خطبة عن منزلة الشهداء عند ربهم… مكتوبة، جاهزة وكاملة

مُتضَمنة مقدمة ودعاء، مع الخطبة الأولى والثانية. نعم، هذه هي خطبة عن منزلة الشهداء عند ربهم. أعددناها لكم مكتوبة، جاهزة وكاملة لكل إمام وخطيب بدأ في إعداد خطبته ليوم الجمعة القادمة عن الشهادة ومنزلة الشهداء عند الله ﷻ.

هذه الخطبة قام فريق عمل موقع المزيد، وتحديدًا في قِسم ملتقى الخطباء وصوت الدعاة؛ بكتابتها وتفريغها؛ دعمًا منا لكل إمام وخطيب يسعى لإلقاء خطبة ويَّة ينشر من خلالها وعظًا وإرشادًا بليغًا للمسلمين.

خطبة عن منزلة الشهداء عند ربهم , خطبة الجمعة مكتوبة

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا | يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله ﷻ. وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ. وإن شر الأمور محدثاتها، وكل حدثت بدعة، وكل ضلالة في النار.

الخطبة الأولى

ثم أما بعد. فإن الله ﷻ يصطفي من خلقه ما يشاء. وممن اصطفاهم الله ﷻ بعد الأنبياء هم الشهداء. فالشهادة مهما حرص الإنسان أن يبلغ مرتبة الشهداء إلا أنها اتخاذٌ من الله ﴿وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء﴾. فليس لأحدٍ أن يحرص على شيء فيبلغه، إلا أن الله ﷻ وعد من طلب الشهادة بصدق أن يبلغه مراتب الشهداء ولو مات على فراشه كما قال النبي ﷺ.

﴿وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾.

فهو شهيد لأنه يشهد ما أعد الله ﷻ من الكرامة للشهيد. شهيد لأن هؤلاء يشهدون أن هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله يشهد لهم الناس بأنهم من خير البشر. شهداء؛ يشهدون من كل أنواع الشهادة. هذا هو الشهيد عند الله ﷻ.

منزلة الشهداء عند ربهم

الشهيد عند الله يغفر له ذنوبه مع أول قطرة دم. لا يجد مسّ الموت إلا كما يجد أحدنا القرصة؛ لأنه شهيد.

شهيد يأتي يوم القيامة ودمه يَثْعَبُ من من جسده؛ اللون لون الدم، والريح ريح المسك.

شهيد بين الصفين لا يُغَسَّل ولا يكفن. لماذا؟ لأن هذا الدم أفضل مما نضعه له من مِسك أو كافور في كفن. والثياب التي قُتِل فيها خير من الأكفان التي نكفن فيها موتانا. هذا هو الشهيد.

الحالات التي يعتبر فيها الميت شهيد

ليس فقط هؤلاء هم الشهداء أو في مرتبة الشهداء، أي الذين يُقتلون بين الصفين أو قتلى المعركة هم الشهداء فقط. لكن النبي ﷺ ذكر أصنافا أخرى. الرجل يبلغ مرتبة الشهيد، بل والمرأة. المرأة ليس عليها قتال، لكن لو ماتت المرأة وهي نفساء أو ماتت وحملها في بطنها فهي شهيدة. فالنبي ﷺ يقول «والمرأة تموت بجمع» يعني مجموع ولدها في بطنها؛ فهي «شهيدة».

أيضا المطعون شهيد؛ والمطعون هو الذي قتل في الطاعون. والطاعون مرض يعرفه الأطباء، ينتج عن أنواع من البكتيريا. وبعض العلماء يقول: كل مرضٍ أو وباءٍ مميت -ينتشر ويميت- فهو طاعون.

والنبي ﷺ يقول «والمطعون شهيد».

فلو كان ثمة وباءٍ انتشر ومات منه الناس، فالصَّبر على الطَّاعون شهادة في سبيل الله ﷻ. فكل ما يكون للشهيد من هذه المزايا عند الله تكون لمن مات في الطاعون.

ويقول النبي ﷺ «والمبطون شهيد»، وهو الذي يموت بداءٍ في البطن. وبطن الإنسان ليس فقط هي المعدة، لكن كل ما كان في الباطِن فهو بطن. ولذا؛ قال العلماء: من مات بتليف الكبد فهو شهيد، من مات بسرطان في الأمعاء فهو شهيد. كل من يموت بشيء في الباطِن فهو شهيد.

قال ﷺ «وصاحب ذات الجنب شهيد». وهو مرض إما قرحة تكون في الجنب أو ريح تكون في الجنب، ومن أعراضها: الحمى الشديدة، والسعال الشديد، ضيق التنفس. فأيا كانت هذه، فصاحبها شهيد.

إذًا الشهداء ليس فقط من يموت بين الصفين. هؤلاء أيضا يبلغون مراتب الشهداء ولو ماتوا على فرشهم. ففي حديث أصناف الشهداء؛ يقول الرسول ﷺ «المطعون شهيد والغرق شهيد وصاحب ذات الجنب شهيد والمبطون شهيد وصاحب الحريق شهيد والذي يموت تحت الهدم شهيد والمرأة تموت بجمع شهيدة».

نسأل الله ﷻ أن يبلغنا مراتب الشهداء.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسلامٌ على كل عبدٍ مصطفى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد؛ فما قل وكفى خير مما كثر وألهى. و ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾.

يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين

جاء رجل للنبي ﷺ فقال: أرأيت إن قاتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر؛ أيكفر الله عني سيئاتي؟ قال «نعم»، ثم سكت ساعة. قال «أين السائل آنفا؟» فقال الرجل: ها أنا ذا. قال «ما قلت؟» قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر، أيكفر الله عني سيئاتي؟ قال «نعم، إلا الدين، سارني به جبريل آنفا».

فاحرص على ألا يكون عليك دين. لأن كثير من الناس يأخذ الديون وليس عنده نية لقضائها. والنبي ﷺ يقول «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله». والحديث في صحيح البخاري.

يكون الإنسان على خير، بل وشهيد، ويحبس على باب الجنة بدين؛ ولو يسير.

لما جاء رجل وأراد النبي ﷺ أن يُصلي عليه، فسأل عنه؛ هذا الرجل الميت. «أعليه دين؟» قالوا: نعم، ديناران. قال «صلوا على صاحبكم». فقال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلي الدينارين. فصلى عليه النبي ﷺ.

قال؛ فلقيني النبي ﷺ من الغد. قال «ما فعل الديناران». قلت: يا رسول الله، ما مات إلا بالأمس.

ثم لقيني بعدها، فقلت: قضيتها عنه يا رسول الله. قال «الآن بردت عليه جلدته».

فاحرص على أن تقضي الدين وأن يكون قلبك أنك تُريد قضاء الدَّين حتى لا تُحبس عن الجنة وإن كنت شهيدا.

الدعاء

نسأل الله ﷻ أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

اللهم اهدنا وسددنا.

اللهم إنا نسألك الهدى والسداد.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.

اللهم ولِّ علينا خيارنا، وأصلح اللهم من وليته علينا.

اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيئ الأسقام.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

عباد الله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نِعمه يزدكم. ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.


كانت هذه خطبة عن منزلة الشهداء عند ربهم. ألقاها فضيلة الشيخ د. خالد فوزي -حفظه الله-.

أضف تعليق

error: