مشروع نيمبوس: جوجل تتورط في دعم تقنيات المراقبة الإسرائيلية على حساب موظفيها وسمعتها

مشروع نيمبوس: جوجل تتورط في دعم تقنيات المراقبة الإسرائيلية على حساب موظفيها وسمعتها

في خضم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، برز مشروع نيمبوس «Project Nimbus» كمثال مثير للجدل على تورط شركات التكنولوجيا الكبرى في دعم أنظمة قمعية. ففي عام 2021، وقَّعت شركتا جوجل وأمازون عقدًا بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الإسرائيلية لتزويدها بخدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، مما أثار موجة من الاحتجاجات من قبل موظفي الشركتين ونشطاء حقوق الإنسان.

ما هو مشروع نيمبوس؟

يهدف مشروع “نيمبوس” إلى إنشاء بنية تحتية سحابية حكومية إسرائيلية، تتيح للجيش الإسرائيلي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في مجالات المراقبة والتحليل والتعرف على الوجوه. وتشمل خدمات المشروع:

  • منصة سحابية: توفر بنية تحتية آمنة لتخزين ومعالجة البيانات الحكومية الإسرائيلية.
  • أدوات الذكاء الاصطناعي: تتضمن تقنيات التعرف على الوجوه، والتصنيف الآلي للصور، وتتبع مسار تحرك الأجسام، وتحليل المشاعر.
  • نموذج “أوتو إم إل“: أداة لتعلم الآلة تسمح للجيش الإسرائيلي بتدريب نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة باستخدام بياناته الخاصة.

مخاوف أخلاقية واحتجاجات الموظفين:

أثار مشروع “نيمبوس” مخاوف أخلاقية عميقة لدى العديد من موظفي جوجل وأمازون، الذين عبَّروا عن قلقهم من استخدام تقنياتهم في قمع الشعب الفلسطيني وانتهاك حقوق الإنسان. وتضمنت هذه المخاوف:

  • المساهمة في المراقبة والقمع: تخشى جماعات حقوق الإنسان من استخدام تقنيات المشروع لمراقبة الفلسطينيين بشكل غير قانوني وقمع حرياتهم.
  • تسهيل الاستيطان: قد تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتحديد المواقع الفلسطينية وتسهيل مصادرتها والاستيطان عليها.
  • انتهاكات الخصوصية: تخزين كميات هائلة من البيانات الشخصية للفلسطينيين على منصات جوجل وأمازون يُشكل خطرًا على خصوصيتهم.
  • التواطؤ في جرائم الحرب: يخشى البعض من استخدام تقنيات المشروع في استهداف المدنيين الفلسطينيين أو ارتكاب جرائم حرب.

ردود فعل جوجل وأمازون:

واجهت جوجل وأمازون انتقادات واسعة بسبب مشروع “نيمبوس”. ففي البداية، حاولت الشركتان التخفيف من حدة المخاوف، مؤكدتين على أن المشروع مخصص فقط للاستخدام المدني وأنّه سيساهم في تحسين كفاءة الخدمات الحكومية الإسرائيلية.

ومع ذلك، استمرت الاحتجاجات من قبل الموظفين، مما دفع جوجل إلى فصل أكثر من 50 موظفًا عبروا علنًا عن معارضتهم للمشروع. وتعتبر هذه الخطوة استثنائية، حيث لم تُقدم جوجل على فصل موظفين بهذا العدد الكبير دفعة واحدة من قبل.

التأثير على سمعة الشركتين:

لقي مشروع “نيمبوس” صدى واسعًا في وسائل الإعلام، مما أضَرّ بسمعة جوجل وأمازون كشركات ملتزمة بالقيم الأخلاقية واحترام حقوق الإنسان. وفقدت الشركتان ثقة العديد من المستثمرين والعملاء الذين يرفضون التعامل مع شركات تدعم أنظمة قمعية.

تطورات جديدة:

في 8 أبريل 2024، كشفت مجلة تايم عن وثيقة تُظهر أنّ جوجل تقدم خدمات الحوسبة السحابية لوزارة الدفاع الإسرائيلية، مما يُناقض تصريحات الشركة السابقة بأنّ المشروع مخصص فقط للاستخدام المدني.

وتُشير الوثيقة إلى أنّ وزارة الدفاع الإسرائيلية تمتلك “منطقة هبوط” في خدمة جوجل السحابية، تُتيح لها تخزين البيانات ومعالجتها والوصول إلى خدمات الذكاء الاصطناعي.

التأثير على موظفي جوجل:

أثار الكشف عن هذه الوثيقة موجة جديدة من الغضب والاستياء بين موظفي جوجل، الذين شعروا بالخيانة من قبل الشركة.

فقد اتضحت لهم حقيقة تورط جوجل المباشر في دعم الجيش الإسرائيلي، مما يتناقض مع قيم الشركة المعلنة.

وتزايدت المطالبات بوقف مشروع “نيمبوس” وإعادة النظر في سياسات الشركة التي تسمح بتعاونها مع حكومات تنتهك حقوق الإنسان.

ختامًا… هل هو مسمار جديد في نعش جوجل؟

يُمثل مشروع “نيمبوس” نقطة تحول مهمة في تاريخ جوجل، حيث يُظهر أنّ الشركة على استعداد للتضحية بسمعتها وموظفيها من أجل تحقيق أرباح مالية.

وتُظهر هذه القضية أيضًا أنّ شركات التكنولوجيا الكبرى تُصبح لاعبًا رئيسيًا في الصراعات السياسية والحروب، مما يثير مخاوف أخلاقية عميقة حول دورها في المجتمع.

أضف تعليق

error: