مقال عن الكذب الإلكتروني

Click.. وتفتح بريدك الإلكتروني متفاجئا بالعدد المهول من الرسائل التي تنتظرك، وإن كنت كالكثير ممن أعرف.. فستنقر الخانة الفارغة أعلاه محددا جميع الرسائل، وتتبع النقرة بأخرى على «حذف»!.

وإن لم تكن منهم، فستبهرك بعض العناوين التي تستثيرك لفتح الرسالة على عجالة، بعد أن شدك موضوعها الشيق، لتقع في فخاخ الاستعارات والتوريات، وتفاجأ بأن «المليون» التي غـررت بها هي مليون «حسنة» تكسبها حين تردد الدعاء المرفق، وأن «أسرار جمال المرأة» تكمن في استعمالها اللسان للذكر، والأنامل للتسبيح، والأذن في سماع المحاضرات.. وهلم جرا.

وهكذا.. تتنازعك رسالة من أخرى، ويشدك عنوان إلى آخر، إلى أن تكمل القائمة، دون أن تـطابق رسالة عنوانها.. ولعل الأمر يكون اعتياديا إذا كان مضمون الرسالة ثقافيا أو اجتماعيا بحتا، لكن حين تكون الرسالة ذات مضمون ديني وعظي، أرى أن أسلوب التشويق «العنواني» ذاك يكون منفرا للمتلقي حال قراءته للمحتوى، فيتراءى له العنوان أعظم قيمة وأكبر حجما من المضمون الدعوي للرسالة، بعد الخيبة التي لحقته إثر تعرضه للخداع.

هذا فضلا عن أن بعض تلك الرسائل تخرج عن حيز استخدام التشبيه والكنايات، والاستعارات والتوريات، إلى التضاد التام بين العنوان والمضمون، الذي يصل إلى الكذب أحيانا، كما في بعض الرسائل التي تحيلك إلى روابط تستطيع من خلالها أن تحدد أماكن أصدقائك عبر أرقام هواتفهم، أو أن تكشف عمن «ضرب» بريدك ضمن قائمة جهات اتصاله، لتكتشف أن الرسالة ليست سوى مزحة ثقيلة، كرسالة أخرى وصلتني مفادها أن الخطوط التي في كفوف النساء تختلف عن خطوط الذكور، ثم يلومك المرسل على شكك في جنسك، بعد أن جزم يقينا بأنك تتأمل كفك وكف من يجاورك!

وحين نتذكر أن البخاري امتنع عن أخذ الحديث من راو حين شاهده ثانيا ثوبه، مهيئا لحماره أنه يملك الطعام حتى ينساق له، تقل استساغتنا لذاك الكذب الإلكتروني الشائع.

بقلم: ود فوتاوي

أضف تعليق

error: