أنواع الرأي العام «هنا وهناك»

فرق شاسع بين عبارة «الرأي العام» في المجتمعات السلطوية وذات الكلمة في المجتمعات الديمقراطية، فحين لا تعني شيئا سوى توجيه المجتمع إلى الرأي الذي يريده المستفيد في المجتمعات الأولى، فهي تعني «الرأي الغالب على الفئة الفاعلة» في المجتمعات الثانية!

«الرأي العام» العبارة التي يعتبرها «توماس كارليل» الكاتب والمؤرخ الأسكتلندي الكذبة الأكبر في التاريخ، وذلك حين يساء استخدامها، فيتم تبرير الممارسات التي لا يوافق عليها أحد بأنها جاءت استجابة للرأي العام!

في الثورات العربية التي حدثت أخيرا، تم استهلاك كلمة «الرأي العام» حتى آخر قطرة، منها من قبل وسائل الإعلام التابعة للأنظمة البائدة في محاولة لإيهام الأكثرية التي خرجت بأنها ليست سوى أقلية لا يعبأ بها، ولمحاولة ثني الفئة التي لم تخرج بعد، تم استهلاك هذه الكلمة حتى فقدت مصداقيتها وأصبحت أضحوكة يتندر بها ويعمل بعكسها، بل وأصبحت من أدوات كشف الكذب التي تكشف لتلك الشعوب يوما بعد آخر صحة ما قامت به!

ولأن التطوير يشهد كل شيء من حولنا، فحتى عبارة «الرأي العام» شملها ذات التطوير، فما عادت تأتي بصيغة كتابية بحتة، بل أصبحت النسخ الحديثة منها تأتي على شكل «صورة» مررت على أكثر معامل «الفوتوشوب» دهاء ومكرا قبل أن تخرج للجماهير! صارت تحضر بصيغة «استفتاء» لا يشارك فيه أحد، ثم يشاهد الشارع في اليوم التالي نسبا تتجاوز الـ 90 %! أضحت تجيء على صبغة «إحصاءات، دراسات، مشاهدات» لم تدرس ولم تحص أو تشاهد أحدا!

«الرأي العام» يجب أن يكون حقا رصدا لآراء الناس وتطلعاتهم وآمالهم حول المسائل التي تلامسهم، يجب أن يكون الحكم الصادر من الجماهير هو القضايا والحوادث والمستجدات التي تحدث في محيطهم، يجب عدم المساس بـ«الرأي العام» حتى لا يفقد يوما مصداقيته، ليصبح تعريفه الأكثر صدقا «هو الرأي المخالف للرأي العام»!

بقلم: ماجد بن رائف

هل هذا المقال ينال إعجابك؟: الإعلام الرياضي السعودي.. بين التغريد والتهريج

أضف تعليق

error: