التغذية الصحية والسيطرة على مرض السيلياك

صورة , حساسية القمح , مرض السيلياك
حساسية القمح

ما هو مرض السيلياك؟

عادةً ما يطلق على مرض السيلياك اسم حساسية القمح، وهو مُسمى خاطيء، لأن حساسية القمح تختص بالقمح وحده.

لكن السيلياك هو مرض مناعي وراثي ينشأ عن بروتين الجيلوتين الموجود في القمح وغيره من الحبوب مثل الجودر والشعير، لكن إنتشاره بمُسمى حساسية القمح لكثرة إستخدامه في العالم كله مع كافة المخبوزات والمعجنات.

ولا تدل كلمة وراثي على إنتقاله بين الأجيال المتعاقبة، لكنها تدل على خلل يحدث بسبب بعض العوامل الوراثية، هذه العوامل التي تؤثر مباشرةً في غياب الإنزيم الهاضم لهذا النوع من البروتين.

ما هي آلية عمل مرض السيلياك داخل جسم الإنسان؟

أشارت أ/ حنان إلى أن الغذاء يمر بمجموعة من العمليات منذ تخطيه الفم وحتى خروج الفضلات. وحال مرور الأغذية المحتوية على بروتين الجيلوتين مثل القمح والشعير في الأمعاء الدقيقة تحدث عمليات إمتصاص لبعض العناصر.

والأمعاء الدقيقة تحتوي على أهداب منوط بها عملية الإمتصاص تلك، وهذه الأهداب يتم تجديدها كل فترة زمنية تلقائيًا.

والحاصل عند مرضى السيلياك هو موت هذه الأهداب مع بقاءها مكانها، فيتحول سطح الأمعاء الداخلي من سطح مُهدب إلى سطح زَلِق، لذلك اتجه الكثيرون لتسميته بالداء الزِلاقي، نظرًا لإنزلاق كل الأغذية التي تمر من خلال الأمعاء الدقيقة دون إستفادة الجسم من أي من عناصرها الغذائية.

وطبقًا لهذه الآلية كان أشهر عَرَض لمريض السيلياك هو الإسهال، لأن الأغذية تخرج بسرعة وبنفس كميات الماء التي تحتويها دون إمتصاص.

من أكثر الأشخاص عُرضة للإصابة بمرض السيلياك؟

في السابق تم الربط بين الإصابة بالسيلياك وبين الأطفال فقط، كذلك تم ربط الإصابة به بالجنسيات الأوروبية أكثر من الجنسيات العربية. إلا أن جديد البحث والدراسة والمُشاهدات الواقعية في العيادات أثبتت عدم إرتباط الإصابة بجنس معين أو فئة عمرية معينة أو جنسيات دول بعينها، فهو مرض وارد الإصابة به لأي من البشر جميعًا.

وجدير بالذكر أن النصيحة الأبرز للأمهات فيما يتعلق بمرض السيلياك هي عدم إطعام الطفل منتجات القمح قبل إكمال عامه الأول، للتَوَثُق من إكتمال نمو جهازه الهضمي، وتجنب خطر الإصابة بالمرض.

ونذكُر أيضًا أن بعض الأمراض المزمنة تعتبر من العوامل المحفزة للإصابة بالسيلياك، مثل مرض السكري وبخاصة من النوع الأول. كذلك بعض المتلازمات الوراثية مثل متلازمة داون. أما أصحاب مرض التوحد عادةً لا تتم إصابتهم بالسيلياك، لكن إتباعهم لحمية غذائية خالية من الجيلوتين مشابهه لحمية مرض السيلياك قد تكون مفيدة لهم صحيًا.

هل ينتشر السيلياك في المنطقة العربية؟

أكدت “أ. حنان. أنه لا ننكر أن الإحصائيات الرسمية عن مرض السيلياك ومُصابيه شحيحة جدًا وغير دقيقة في العالم العربي بوجه عام. كذلك مستوى الوعي الصحي بالمرض وأعراضه وطرق التعايش معه في مستويات متدنية جدًا. لكن طبقًا لآخر إحصائية رسمية في المملكة العربية السعودية فإن نسبة الإصابة 2.2، وهذه نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بالولايات المتحدة الأمريكية، التي تُشير إحصائياتها إلى نسبة إصابة 1.0.

كذلك أشارت الإحصائية إلى أن نسبة الإصابة في الرياض أعلى من غيرها من المدن السعودية، وقد يرجع ذلك إلى إرتفاع مستوى الوعي لدى قاطني الرياض، إلى جانب وجود الإمكانيات الطبية الأحدث، وبالتالي التشخيص الأسرع للمرض، لأن مرض السيلياك يأخذ من 4 إلى 5 سنوات لتأكيد تشخيصه، لأن أعراضه تتشابه كثيرًا مع أمراض أخرى، وبعد إستبعاد هذه الأمراض بالتوالي يكون الحل الأخير هو إجراء تحليل السيلياك.
وأخيرًا، إذا سلمنا بدقة هذه الإحصائية، فهذا معناه أن النسب مرتفعة، خاصةً إذا أُضيف لها الحالات التي لم يتم إكتشافها بعد.

ما هي أعراض الإصابة بالسيلياك؟

يجب التأكيد على أن أمراض الجهاز الهضمي غالبًا ما تتشابه أعراضها، والأعراض العامة الأكثر إنتشارًا لمرض السيلياك تتشابه كثيرًا مع أعراض

وأمراض تُصيب القولون، ومن الأعراض الظاهرة للسيلياك:
• الإسهال، أو الإمساك، أو ما بينهما.
الإنتفاخ.
• الألم والغثيان عند تناول الوجبات، وبخاصة المحتوية على مصدر لبروتين الجيلوتين.

ثم تأتي بعد ذلك الأعراض الغير ظاهرة نوعًا ما، مثل:
• مشكلات الإصابة بهشاشة العظام.
• آلام الأقدام.
• انتشار البثور على الجلد.
• النحافة الشديدة، أو السمنة الشديدة.
• مشكلات الغدة الدرقية.
• الإصابة بالصداع.

وعند الأطفال تظهر أعراض:
• ضعف النمو.
• إنتفاخ المعدة وبروزها للأمام للحد الذي يجد فيه الطفل صعوبة في المشي.

كيف يتم تشخيص الإصابة بالسيلياك؟

أشارت “أ. حنان” إلى أن مرض السيلياك له تحاليله الطبية الخاصة، ولتشخيصه يتم عمل إجرائين أساسيين، هما:
تحاليل دم خاصة بالمرض.
المنظار: حيث يتم أخذ عينة من الأمعاء الدقيقة، وتحليلها.

ما أبرز طرق علاج السيلياك؟

مرض السيلياك من الأمراض التي تعتمد في علاجها على الغذاء بشكل كامل، فرغم إحتياج المريض لبعض المكملات الغذائية والفيتامينات، إلا أن العلاج الأول للمريض هو طعامه.

وحساسية السيلياك تختلف في شدتها من الحساسية المختفية والظاهرة والشديدة جدًا. وأصحاب حساسية السيلياك الشديدة قد يتسبب مجرد طهي وجباتهم في أواني تم إستخدامها لطهي مأكولات تحتوي على مصادر الجيلوتين في نشاط الحساسية عندهم وإشتداد أعراضها.

وحمية السيلياك عبارة عن نظام غذائي يتم فيه إستبدال كل مصادر بروتين الجيلوتين بأغذية أخرى، فبدلًا من دقيق القمح والشعير يتم إستخدام دقيق الأرز والذرة والصويا.

وتتمثل الصعوبة في الحصول على منتجات حمية السيلياك، وإن اختلف الأمر كثيرًا عن السابق، إلا أنه مازالت لا توجد أماكن مخصصة لمنتجات الحمية، وإن وجدت المنتجات فستكون بأثمان باهظة جدًا لأن غالبيتها مستورد من خارج البلاد العربية.

ما أصناف الأطعمة التي يتوجب على مريض السيلياك الإبتعاد عنها؟

كما سبق وأن ذكرنا، أن القمح ليس المصدر الوحيد لبروتين الجيلوتين، لأنه موجود في حبوب أخرى مثل الشعير والجودر. كذلك يدخل الجيلوتين في مُصنعات غذائية كثيرة، مثل الشيكولاتة وبعض الحلويات الذي يدخل الجيلوتين في تصنيعها لإعطاءها القوام المطلوب، أيضًا يدخل في نشا الذرة (الذرة نفسها خالية من الجيلوتين، ولكن تتم إضافته لتصنيع النشا منها). بعض اللحوم المُصنعة الباردة مثل الهوت دوغ والسوسيس والهامبورجر… إلخ يدخل الجيلوتين في صناعتها.

ويمكننا القول أن الحمية الغذائية الخاصة بمرضى السيلياك، ليس شرطًا أن تكون من غير القمح أو الشعير، لكن المهم أن تكون منزوعة الجيلوتين، حتى وإن كان القمح واحد من مكوناتها، فيكون القمح منزوع الجيلوتين.

ونتطرق هنا إلى إشكالية ثانية يعاني منها أصحاب الحساسية المرتفعة والمتوسطة، وهي معاناتهم مع إستخدام بعض منتجات مستحضرات التجميل والمستحضرات المُرطبة للجلد، لأنها غالبًا ما تحتوي على الجيلوتين، وبالتالي تحسسهم منها. والتيقن من وجود الجيلوتين أو عدمه في مثل هذه المنتجات من الصعوبة بمكان، الأمر الذي حث الكثير من المجموعات التطوعية في الوطن العربي على محاولة تأكيد خلو بعض المنتجات المنتشرة بالأسواق من الجيلوتين بالتحليل المعملي، وبعضهم راسل الشركات المُصَنِعة لتوفير قاعدة بيانات للمواد الداخلة في تصنيع كل منتج.

الإشكالية الثالثة التي يعاني منها مرضى السيلياك نابعة من المحيطين بهم خصوصًا في التجمعات العائلية والمناسبات بالضغط عليهم لتناول الأطعمة العادية، على غير استيعاب منهم أن إطاعتهم في هذا التصرف سيجلب وبال الحساسية وأعراضها، فيضطر المريض مع كل مناسبة إجتماعية أن يشرح مرضه وأعراضه وتوابع عدم الإلتزام بحميته، وهي من الأمور الشاقة والمُجهدة نفسيًا وبدنيًا.

وتنتج هذه السلوكيات الغير واعية من مُحيطي مرضى السيلياك عن قلة الثقافة الصحية بالمرض، لأن مريض السيلياك حتى وإن اختفت أعراض المرض تمامًا ولفترة زمنية لن يستطيع تناول الأطعمة العادية ومصادر الجيلوتين مدى حياته ولو حتى بنسبة بسيطة، لأن اختفاء العرض لا يعني التعافي من المرض، ولكن يعني استقرار الحالة المرضية نتيجة للإبتعاد عن مسببات الحساسية.

ما هو الجيلوتين؟

الجيلوتين هو البروتين الأساسي الموجود في القمح والشعير والجودر، وغياب بروتين الجيلوتين في جسم الإنسان يتسبب في إصابته بنقص ببعض العناصر الغذائية (وهو ما يعاني منه مريض السيلياك، لأنه يبتعد عن الجيلوتين، وبالتالي تنقص هذه العناصر في جسمه) مثل:
• نقص فيتامينات B، لأن مصدرها الأساسي هو القمح.
• نقص فيتامين D.
• نقص بعض المعادن مثل الزنك والحديد.

هل يُشترط تدوين كل مكونات المنتج الغذائي عليه؟

كأخصائيون في التغذية نُطالب بذلك ونُشدد عليه، لكنه لا يحدث على الدوام خاصةً مع المنتجات العربية. لذلك نُطالب بتدوين كل المكونات الداخلة في التصنيع وكذلك تدوين مدى أمان المنتج لمُصابي الكثير من الأمراض الوراثية والمزمنة وأمراض الحساسية التي تحتاج لحميات خاصة خالية من بعض العناصر الغذائية.

ما حد الوعي الصحي بمرض السيلياك؟

مازال الوعي منخفض على كثير من الأصعدة الطبية والصناعية والمجتمعية، ومازالت المُطالبات كثيرة بالعديد من الإجراءات المجتمعية والتصنيعية والحكومية الخاصة بمرضى السيلياك، ومازال المرضى يبحثون عن خيارات أكثر وأقل في التكلفة المادية وأكثر أمانًا من التلوث بالجيلوتين للمنتجات الغذائية التي يستطيعون تناولها.

أخصائي التغذية منوط به وضع وتنفيذ البرامج التوعوية للمتخصصين الطبيين، وللمرضى أنفسهم وعائلاتهم، ولأفراد المجتمع عامةً.

والدور الثاني يكون مع المرضى المصابين بوضع برنامج الحمية الغذائية، ومتابعة تنفيذه، وتيسير الوصول للمنتجات الآمنة من الجيلوتين بالإرشاد إلى منافذ البيع. إلى جانب الإرشاد النفسي، والتخلص من الآثار النفسية للسيلياك على المرضى وخصوصًا إذا كانوا من الأطفال. وهذا الدور لأخصائي التغذية يحتاج وقت طويل للتخطيط والتنفيذ والمتابعة، لأنه مرض مزمن، وليس له علاج قاطع بشفاءه.

أضف تعليق

error: