مقال عن يوم الطالب المصري

تمت الكتابة بواسطة:

يوم الطالب المصري

٢١ فبراير يوم لا يُنسى في تاريخ مصر، يوم أثبت الطالب المصري وطنيته وحبه للوطن وخوفه على مستقبل وطنه ومقدراته، يوم أن قام طلاب مصر يرفعون راية الحق ويطالبون بجلاء الظلم والاستبداد، يوم أن عبّر طلاب مصر عن بغضهم للمستعمر وكرههم لوجوده في أرض لا ينتمي إليها أو تنتمي إليه، يوم أن قال طلاب مصر لا للمستعمر ولا لاتفاقيات واهية ما تزيد وجوده إلا استعمارًا وخلودًا في أرض ليست له، يوم أن تكاتف طلاب مصر مع بعضهم البعض في وجه غاشم، يوم أن تضامن طلاب العالم مع أبناء مصر الأبطال في وجه الظلم والعدوان، يومٌ نحتفل فيه ببسالة وشجاعة طلابنا طلاب مصر في وجه المستعمر الإنجليزي في أربعينيات القرن الماضي.

دور الطالب المصري تجاه الوطن

يوم قام الطالب المصري ينفض غبار الذل والمهانة التي ارتضتها حكومته، وهبّ لينهض ببلده ووطنه ليطالب بحقه وحق الوطن في العيش حياةً كريمةً، قام ليبحث عم أصاب أمته من الوهن والضعف وليساعد في أن تقوم الأمة ويصبح لها كيانها المستقل بعيدًا عن الاستعمار وضغوطه، يوم أن عبّر طلاب وشباب مصر عن أنهم على دراية كاملة بحال وطنهم، ولا ينشغلون عنه بغالٍ أو عزيز. إ

نه يوم الطالب المصري، يوم أن عمّت المظاهرات والمسيرات أرجاء المحروسة لتنادي بجلاء المستعمر الأجنبي عن مصر بشكل نهائي، وعبّر فيها شباب مصر من طلابها عن مدى وعيهم السياسي وحسّهم الوظني وإدراكهم بما فيه مصلحة البلاد، وأنهم ليسوا غافلين عن مكانة هذا البلد بين الأمم، وأن مصر لا تستحق ما يفعله بها حكامها. إن يوم الطالب المصري شاهد على أن طلاب مصر هم وقودها الذي تسير به بين الأمم الأخرى، ويشهد على أن الطالب لا يهتم فقط بنفسه بل يهتم لأمر بلده ومستقبلها، إيمانًا منه أن مستقبل الأمة مرهون به وأنه مرهون بها.

دور الطالب المصري في الاستقلال

انتفض شباب وطلاب مصر الأوفياء في فبراير من عام ١٩٤٦م يطالبون بجلاء الاستعمار الإنجليزي عن مصر، وذلك بعد أنباء عن قيام حكومة النقراشي باشا في ذلك الوقت بإجراء مناقشات ومباحثات ومفاوضات مع بريطانيا حول الجلاء في فبراير عام ١٩٤٥م. وكانت الأمة بأسرها متمثلة في جميع طوائف الشعب برجاله ونسائه وكباره وشيوخه وصغاره وشبابه يأملون في الاستقلال التام بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية وأُسست منظمة الأمم المتحدة والتي يُنتظر أن تعمل على المناداة باستقلالية البلاد وانتهاء الاستعمار، ولكن جاء رد الحكومة البريطانية على حكومة النقراشي باشا بأن الدولة العظمى متمسكة ببنود معاهدة ١٩٣٦، وهي معاهدة لم تمنح مصر الاستقلال التام والنهائي، بل جعلتها تحت براثن الاستعمار باستقلال منقوص غير كامل.

وهنا قام الطلاب من جامعة الملك فؤاد -أو ما تُعرف بجامعة القاهرة اليوم- ليجتمعوا ويناقشوا حال الأمة في هذا الوقت وسبل الخلاص، وما يمكنهم أن يقوموا بفعله من أجل تحقيق الاستقلال.

شاركهم الطلاب في جميع المراحل الدراسية في الجامعات والمعاهد والمدارس وقاموا بمسيرات تطالب بوقف هذه المفاوضات الهزلية التي تقيمها الحكومة شكلًا دون مضمون. ونادوا بإلغاء معاهدة ١٩٣٦ والتي تضع مصر تحت رحمة المستعمر ولا تعمل على استقلالها. وخرجت المسيرات من الجامعة تجوب المنطقة حتى وصلت إلى ما يعرف بكوبري عباس أو كوبري الجامعة الآن.

وهناك حوصر الطلاب على الجسر الممتد فوق النيل شريط الحياة في مصر، واعتُدِيَ عليهم شر اعتداء فضُرب من ضُرب، وأُصيب من أُصيب، حتى أنه قد فُتح الكوبري الذي كان ما يُفتح إلا لعبور السفن والمراكب بين مصراعيه، فُتح ليبتلع أبناء مصر من طلابها وشبابها الذين ما خرجوا إلا ليطالبوا بمستقبل الأمة واستقلال البلد وسلامة أراضيه، وقُتل وجُرح وقتها ما يزيد على المائتين.

قتلوا لأنهم يريدون الخير لأمتهم وما خرجوا إلا ليطالبوا بما عجزت حكوماتهم عن المطالبة به، لم يخشوا قوة ولا بطش ظالم، بل اهتدوا بنبراس الحق والعدل ليهديهم في ظلمات الاستعمار والقمع.

في اليوم نفسه خرجت مسيرات تطالب باستقلال الأمة في المنصورة وأسوان وغيرها من مدن مصر، واعتقل وأُصيب عدد منهم. وعندها عمّت المظاهرات أرجاء مصر، وخرجت المسيرات في جميع الأنحاء بشكل يومي تظم طلابًا وعمالًا وجميع فئات الشعب، والتحمت مع قوات الحكومة وقوات الاحتلال على مدار أيام دارت فيها مناوشات بين الطرفين.

إلى أن جاء يوم ٢١ فبراير من عام ١٩٤٦م، حيث دُعي إلى إضراب عام ضد الاحتلال للمطالبة بالجلاء عن الأراضي والبلاد.

وبالفعل أضربت جميع الفئات في البلد وخرجت المسيرات ضد الاحتلال حتى كان الالتحام كبيرًا بين الشعب وقوات الاحتلال في مدين التحرير أو كما كان يُسمى وقتها ميدان الاسماعيلية، وقُتل العشرات وأصيب الكثير حتى امتدت المظاهرات في جميع أنحاء مصر.

وتضامن طلاب العالم وجميع الحركات والفئات الطلابية مع طلاب مصر، وقام طلاب بعض الدول العربية بالإضراب تضامنًا مع أشقائهم في مصر. ومنذ ذلك الحين أصبح يوم ٢١ فبراير هو يوم الطالب المصري.

اليوم الذي يشهد على طلاب مصر وهم يدافعون عن أمتهم ومستقبلها وحقها في العيش بكرامة.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: