هل يستطيع الإنسان أن يعيش وحيداً بدون أي علاقات مع الغير !

الوحدة ، العزلة

بالرغم من أننا قد نصل إلى لوقت نضيق فيه ذرعاً بالناس وترغب أنت في أن تعتزلهم إلا أنه يبقى دوماً السؤال الذي يحيرنا جميعاً، هل يمكننا العيش بمفردنا في هذه الحياة دون التواصل مع الغير وإقامة علاقة مباشرة أو غير مباشرة معه؟

هل يمكننا أن نعيش بدون أي علاقات مع الغير؟

ترى مدربة العلاقات الاجتماعية ” جومانة نينو ” أنه بالرغم من أنه في بعض الأحيان تضيق بنا الدنيا ونضطر إلى الذهاب للوحدة في حياتنا إلا أنه من الصعب العيش في هذه الحياة بدون إقامة علاقات مع الغير لأن هذا يعتبر منافي لطبيعة الإنسان من الأساس وأننا نولد ومعنا هذه الحاجة لأن يكون لنا تواصل مع الآخرين ولا نستطيع أن نعيش منفصلين في هذه الحياة كأننا جزر منفصلة أو صخور بعيدة عن الأرض وهذا لأن لنا العديد من الحاجات التي لن تُلبى إلا ضمن وجود علاقات قريبة وحميمية في حياتنا.

على الجانب الآخر، هناك فرق بين مسمى الوحدة والعزلة حيث حين نختار العزلة لأفكر وحدي دون الحديث مع الغير لأسباب عديدة فإن هذا يكون شيء اختياري لا ضرر فيه، لكن أن نعيش منفصلين عن الحياة وعن غيرنا من ذوي العلاقات القريبة منا فإن ذلك فيه صعوبة في العيش ضمن هذه الحياة لأننا نحتاج للآخرين في حياتنا لكي تُلبى لنا حاجتنا مثل الحاجة إلى الهواء والراحة والطعام إلخ إلخ… ومن أهم تلك الحاجات هي المودة التي نأخذها من الغير حتى وإن استطعنا أن نحب أنفسنا بقدر كبير- بناءً على ما تراه المدربة ” جومانة نينو “.

ما هي الحدود الطبيعية وغير الطبيعية في طلب الوحدة؟

من الممكن أن نمر بظروف صعبة معينة نتيجة علاقات غير سوية تركت فينا آثار سلبية جعلتنا نبتعد قليلاً عن علاقتنا بغيرنا ولكن هذا لا يمنع من تعاملنا واختلاطنا مع الغير بصورة مباشرة أو غير مباشرة في بعض الأحيان لأن هذه هي طبيعة البشر التي فطرهم الله عليها، ومن ثم لا يستطيع أي شخص عيش حياته وحيداً طيلة الوقت حيث لا يمكنه إعطاء ذاته الحب والمودة والمواساة بشكل دائم لأن الإنسان يحتاج للآخر في العلاقة لكي يزيل له هذه الوحدة التي يشعر بها.

على الجانب الآخر، هناك الكثير من الناس ممن يعيشون في عزلة أو وحدة كبيرة ولكنهم يعتقدون أنفسهم منفتحين على العالم أجمع ويعيشون علاقاتهم الاجتماعية بصورة طبيعية كما يمكن أن يحاط الإنسان بأناس كثيرين ولكنه فعلياً يعيش الوحدة العصيبة دون أن يدري وهذا قد يكون بسبب مواقع التواصل الاجتماعي التي لها دورها البارز في هذا الشأن.

هل الاشتياق للنفس يُعد صحياً في ظل وجود مواقع التواصل الاجتماعي؟

لا يوجد هنالك بديل عن العلاقات الحقيقية وإمكانية استبدالها بأخرى افتراضية نراها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهذا للأسف ما نعاني منه في هذه الأيام التي نستبدل فيها العلاقات الحقيقية أو المباشرة بعلاقات أخرى افتراضية عبر الميديا مما يجعلنا نفقد في كثير من الأحيان فرصاً يمكننا من خلالها التعبير عن مشاعرنا الحقيقية، كما نفتقد فيها أيضاً رؤيتنا لمشاعر الآخر من ناحيتنا.

على سبيل المثال، يمكننا الحديث أو التواصل مع شخص ما قريب منا بقدر كبير ونحن نشعر بحالة حزن شديدة ولكننا عبر مواقع التواصل الاجتماعية والافتراضية إن جاز التعبير قد نقوم في تلك اللحظة بإرسال له صورة نعبر له فيها عن الضحك أو السعادة وهذا هو ما يزيد من وحدتنا ويزيد من بُعد الآخر عنا، لذلك فإن الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص تؤثر على علاقاتنا بأن تكون قريبة ودافئة وحميمية وأن يعرفنا الأخر على صورتنا الحقيقية.

وأخيراً، لنعزز علاقاتنا في هذه الحياة علينا أولاً الاعتراف بأننا بحاجة دائمة إلى الآخر ولا يمكننا العيش بمفردنا في هذه الحياة وبشكل منفصل مع ضرورة الانتباه إلى ماهية هذه العلاقة سواء كانت صداقة أو زواج أو زمالة أو غيرها وما مدى الراحة والثقة في هذه العلاقة ومدى وجود تقدير بها مع وضع مساحة مريحة بيننا وبين الغير.

أضف تعليق

error: