».

إتقان الأعمال والمهام لحديث: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» حسنه الألباني في صحيح الجامع.

فالداعية الموظف هو واجهة للمكان، عليه الإحسان إلى الناس والصبر عليهم والمعاملة الكريمة معهم وهكذا.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإعلاء كلمة الإسلام والتوعية الدينية لدى الناس وإظهار محاسن الإسلام والعدل مع الآخرين. فهذا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يجد درعا عند نصراني، فيقبل به إلى شريح ليتحاكما عنده! قال علي: «هذه درعي». فقال النصراني: «ما هي إلا درعي، ولم يكذب أمير المؤمنين؟» فقال شريح لعلي: ألك بينة؟ قال: لا وهو يضحك، فأخذ النصراني الدرع ومشى يسيرا، ثم عاد وقال: أشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه وقاضيه يقضي عليه». ثم أسلم واعترف بأن الدرع سقطت من علي عند مسيره إلى صفين ففرح علي بإسلامه، ووهب له الدرع وفرسا.

العمل بالترفيه لإدخال السرور عليهم وكسبهم فهذا مباح ومطلوب لتقارب القلوب وتصفية النفوس.

مواجهة الأزمات: كل من يعمل يواجه أزمة ويحتاج إلى من يعينه من إخوانه من أهل الاختصاص بالطرق المشروعة والمتاحة ودرء المفاسد ومعالجة الشدائد وتقليل الخسائر وتقديم العون للعيش الكريم ورفع الحرج عنهم.

الإسهام في تنمية المجتمع بتقديم حلول لمشكلات أو تلبية الحاجات التنموية أو سد باب الفقراء وقبول الأوامر الشرعية المتعلقة بتنظيم الصدقات. فهذا عبدالرحمن بن عوف -رضي الله عنه- «ثلث يقرض أهل المدينة، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثا» وقد أعتق ثلاثين ألف بيت.

مواجهة التيارات الفكرية المنحرفة بالحكمة والموعظة الحسنة، والذب عن الدين والتحذير من الافتراق بل بذل كل المحاولات لتوحيد صف أصحاب العقيدة وكسر جليد الخلافات ومد جسور التعاون والابتعاد عن الأمور الشخصية؛ لأن التعاون سيؤدي إلى الترابط والقوة وازدهار الحركة العلمية والدعوية في المجتمع.

ورسول الله ﷺ خرج وساروا معه نحو مكة، حتى إذا كانوا بشعب الخوار من الجحفة اغتسل سهل ابن حنيف، وكان رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة!! فلبط سهل فأتى رسول الله ﷺ فقيل له: يا رسول الله هل لك ما يرفع رأسه وما يفيق؟ قال: «هل تتهمون فيه من أحد؟» قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله ﷺ عامراً فتغيظ عليه وقال: «عام يقتل أحدكم أخاه؟! هلا إذا رأيت ما يعجبك برّكت «ثم قال له: «اغتسل له» فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاده في قدح. ثم يكفأ القدح وراءه، ففعل به ذلك؛ فراح سهل مع الناس ليس به بأس.

وروي البزار عن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ قال: «أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس» قال البزار: يعني وقالت أسماء بنت عميس للنبي ﷺ يا رسول الله إن بني بالعين، جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم؟» قال: «نعم فلو كان سيء يسبق القدر لسبقته العين».

العلم الحديث يثبت الحسد

لقد تكلم العلماء في عصرنا عن أشعة غير مرئية تخرج من عين الحاسد فتصيب من يحسده، وآخر ما أمكن للعلم أن يصل إليه في هذا الشأن ما أعلنته الجامعات ومعاهد العلم من أن العين تخرج منها أشعة تستطيع التأثير عن بعد في الماديات.

وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفعون أمر العين ولا ينكرونه، فقالت طائفة: إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة انبعثت من عينه قوه سمية تتصل بالمعين (المحسود) فيتضرر.

— أنفال اليعقوب

مسؤولية الصحافة الإسلامية في ترشيد مسيرة الصحوة

لم يعد هناك مجال للشك في وجود صحوة إسلامية متنامية في مجتمعاتنا المعاصرة. ونقصد بالصحوة تزايد الالتزام الديني بين أفراد المجتمعات المسلمة، وخصوصا في صفوف الشباب، ومن جهة أخرى نقصد بالصحوة تنامي الشعور الجماعي بين المسلمين في مختلف أنحاء العالم بضرورة تأكيد هويتهم الإسلامية وترسيخ معالمها في واقعهم.

ويمكننا أن نلاحظ تزايد الاتجاه نحو الالتزام الفردي بتوجيهات الدين وخصوصا بين الشباب في مظهرين أساسيين، أولهما تزايد الطلب على المعرفة الإسلامية مما نتج عنه تنشيط القوات التي تستقي منها هذه المعرفة، كمنابر المساجد وحلقات العلماء ومحاضرات الدعاة وندواتهم الدينية وأشرطتهم الإسلامية. كما تنامى اهتمام وسائل النشر والإعلام من كتب وصحف ومجلات ووسائل إذاعية وتلفزيونية بالمادة الإسلامية.

أما المظهر الآخر لتزايد الالتزام الفردي فيتمثل في اتجاه الأفراد إلى مزيد من التطبيق العملي لتوجيهات الإسلام في حياتهم الخاصة والعامة كالإقبال على المساجد والإكثار من الطاعات والتحرز من المحرمات وزيادة الوعي بقضايا الدين والاهتمام بشؤون المسلمين في كل مكان.

ويمكننا أن نلاحظ الاتجاه المتنامي نحو الالتزام بالإسلام على المستوى الجماعي بين المسلمين في مظاهر عدة من أهمها: تدفق الشعور الجماعي بضرورة التمسك بالهوية الإسلامية، وارتفاع الدعوات إلى تطبيق الشريعة الإسلامية والمطالبة بإعادة صياغة اتجاهات الأمة نحو مزيد من التميز الحضاري وإقامة المؤسسات الإسلامية، وبلورة مواقف واضحة من القضايا المثارة على الساحة الدولية نابعة من المنظور الإسلامي.

إن هذه الظاهرة التي نطلق عليها الصحوة الإسلامية هي ظاهرة طبيعية وصحية في حياة الأمة. فهي تحقيق لوعد الله ﷻ بأن تبقى طائفة من الأمة منصورة لتكون شاهدة على الناس. وهي تعبير عن رغبة المسلمين في أن يعيشوا في ظل تعاليم دينهم وأن يحكموا بالإسلام بعد أن أفلست المبادئ والنظم والشعارات الوضعية التي غررت بكثير من المسلمين حينا من الدهر. وهي انتصار الإسلام وعودته إلى القيادة في حياة المسلمين أولا ثم قيادة ركب البشرية التائهة بعد ذلك.

قال ﷻ: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا}.

— دلال محمد المزيد

بقلم: د. بسام خضر الشطي

أضف تعليق

error: