خطبة جمعة مكتوبة حول بدعة عيد الأم

تنويه هام: هذه خطبة جمعة مكتوبة حول بدعة عيد الأم. وما ورد فيها من آراء وأحكام وتعليقات وتوجيهات هي -كاملة- من الشيخ خطيب لهذه الجمعة.

خطبة جمعة مكتوبة حول بدعة عيد الأم

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. صلوات الله وسلامه على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا | يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّاب﴾.

الخطبة الأولى

أما بعد؛ فيا أيها الإخوة الكِرام، عندما تضعف أمة من الأمم، تفقد شخصيتها، وتفقد ريادتها، ويتجلى هذا الضعف في نقطتين أساسيتين تبرزان على سطح الأمة.

أما النقطة الأولى: فهي أن الأمة تهتم بالقشور في الأمور، تنشغل بالأمور التافهة؛ بالديكورات فقط، وتبعد عن لب الحقيقة.

وأما النقطة الأساسية الثانية التي تبرز على سطح ضعف الأمة: فهي أنها تُصبِح تابعة لغيرها.

وهذه -الأمة- أمتنا تعيش في أحلك أزمانها وأوقاتها. فهي ليست ذات شخصية متميزة في واقعنا وفي حياتنا المعاصرة. وهي أيضًا تنشغل بالأمور التافهة عن الأمور الأساسية في حياتها. وهي أيضًا تابعة، مائعة، لا تستقر على حال. تطلب الهداية في كل أمر ومن كل اتجاه، إلا الاتجاه الوحيد؛ اتجاه رب العالمين.

ولذلك؛ بان ضعف هذه الأمة جليا واضحا في تبعيتها لغيرها من الأمم. ولقد صدق رسول الله ﷺ إذ يقول «لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه» قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال «فمن؟». والحديث في صحيح البخاري.

رسول الله ﷺ يبين لنا أن هذه الأمة ستضِل عندما تتبع سَنَن الذين كانوا من قبلنا، اليهود والنصارى. نقلدهم في أمور حياتهم. ونبتعد عن الهُدى الذي جاءنا من ربنا ﷻ.

عيد الأم

والأمة تعيش في هذه الأيام يوم أَطلَق عليه الضالون: عيد الأم. في يوم ٢١ مارس من كل عام يعتبرون هذا اليوم عيد الأم. ونريد أن نعرف: هل عيد الأم هذا يوافق عليه الإسلام ويرضى عنه الإسلام؟ من أين جاءتنا هذه البدعة الضالة؟ هل فيها فائدة؟ من الذي يحاول غرس هذا الأمر في نفوس الناس رجالا ونساء، كبارا وصغارا؟

ولكن قبل أن نعرِض لموقف الإسلام من هذا تعالوا بنا نرى كيف نشأت هذه البدعة، ومن أين جاءتنا؟

أنتم تعلمون أن العالم العربي والعالم الإسلامي كان مُستعمرًا. والإنسان الضعيف يتقيَّد بالإنسان القوي ويقلده في كل شيء. فهو يتمثَّل به في النافع والضار. ولكن للأسف الشديد، هذه الأمة عندما أرادت أن تتمثل بمن استعمرها جاءت بالأفكار التي تتعارض مع دينها ومع إسلامها.

كيف نشأت فكرة عيد الأم؟

الذين يعرفون الحياة في الغرب يعرفون أن الحياة الأُسرية هناك ضعيفة أو لا وجود لها. تفككت الأُسر والروابط التي بين الآباء والأمهات والأبناء. ولذلك نسمع أمثال هذه القصص.

أحد الإخوة الأفاضل ذهب ليتعلم في أوروبا. وحدَّثني بقِصة تُمثل الواقع المرير الذي يعيش فيه أهل الغرب. وكما هي الضغوط التي تكون على الأبناء إذ سافروا، وقع في فخ الزواج من أجنبية. وبقيت على دينها، وكأغلب الزيجات التي تكون من هذا الصِّنف؛ فشلت.

فجاء لأولاده ليعيشوا في بلاد المسلمين، ويتشرَّبوا عادات العرب. وذهب ليُكمل دراسته هناك. وكمسلم، وكعربي، يعرف للكبار قيمتهم واحترامهم. لم ينقطع عن حماته أو إم طليقته بعد طلاقها.

امرأة عجوز تُذكره بأمه. فكان يزورها بين الحين والآخر. كلما مرت فترة من الزمن، شهر، شهرين، ثلاثة، مرَّ عليها ليتفقد أحوالها.

يقول لي: وفي إحدى المرات ذهبت إليها فوجدت باب الشقة. الزجاج مكسور بطريقة فنية. فخِفت. فدققت الجرس على جارتها. فخرجت. سألتها: ما بال هذا الزجاج مكسور هكذا. ولا يجيبني أحد على جرس هذا الباب؟ فقالت له: افتقدنا هذه العجوز. ثم ظهرت الرائحة من تحت الباب. فنادينا الشرطة ففتحت الباب بهذا الشكل. وإذا العجوز ماتت منذ ثلاث.

القصة إلى هنا طبيعية في أوروبا. ولكن الأدهى والأمر ما حدَّثني به بعد ذلك. يقول: فنزلت واتصلت بطليقتي أسألها عن أمها. وقبل أن أُلقى لها الخبر سألتها: كيف أحوال الوالدة؟ ما أخبارها؟ فقالت: لم أرها منذ ستة أشهر. رغم أنها تقيم معها في بلد واحدة، في مدينة واحدة.

فلما قال لها: أمك ماتت. قال: لم أشعر أنها تأثرت أبدا.

هذا واقع الحياة في أوروبا. هل هذا الواقع موجود في بلادنا؟

قصة أخرى؛ يحدثني أحد الإخوة الدكاترة في الجامعة. وهو من الأساتذة الذين يأتون بين فترة وأخرى كزائر ليدرس مادة ما، وهو يعيش في أوروبا.

يقول: في تليفزيون بريطانيا وإذاعة بريطانيا. برنامج لمدة نصف ساعة، يذيع الشفوية من الآباء والأمهات إلى أبنائهم الذين لم يعد الواحِد منهم يعرف أين عنوانه.

الولد أو البنت بمجرد أن بلغ الثامنة عشرة من عمره. انصرف عن أبيه وعن أمه وانقطعت الأخبار وضاعت العناوين.

فيأتي الأب العجوز والأم العجوز يذيع رسالة شفوية عبر الإذاعة أو التليفزيون لابنه. يا بني اشتقت إليك فتعال لاراك.

قرأت في مجلةٍ العرب الكويتية خبرًا أن امرأة قد تجاوزت المِئة نزلت في المطار. تقول للموظف: أنا بريطانية هاجرت منذ ثمانين عاما إلى أمريكا مع زوجي. وبعد أن كبر الأولاد وتزوجوا وأنجبوا. وجدتهم قد انصرفوا عني تمامًا ولم يعد أحد يبحث عني. فقلت أعود إلى بلدي بعد ثمانين عاما من الغربة. لعلي أجد أحدا من أهلي.

هي تتصور بعقلية المهاجرة، أن بريطانيا بقيت كما هي لا زالت بها علاقات مودة. وما درت أن رياح المادية قد هبت على أمريكا وأوروبا، فقطعت العلاقات بين الناس تماما.

أعجب من هذا الأمر ما قرأتم معي في أحد الجريدة. أحد الألمان أخذ أسرته وأمه وذهب ليقيم في فندق. أكل وشرب في هذا الفندق أيامًا، فلما جاءوا له بالفاتورة، ووجدها كبيرة، قال لهم: الوقود التي معي لا تكفي. فسأذهب إلى المدينة التي أقيم فيها أحضر لكم الفلوس. وترك أمه رهينة عندهم. أخذ زوجته وأبناءه، ثم ذهب ولم يعد.

تبحث عنه الشرطة فلا تجد.

هذا واقِع الحياة في أوروبا وفي أمريكا. لا لزوم للأب ولا للأم. حتى يحدثني بعض الإخوة يقول إنهم يعيبون علينا أننا لا زلنا حتى الآن نحترم الآباء والأمهات.

يا تُرى واقع حياتنا نحن هكذا؟ في مثل هذه البيئة؛ فكَّروا في طريقة ليذكروا الأبناء بالآباء والأمهات. فاخترعوا عيد الأم. هذا الاختراع وهذا الاقتراح وافق هوىً عند التجار وأهل الاقتصاد.

أنتم تعرفون أن الحياة الرأسمالية يحرك الناس فيها المال. ولذلك عندما يُحدد يوما ليحتفلوا به بعيد الأم تنشط التجارة. يبيعون هدايا. ولذلك أيدوا هذه الفكرة.

ثم جاء الأمر الأخطر، نريد أن نحدد يومًا نحتفل به. فماذا كانت النتيجة؟ اليوم الحادي والعشرين من مارس. ولكن هذا اليوم له قصة باطِنيَّة.

أما القصة الباطنية؛ فإن البهائيين -وهم فرقة كافرة ضالة خرجت من الإسلام بكفرها-، هذه الفرقة زعمت أن رسالة محمد ﷺ قد انتهت، وأنه لا بد من أن يأتي نبي آخر بعد محمد ليكمل رسالة محمد التي انتهى زمانها. فكان هذا النبي -في زعمهم- هو البهاء.

البهاء هو النبي الآخر بعد محمد. ونشأ في إيران. ولكن عندما حاربوه هناك جاء الإنجليز مع اليهود فنقلوه إلى فلسطين. فمات في عكا. وله في عكا الآن مزار وقبر يطوفون حوله ويحجون إليه بدل الكعبة.

يوم الحادي والعشرين من مارس، هذا اليوم هو يوم العيد عند البهائيين. لأنهم يصومون تسعة عشر يوما، يفطرون يوم الواحد والعشرين من مارس.

فلما دخلوا على المسلمين وعلى غير المسلمين قرروا أن يحتفلوا بهذا اليوم عيدًا للأم.

هذا اليوم أصلا في التاريخ هو عيد النيروز عند المجوس. وعند الفراعنة شم النسيم.

ضحكوا على المثقفين وقالوا لهم واحد وعشرين مارس يوافق أول الربيع، والأم حياة. وإذا بهذا اليوم يتأصَّل في حياة هذه الأمة.

ولكن السؤال: من الذي زرع هذه الفِكرة في أمتنا؟

لا زلت وأنا في طفولتي، في الخمسينيات من هذا القرن الميلادي. نبتت هذه الفكرة، وفُرضت على الناس بقانون في دولة من دولنا العربية التي تعلَّقت بالغرب، والتي بُهرت بالغرب. فجاء من زعموا أنهم على الحضارة وأنهم تقدميون، فجاءوا لنا بهذا العيد.

ثم جاءت وسائل الإعلام تُكرر هذه مناسبة. وتوصي المدراء والمديرات والنُظار في المدارس بعمل احتفال بعيد الأم. فغُرس هذا العيد في نفوس الناشِئة منذ الصغر. وهو ضلالا من الضلالات.

هل عيد الأم جائز في الإسلام؟

في حديث أنس “رضي الله عنه” عندما قدم النبي ﷺ إلى المدينة وجد لهم يومان يلعبون فيهما. فقال النبي ﷺ «قد أبدلكم الله بهما خيرا منهما، يوم الفطر ويوم الأضحى».

إذًا العيد في الإسلام فقط: يوم الفطر ويوم الأضحى. العيد الصغير والعيد الكبير.

هل هذا العيد جائز؟ نقول: ليس بجائز. لأن الذي يزعم أنه خلق عيدا جديدا، فكأنه يقول إن الإسلام ناقِص وأنا أفهم أكثر من رب العالمين وأكثر من رسول الله؛ فأُكمل هذا الدين. والله ﷻ يقول ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾.

فالإسلام كامل قبل موت النبي ﷺ. فمن اخترع فيه شيئا زعم -إن صرح وإن لم يصرح- أن هذا الدين ناقص وجاء ليكمل هذا الدين. وديننا كامل لا يحتاج إلى زيادة.

والنقطة الأخطر أن من يستفيدون من هذه القضية عملوا على نشره. وسائل الإعلام التي تنشر الإعلانات وتأخذ ثمن الإعلانات عملت على ترسيخها.

التجار الذين يبيعون ويستفيدون، عملوا على ترسيخ هذه الفكرة.

هل نحن في ديننا نقص حتى نكمله بهذا العيد؟ وللأسف الشديد؛ عندما جاءت منظمة الدعوة الإسلامية ومجمع البحوث الإسلامية في القاهرة. واكتشف أن يوم واحد وعشرين مارس خُدعة بهائية. فقدَّم كتابا للحكومة يطالب الحكومة بتغيير اليوم. فغيروه ليوم ١٩ مارس. ونشرت هذا الكلام الرَّاية وجريدة المسلمين وغيرها من الجرائد.

فهل أحسن المَجمَع بهذا؟ هل نغير البدعة ببدعة؟ أم أنه كان يجب على المجمع أن يطالب بإلغاء هذا اليوم نهائي. لا أن يستبدلوا من ٢١ مارس إلى ١٩ مارس.

أيضًا رقم ١٩ عند البهائيين فيه شبهة. لأنهم يصومون تسعة عشر يوما في حياتهم، وله قداسة عندهم. إذا نحن خرجنا من حفرة لنقع في حفرة جديدة.

الأصل أن يُلغى هذا اليوم تماما. لأن فكرة تخصيص يوم كعيد أو كيوم، معناه أن الإنسان يهتم بأمه هذا اليوم فقط كما هي العادة في الأعياد. نحن عندما نحتفل مثلا بيوم الاستقلال يوم الجلوس يوم كذا. نهتم بهذا اليوم فقط ثم تنتهي القضية. فهل القضية عندنا في الإسلام أني أحترم أمي أو أودها أو أبرها فقط في هذا فقط وتنتهي قضيتي بامي؟ لا.

ولكن الإسلام -الذي ضيعه الناس للأسف الشديد- وهو الإسلام عند كثير من الناس مجرد نصوص في القرآن أو أحاديث النبي ﷺ. أما أن تتحول هذه النصوص إلى واقِع حيّ يمشي، لا يقبله الناس. ولذلك وجد بعض السفهاء فراغ في حياة الناس، فأراد أن يملأه بهذه البدعة.

بر الوالدين قيمة حثَّ عليها الإسلام

ولو أننا أخذنا بتعاليم ربنا وبتعاليم النبي ﷺ ما احتجنا بها. الله ﷻ أوصى بالوالدين كثيرا. ولا يوجد دين من الأديان. اهتم بالوالدين كما اهتم به الإسلام.

يقول الله ﷻ ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا | وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.

ويقول الله ﷻ في سورة الأحقاف أيضا ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.

هذه بعض التوصيات في كتاب الله ﷻ بالوالدين. والنبي ﷺ عندما جاءه رجل يسأله: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال «أمك». قال ثم من؟ قال «أمك». قال ثم من؟ قال «أمك». قال ثم من؟ قال «أبوك».

أعطى الأم ثلاث مرات، بينما أعطى الأب مرة واحدة. فهل هذه الأم تحتاج إلى يوم عيد؟

عندما جاء رجل إلى النبي ﷺ. وقال له: يا رسول الله، إني أريد الجهاد في سبيل الله تعالى. فقال: «أمك حية؟» فقلت: نعم، فقال: «الزم رجلها فثم الجنة».

أي أن جهادك ورعايتك لوالدتك أهم من الجهاد هناك. وفي حديث آخر قال للسائل «ففيهما فجاهد». أي أن خدمتك للوالدين جهاد في سبيل الله ﷻ.

نسأل الله ﷻ أن يلهمنا رشدنا وأن يأخذ بنواصينا إلى الخير.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد.

يا أيها الإخوة الكرام أن الأفكار الضالة والمعتقدات الضالة تتسلل إلى نفوس الناس، وإلى واقِع حياة الناس نتيجة الانبهار والإعجاب بكل ما هو أجنبي. حتى أصبحنا نسمع هذا المثل: كل شي فرنجي برنجي.

ولكنها لم تقتصر على مصنوعات -مثلا- ولكنها بدأت تأتي أفكار غريبة. تُغير في واقع حياة الناس. هذه الأفكار تنقض العقيدة أصلا من الأساس. فالإنسان إذا لم يلتزم بإسلامه وسار خلف هذه الأفكار -خلف هذه المعتقدات الضالة- خرج من الإسلام وهو لا يدري.

ولذلك نحن لا نقبل تشريع إلا التشريع الذي جاء في كتاب ربنا وفي سنة نبينا ﷺ. فالله ﷻ يقول ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

فنحن لا نقبل تشريع إلا من تشريع الله ﷻ وسنة النبي ﷺ. الإسلام واضح. ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾.

عِندما نتبع كل ناعِق، وكل من ينادي بفكرة، ومن ينادي بعيد، ومن ينادي بكذا. خرجنا من الإسلام؛ وأصبح الإسلام مجرد طقوس لا قيمة في حياتنا.

والنبي ﷺ في وصيته لأصحابه قال لهم «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».

الدعاء

نسأل الله ﷻ أن يفقهنا في ديننا، وأن يأخذ إلى الخير.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، المسلمين والمسلمات، الصالحين والصالحات؛ إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

عباد الله. ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم. واشكروه على نعمه يزدكم.

وأقم الصلاة.


كانت هذه خطبة جمعة مكتوبة حول بدعة عيد الأم. ألقاها الشيخ حيدر قفه؛ فجزاه الله خيرًا.

وكما نوَّهنا في بداية الخطبة؛ أن كل ما ورد من آراء وتعليقات وأحكام هي جميعا من فاه الشيخ، وليس لكَتبَة الموقع أي تدخُّل فيها.

وهنا أيضًا: خطبة الجمعة عن بدعة عيد الأم

أضف تعليق

error: