خطبة عن الزكاة وفوائدها «مكتوبة»

خطبة عن الزكاة وفوائدها

ستكون بين يديك الآن خطبة عن الزكاة وفوائدها وفضلها وأثرها الطيّب النافع في حياة المسلم والمجتمع. الخطبة مكتوبة ومُعنصَرة ومُقسَّمة لمقدمة وخطبة أولى وثانية، ثم الدعاء.

مقدمة الخطبة

الحمد لله الكريم الوهاب، الرازق من يشاء من عباده بغير حساب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ﷺ وعلى آله وصحبه وأتباعه الشاكرين الأنجاب.

أما بعد، فاتـقوا الله -عباد الله- فإن التقوى سبيل الخيرات، ومفتاح الأرزاق والبركات {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

الخطبة الأولى

أيها المؤمنون: إن من عادة الإنسان حب المال ولو كان من كان؛ فإن الله تبارك وتعالى لما ذكر أهـل البر ذكرهم بإيتاء المال على حبه {وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب}، وذكر أنهم ينفقون مما يحبون طلبا لدرجة البر {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}.

فحب المال أمر طبع عليه الإنسان، ولما كان الأمر على هذه الصفة امتحن الله الإنسان في ماله؛ فكتب عليه حقوقا فيه، لا يتم إيمانه إلا بها، وفي ذلك تربية للإنسان ليست من بعدها تربية؛ فيكون المال عند الإنسان وسيلة إلى الخير لا غاية، ومكانه اليد لا القلب، ويكون القلب عندها خالصا لله جل جلاله، وذلك هو الإخلاص في العبادة {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}.

عباد الله: إذا كانت الصلاة أداء شيء من وقت الإنسان لمناجاة الله، فإن الزكاة أداء شيء من مال الإنسان لله، ومع استمرار الإنسان على هاتين العبادتين العظيمتين، تتربى النفس على بذل الوقت في الخيرات: من عون لمحتاج وسعي في حاجة الناس، وتعلم وتعليم؛ فتتحرر النفس من الأنانية، وتتربى النفس بالزكاة على بذل المال؛ لأنها تتحرر من البخل المذموم والشح المطاع، فتكون تلك النفس نفسا ربانية؛ تؤمن أن المال مال الله.

والخلق عيال الله «وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله»، فتترقى تلك النفس من إيتاء الزكاة الواجبة عليها إلى المسارعة إلى الإنفاق في وجوه الخير المتنوعة، بالليل والنهار، سرا وعلانية؛ فتسلم تلك النفوس الطاهرة من الخوف، ويذهب عنها الحزن؛ لتكون من {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، ولذلك كانت الزكاة في كتاب الله قرينة الصلاة وأختها.

يا أيها الذين آمنوا: إن في المال حقا غير الزكاة، به يتفاوت الناس عند الله في الدرجات، ويختلفون في المقامات، بل إن الله تبارك وتعالى ذكره قبل ذكر إيتاء الزكاة فقال: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة}.

فإيتاء المال على حبه لمن خصهم الله مذكور قبل إيتاء الزكاة؛ تذكيرا به، وتنبيها عليه، وبيانا أن ذلك مما يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، بل إن البر لا يناله إلا من أنفق مما يحب، لا من قصد ما يريد أن يتخلص منه من متاع فدفعه إلى محتاج {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد}.

والإنسان بين وعدين: وعد الشيطان بالفقر، ووعد الله مغفرة منه وفضلا {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم}، فيا للعجب ممن يأخذ وعد الشيطان ويترك وعد الرحمن! والشيطان يقول لمن تبعه متبرئا منه يوم القيامة: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم}.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد، فاعلموا -عباد الله-، أن إيتاء الزكاة والإنفاق في سبيل الله أمر جرى على خلاف العادة في المال؛ فإن العادة في المال أن ينقص ببذله، ولكن المال يزيد بإيتاء الزكاة وإنفاقه في وجوه الخير، وذلك أمر أخبر به الرزاق ذو القوة المتين؛ فإن الله جل جلاله يقول {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}.

وتلك المضاعفة تتنوع صورها وتختلف أشكالها، فـ «ما نقصت صدقة من مال»، فقد تكون تلك المضاعفة تجارة رابحة، وقد تكون سلامة من تجارة خاسرة، وقد تكون توفيقا في الإنفاق من غير إسراف مؤد إلى الترف الذي يذهب بالحال والمال، وقد تكون وقاية من مصارع السوء وميتة السوء، وقد تكون شفاء من مرض عضال، وقد تكون ولدا صالحا، وقد تكون دعوات يستجيبها رب الأرض والسماوات {ما عندكم ينفد وما عند الله باق}، وتتابع الخيرات على المؤتين الزكاة والمنفقين في سبيل الله شيء يراه الإنسان رأي العين، حتى إن الإنسان نفسه ليأخذه العجب، وما إن يلبث ذلك العجب حتى يستحيل فرحا بفضل الله وبرحمته، ويكون خيرا من الدنيا وما فيها {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.

هذا، وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم بذلك حين قال: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الدعاء

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.

اللهم أعز الإسلام واهد المسلمين إلى الحق، واجمع كلمتهم على الخير، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.

اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك.

اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم اغفر لكل من آمن بك، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.


هذه خطبة عن الزكاة وفوائدها..

كان ما قرأتم أعلاه خطبة مكتوبة عن الزكاة وفوائدها وفضلها. تناولت عديد نقاط حول أثرها وبركتها وثوابها، وما يلحق المؤمن من خيرٍ في دنياه وأخراه جرَّاء إتيانه الزكاة والإنفاق في سبيل الله والصَّدقة.

الخطبة تم إعدادها، بحول الله -تعالى- وقوَّته، مكتوبة ومُقسَّمة بشكل يجعل من السهل اليسير طباعتها وقراءتها، بل وإلقائِها بيُسر وأريحيَّة.

كما روعي في الخطبة تمييز الآيات والأحاديث بأقواس مختلفة، حتى يتسنى للقارئ أن يُميز بين المحتوى العادي وآيات القرآن الكريم والأحاديث.

أضف تعليق

error: