الزيادة السكانية والأمن الغذائي في مصر

مقال، بحث، موضوع عن الزيادة السكانية والأمن الغذائي في مصر

من التطورات الطبيعية للحياة البشرية حدوث زيادة ونمو في أعداد السكان، ولعل المرجع الأساسي لذلك وانخفاض معدل الوفيات نتيجة ارتفاع الوعي الصحي والرعاية الطبية على مختلف الأصعدة، ولكن أحياناً تمثل الزيادة السكانية مشكلة تواجهها البلاد وخاصة الفقيرة والنامية، فمتى تعتبر الزيادة السكانية مشكلة وما أهم أسبابها وعلاقتها بالأمن الغذائي، وما أهم نتائجها على مسار الحياة بوجه عام؟

هذا ما سنتناوله بالبحث في موضوع بحث اليوم: الزيادة السكانية والأمن الغذائي في مصر، فتابعونا.

تعريف الزيادة السكانية

الزيادة السكانية يقصد بها ارتفاع عدد المواليد بمعدلات تفوق عدد الوفيات، وانطلاقاً من هذا التعريف فلا تعد الزيادة السكانية مشكلة في حد ذاتها.

متى تعد الزيادة السكانية مشكلة؟

تنظر الحكومات للزيادة السكانية على أنها مشكلة متى حدث تزايد كبير في أعداد السكان في أوقات زمنية قصيرة، في بقع جغرافية ثابتة، ودون زيادة في الموارد البيئية أو الخدمية مثل فرص التعليم أو العلاج أو السكن أو العمل أو المرافق العامة أو غيره مما يسد احتياجات الأعداد الكبيرة المتزايدة، وهنا يظهر استخدام مصطلح الانفجار السكاني.

فالانفجار السكاني هو التزايد الكبير في أعداد السكان مع انخفاض كبير في معدلات التنمية وانخفاض مستوى المعيشة.

فالكثير من بلدان العالم حدث فيها نموً سكاني سريع جداً ومتزايد في العقود الأخيرة، غير أنها تملك من الموارد والمرافق ما حقق لها التوازن بين السكان وبين الموارد، ولم تعاني حالات الفقر ونقص الموارد الحيوية، ومن تلك الدول الصين على سبيل المثال لا الحصر، بينما عانت بعض الدول النامية من تلك الزيادة الكبيرة لأنها بدلاً من أن تشكل زيادة في القوى الانتاجية والأيدي العاملة شكلت زيادة في الاحتياجات والتحديات، فأصبح نصيب الفرد من الموارد أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يكفي الفرد.

العلاقة بين الزيادة السكانية والأمن الغذائي

من الملاحظ فيما يتعلق بالزيادة السكانية أن معظم تلك الزيادة يتمركز في الدول النامية والمناطق الفقير ة محدودة الموارد، ومن ثم لا تقوي على التكيف معها ولا تحسن استغلالها، حيث ذكرت الإحصائيات أن ما يقرب من ٩٢ ٪ من الزيادة السكانية تتمركز في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، والتي تضم ما يقرب من ٧٧ ٪ من سكان العالم.

عوامل تزيد من تفاقم أزمة الزيادة السكانية

الزيادة السكانية مشكلة كبيرة حين لا توجد موارد تكافئها وهناك عوامل تزيد من تفاقمها ومنها:

  • تفاوت الموارد البشرية والطبيعية والاقتصادية بين دول العالم، بل وبين مناطق الدولة الواحدة.
  • تمركز السكان في بقع جغرافية محددة وعدم وجود توزيع متساوي أو متقارب للسكان.

ومن الموارد التي يمثل نقصها خطورة كبيرة جداً وسيشكل أزمات طاحنة الموارد الغذائية والتي تمثل عصب الحياة، حيث لا يمكن لإنسان أن يعيش بدونها.

مصر نموذج لمشكلة الزيادة السكانية

تعد مصر ضمن الدول التي تعاني من زيادة أعداد السكان في الوقت الذي يوجد فيه نقص في الموارد الغذائية والمائية، ونقص في فرص الحصول على التعليم والعلاج، وانتشار كبير للبطالة مع قلة فرص العمل التي تستوعب كل الزيادات السنوية، ووفقاً لما ورد عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن عدد السكان في جمهورية مصر العربية بلغ عام ٢٠١٧ حوالي ٩٤.٨ مليون نسمة، بينما زاد في ٢٠١٩ إلى ٩٨.١ مليون نسمة، كما جاءت احصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء مؤكدة أن أعداد السكان في مصر بلغت ٩٩.٨ مليون نسمة مع بدايات ٢٠٢٠ عام، أي ما يقرب من مائة مليون نسمة، لتسجل مصر بتلك الزيادات السريعة أعلى زيادات سكانية في الدول العربية، وتظل محتفظة بمكانتها كأكثر البلاد العرية سكاناً، وثالث البلاد على مستوى القارة الأفريقية من حيث أعداد السكان، ومن الجدير بالذكر أن ١٠ ٪ من نسبة السكان يتمركزون في محافظة القاهرة.

أسباب الزيادة السكانية في مصر

يرجع الخبراء الزيادة السكانية في مصر إلى أسباب ثقافية وعرفية وصحية أيضاً وأسباب أخرى تتعلق بالتوزيع الجغرافي للسكان ويمكن استعراض تلك الأسباب في النقاط التالية:

  • ارتفاع نسبة المواليد نتيجة الاهتمام بالصحة الإنجابية والرعاية التي تقدم للمرأة أثناء الحمل والولادة مما شجع الأمهات على الإنجاب لأكثر من مرة.
  • انخفاض نسبة الوفيات بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي الكبير الذي ألقى بظلاله على الجانب الصحي، حيث يتم الكشف عن الأمراض المزمنة والخطيرة وتوجه لها الرعاية العلاجية اللازمة مما قلل خطر الموت إلى الحد الأدنى.
  • الخلفية الثقافية لأبناء الشعب المصري وخاصة من سكان القرى والأرياف والتي تتسبب في شكل مباشر في زيادة الإنجاب عن طريق، الزواج المبكر وارتفاع الخصوبة، وتعدد الزوجات، وحرص النساء على محاصرة الرجال بالإنجاب المتكرر، واعتقاد الجميع أن الأبناء عزوة وسند وأمان، واعتماد الكثير من الأسر الفقيرة على كثرة الإنجاب واستغلال الأبناء في العمل مبكراً لزيادة الدخل وتحسين ظروف المعيشة.
  • التوزيع الجغرافي غير المتوازن للسكان في مناطق مصر المختلفة، مما يخلق اكتظاظ وازدحام كبير في مناطق دون الأخرى، ويتولد عن ذلك العشوائيات وبؤر المشكلات الاجتماعية والمادية والاقتصادية.
  • الهجرة الداخلية إلى بعض المدن المصرية، مثل القاهرة الكبرى وبعض محافظات الوجه البحري التي تتمتع ببعض الصلاحيات الحضارية والمدنية مما يدفع الكثير من أهالي الريف والقرى إلى الفرار إليها سيعاً للاستمتاع بتلك المزايا، الأمر الذي خلق أزمة اسكان ومرافق وعمل كبيرة جداً في معظم تلك المدن.

الحلول المقترحة لمواجهة تفاقم تداعيات الزيادة السكانية في مصر

إن الحلول التي يمكن أن تنهي أزمة تداعيات المشكلة السكانية في مصر كثيرة وتتطلب جهوداً متضافرة من الدولة والمجتمع ويعتمد جانب كبير منها على الوعي الجمعي، ويمكن استعراض الحلول في النقاط التالية:

  • رفع الوعي الجمعي بأهمية تنظيم النسل للتمتع بحياة كريمة، والوعي بتوابع وتداعيات الزيادة السكانية غير المحسوبة في ظل نقص الإمكانيات الاقتصادية والخدمية الكبيرة، وانعكاس ذلك بشكل مباشر على المجتمعات وعلى الأفراد أيضاً.
  • رفع الوعي الجمعي بقيم الاقتصاد والترشيد في استهلاك الموارد، واعلاء قيم الادخار والاستثمار على المستوي الفردي والأسري، والوعي بانعكاس ذلك على الأفراد بشكل مباشر وبالتالي على المجتمع ككل.
  • بذل المحاولات الجادة والجهود المستمرة لتحسين كافة قطاعات الدولة من الصحة والتعليم والإسكان والمرافق وغيرها.
  • تطوير طرق الحكومات والجهات المسؤولة في استثمار الموارد المتاحة بأفضل صورة ممكنة.
  • قيام الأجهزة الرقابية بدورها في التفتيش والمراقبة والمحاسبة لملاحقة المفسدين ومن يبددون المال العام ويهدرون طاقات هذا البلد أو موارده أو يسيئون استخدامها والأخذ على أيدهم بقوة من حديد.
  • العمل على استثمار الأيدي العاملة والاستفادة من أعداد السكان بتحويلها إلى طاقة منتجة وبناءة، وتوفير فرص للعمل والانتاج بحيث تصبح نقطة قوة كما فعلت بعض الدول.
  • العمل على توفير الأمن الغذائي والمائي كأولوية أولى لا يمكن الاستغناء عنها.

خاتمة البحث

وفي ختام هذا البحث حول الزيادة السكانية والأمن الغذائي في مصر، وما يتعلق بتلك القضية من جوانب نكون قد تعرفنا على مشكلة زيادة السكان بصفة عامة وأخذنا مصر كنموذج للدولة التي تعاني من تلك المشكلة واستعرضنا أهم الأسباب المؤدية إلى ذلك، وأهم الحلول المجتمعية والحكومية التي يجب تبنيها لحل تلك الأزمة.

هذا يُمكن أن يُفيدك أيضًا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top