أنواع الظلم الثلاثة

أنواع الظلم الثلاثة

قد يُسأل؛ لا نعرف للظلم إلا نوعا واحدا. فنقول أن العلماء -رحمهم الله- قسَّموا الظلمة إلى ثلاثة أقسام. وسنُبيّن أنواع الظلم الثلاثة هذه في هذا المقال وفقًا لأقوال أهل العلم.

أنواع الظلم

  1. الظلم الذي يكون بين العبد وبين الله ﷻ: كيف هذا؟ يكون بالشِّرك. إذا أشرك الإنسان بالله فإنه ظلم نفسه. لماذا؟ لأنه ظلم نفسه، لأن هذه النفس ستذهب إلى نار جهنم لأنه أشرك بالله.
  2. ظلم العبد للناس: وهذا النوع كثير من الناس يشتكي منه ويقع فيه. خاصة من المسلمين مع كل أسف. كم من الناس أخذ حق أخيه المسلم بغير وجه حق؟ كم من الناس اغتاب أخاه المسلم في ظهر الغيب؟ كم من الناس نَمّ أخاه في الغيب وذهب يحارش بينه وبين الناس؟ هذه كلها من ظلم المسلم لأخيه المسلم.
  3. ظلم العبد لنفسه بالمعاصي والآثام الذنوب: هذه النفس التي بين جنبات كل واحد منا هي وديعة أودعها الله ﷻ بين جنبتنا. بعض الناس إذا فعل ذنبا وقلت له: اتق الله. قال: أنا حر. لا يا أخي لست حرا، فهذه النفس وديعة وأمانة أودعها الله ﷻ إياك. يظلم نفسه بالمعاصي والذنوب والآثام ثم بهذا الظلم يوردها النار والعياذ بالله.

فهذه أنواع الظلم الثلاثة يجب علينا أن نحذر منها كامل الحذر. لأن الظلم -كما قلنا- كبيرة من كبائر الذنوب ويكفي أن الله -جل في علاه- حرَّم الظلم على نفسه. يكفي هذا.

قصص مبكية عن الظلم

يقولون في السابق -في تلك العصور التي انصرمت- أن هناك عجوزا فقيرة، مسكينة. وكان لهذه العجوز مزرعة. لا تملك إلا هذه المزرعة، تأكل منها قوت يومها يوميا.

وكان هناك وزيرًا يقال له ابن الفرات. وهذا الوزير ظالم متسلط جبَّار، يأخذ حقوق الناس بغير وجه حق.

فدخل مزرعة العجوز، فأُجب بتلك المزرعة وما فيها من الخيرات. فقال: المزرعة مزرعتي.

هي مسكينة ولا تستطيع الدفاع، وهذا في منصب. قد ولَّاه أمير المؤمنين منصبا وائتمنه عليه، لكنه خانه. فقال: المزرعة مزرعتي. قالت: يا ابن الفرات اتق الله. كيف أصبحت مزرعتك وهي مزرعتي؟ قال: ليس لكِ كلام عندي. المزرعة مزرعتي، اذهبي. قالت العجوز المسكينة: والله لأدعونّ عليك الله ﷻ. قال هذا الوزير الظالم المتسلط -مستهزئا بالدعاء-: عليكِ بالثلث الأخير من الليل.

أَتَهزَأُ بِالدُعاءِ وَتَزدَريهِ — وَما تَدري بِما صَنَعَ الدُّعاءُ
سِهامُ اللَيلِ لا تُخطِي وَلَكِن — لَها أَمَدٌ وَلِلأَمَدِ اِنقِضاءُ

فذهبت المرأة العجوز ووضعت سجادتها في آخر الليل. وتدعو وتطلب الله ﷻ المنتقم العزيز الجبار الذي حرَّم الظلم على نفسه. وتدعو الله ﷻ في الثلث الأخير من الليل: اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم ابن الفرات.

يقول العلماء: شهرا كاملا بالتمام والكمال، ويأتي الفرج من القريب الرحمن ﷻ.

استجاب الله ﷻ لهذه المرأة المسكينة المظلومة بعد أن دعت الله ﷻ شهرا كاملا.

وبعد أن استجاب الله ﷻ لهذه المرأة، أمر الخليفة العباسي القاهر وزيره بأن يأتيه. أرسل له خطاب استدعاء. فجاء الوزير إلى وليّ أمره وأمير المؤمنين، فقال ما تريد يا أمير المؤمنين؟ خيرًا -إن شاء الله-.   قال الخليفة: الجمعة التي ستأتي تقطع يدك. والجمعة التي تليها تقطع رقبتك.

ما السبب؟ ما الخبر؟ قال له: هذا ليس من شأنك.

من الذي أرسل الخليفة؟ إنه الله ﷻ.

فأتت الجمعة الأولى فقطعت يد الوزير. ثم جاء موعد القصاص والانتقام من الله لهذه المرأة المظلومة والعجوز المسكينة. فبينما يسير به الجنود إلى ساحة القصاص، مرَّت بي العجوز وقالت: جزاك الله خيرا على أن دللتني إلى شفاء عاجل. أنت كنت مستهزئا بالدعاء، فالله ﷻ استجاب لي.

ثم ذهبوا به وقطع رأسه.

الله ﷻ ينتقم للمسكين وللمظلوم ولو بعد حين. ثم أن ذهبوا به إلى ساحة القصاص قالت العجوز له:

إذا جار الوزير وكاتباه — وقاضي الأرض أجحف في القضاءِ
فويل ثم ويل ثم ويل — لقاضي الأرض من قاضي السماءِ

وهذه نهاية الظالمين؛ كل ظالم، وكل متسلط على حقوق الناس بغير وجه حق. نهايته مؤلمة ولو بعد حين. لأن المنتقم هو الله ﷻ.

وفي حديث عن الظلم والظالمين؛ يقول النبي ﷺ «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»، والحديث في صحيح مسلم.

وفي الحديث أيضًا «إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته». والحديث في صحيح البخاري.

الله ﷻ يعطي للظالم فرصة ثانية وثالثة عسى أن يفكر بعقله ويعرف خطورة الظلم. ولكن المحروم محروم والظالم سيأخذ حقه في الدنيا قبل الآخرة.

أضف تعليق

error: