مشروعات بلا قروض.. الطريقة المُثلى للنهوض

مشروعات بلا قروض.. الطريقة المُثلى للنهوض

تعتمد المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تمويلها على القروض سواء من البنوك أو من الصندوق الاجتماعي للتنمية، على أن يتم سداد القروض وفوائدها خلال فترة محددة بغض النظر عن مدى نجاح المشروع أو فشله… وهو ما يعرض صاحب المشروع في أوقات كثيرة للمساءلة في حالة عدم سداد أقساط القرض نتيجة عجزه عن تسويق المنتج أو عدم قدرته على إدارة المشروع بشكل يحقق عائد مناسب.

ويطرح عادل عبد الحليم –المستشار المالي والخبير الاقتصادي– رؤيته لكيفية الاستفادة من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بعيدا عن قروض البنوك، حيث يدخل من يمول المشروع كشريك في المشروع لا يقدم التمويل المادي فقط ولكنه يشارك صاحب المشروع في تطوير وتسويق منتجه.

وفي حوارٍ سابِق لأحد المواقع الإلكترونيَّة؛ لخص عبد الحليم رؤيته لتنمية المشروعات – الصغيرة والمتوسطة – من خلال ثلاثة ركائز أساسية هم (الصكوك الإسلامية – الشريك الاستراتيجي – إحلال الواردات).

الصكوك الإسلامية

ويرى عبد الحليم أن أهم المشكلات التي تعاني منها المشروعات هو عدم وجود منظمات لتجميع الأموال وتوظيفها بشكل جيد، ويؤكد أن أفضل نظام لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو نظام الصكوك الإسلامية والتي تعتمد على تمويل المشروع بمبلغ مالي محدد ويتم تحديد نسبة محددة للربح من قيمة ربح المشروع.

ويضيف: أفضل نظام يتم العمل به هو نظام (المشاركة) أي عندما تشارك ب 20٪ من رأس المال تحصل على 20٪ من الأرباح، ولفت عبد المنعم إلى أننا نمتلك في مصر ثروات كثيرة ومتنوعة ما بين أرض خصبة ومشروعات وعمالة وكوادر فنية وخبراء وأفكار وهذا كله يجعلنا مؤهلين لأن نسبق بلدان العالم كله اقتصاديا إذا تم ذلك وفق إدارة واعية بتوجيه صحيح للموارد وبخطة عمل واضحة.

وشدد عبد الحليم على ضرورة مراعاة مسألة الضرائب خاصة بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مضيفا أنه ليس من العدل أن تدفع مثل هذه المشاريع 20٪ ضرائب ويدفع مثلها أباطرة البيزنس الكبار؛ وهو ما يضطر أصحاب المشروعات الصغيرة مثل المحلات والورش البسيطة إلى الغش في الضرائب.

وطالب عبد الحليم بضرورة إعادة نظر لما يتسم به من عدم العدالة لعدم وجود نظام للشرائح، كما أكد عبد الحليم على أن هذا النظام هو الذي يقلل من حصيلة الضرائب التي تدخل خزانة الدولة بسبب كثرة التهرب وكثرة القضايا التي لا داعي لها، وأن هذا النظام زاد من الفجوة بين الكبير والصغير ويزيد الحمل على الشركات الصغيرة والتي من المفترض أن تحميها الدولة وتدعمها وتساعدها على الوقوف والنمو بتقديم إعفاء ضريبي خاص بها.

⇐ طالع أيضا: 8 خطوات لتسويق مبهر بتكلفة بسيطة

الشريك الاستراتيجي

الركيزة الثانية لتنمية المشروعات طبقا لعبد الحليم هي الشريك الاستراتيجي، ويعرفه بشريك ندخل معه في مجموعة من الشركات يقوم بتمويلها وتقديم الخدمات اللازمة من تدريب وتوجيه، وأن يتحمل المخاطرة بمعنى أن ما يعود عليه بالربح هو نسبة من الأرباح ويتحمل جزء من الخسارة، بشرط أن يكون لديه خبرة كافية يساعدنا في هيكلة الموضوع وعمل مشروعات منتجة تساعد على تنمية الاقتصاد المصري.

فالشريك الإستراتيجي هو شركة (أو مجموعة شركات) لديه الخبرة الفنية والتكنولوجية والإدارية والنشاط التسويقي والإمكانيات المالية والقيمة المضافة من كافة الجوانب ليصبح شريكا في عمل أو نشاط أو صناعة بحيث يقوم بتطويره وتقديم الحلول للاختناقات التي تواجه ذلك النشاط ومن ثم أخذ دور كبير وفعال في إدارته ثم لزيادة إنتاجيته وبالتالي انتشاره التسويقي والربحي.

كما نبه إلى ضرورة مراعاة التخصص مثلا إذا كان تخصص شخص في البلاستيك إذن يركز على البلاستيك والباقي على الشريك الاستراتيجي من مهام التطوير والتسويق وغيره.

ولفت عبد الحليم إلى أن هذا الشريك لابد أن يكون موثوق به وأن لا يكون أمريكا بالطبع التي تعمل لحساب إسرائيل ولمصلحتها التي تتلخص في إبقاء مصر دولة متخلفة وفقيرة، وأيضا ألا تكون دولة تعمل لصالح أمريكا وتحت إملاءاتها مثل دول الخليج.

إحلال الواردات

والمحور الثالث في رؤية عبد الحليم تتركز على فكرة إحلال الواردات أو بمعنى أدق الاكتفاء الذاتي، مشيرا إلى أن الاكتفاء الذاتي هو الهدف من وراء عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وأنه لن يتحقق إلا من خلال عمل دراسة تغطي كافة المنتجات التي يتم استيرادها من الخارج بكميات كبيرة ونقوم بتصنيعها نحن من خلال إقامة المصانع والشركات الجديدة – الصغيرة والمتوسطة – أو حتى من خلال دعم الشركات المتوقفة عن العمل أو التي تعمل فعليا وتحتاج لدعم.

كما نبه إلى أن هذا لن يتحقق إلا من خلال تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالأخص المتوسطة لأنها هي التي تدعم المشروعات الكبيرة وتمدها بما تحتاج إليه من مواد خام وخدمات.

كما أشار إلى أن هرم الشركات في أي دولة هو في البداية يبدأ من القاعدة بالمشروعات الصغيرة وبعد ذلك المشروعات المتوسطة وعلى القمة تكون المشروعات الكبيرة والضخمة، حيث تقوم كل من الشركات الصغيرة بدعم الشركات المتوسطة من خلال المنتجات والمواد الخام والخدمات وبنفس المبدأ تدعم المشروعات المتوسطة المشروعات الكبيرة والضخمة، مضيفا أن المشكلة في مصر تتركز في اختفاء المشروعات المتوسطة التي تعتمد عليها المشروعات الكبيرة.

وبهذا فإن الشركات الكبيرة تضطر للاستيراد من الخارج من بلدان مثل الصين وغيرها لاستيراد قطع الغيار والخدمات التي لا تجدها في الداخل، وبذلك يتم إهدار الكثير من الدولارات والعملات الصعبة مما يضر ويقلل من قيمة الجنية المصري.

وأشار إلى أن الإضرار بقيمة الجنية المصري إنما يؤدي إلى حدوث التضخم مما يؤدي إلى انهيار الاقتصاد، وأنه من خلال عملية إحلال الواردات فإنه نتمكن من عمل اكتفاء ذاتي يمكننا من عمل استقلالا سياسيا يؤدي بنا أيضا إلى الاستقلال الاقتصادي.

⇐ وهنا تقرأ حول: أهمية تسويق المشاريع الصغيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي

المعونة الأمريكية

ويستطرد عبد الحليم قائلا: لابد من إعادة النظر في المعونات السياسية مثل المعونة الأمريكية “المشروطة” التي بموجبها تتدخل أمريكا في كافة شئون مصر وتملي علينا كافة شروطها؛ والتي تمنع من تقدمنا وتطورنا إلى الأمام حيث أكد أن أمريكا حينما تدفع إنما تدفع حتى نتأخر ونظل في الخلف، وأن أمريكا لا تدفع إلا لكي تحصل على ثمن ما تدفع.

واستدرك قائلا إن معونات أمريكا كلها مشروطة، محذرا من الانخداع بكلام رؤسائها عن دعم مصر والذي يريد من خلاله الحفاظ على استمرار الوضع في مصر كما كان، موجها نصيحة إلى الحكومة برفض المعونة “المشروطة”، وأوضح أن أمريكا إذا كانت تريد أن تساعد في تنمية الاقتصاد المصري فنحن نرحب بالتعاون والاستثمار غير المشروط والذي يتم إدارته بأيدي مصرية لدعم تطوير الصناعة.

كما أوضح عبد الحليم أن المعونة الأمريكية السياسية المشروطة والتي تهدف لحماية الاقتصاد الإسرائيلي تستهدف عدم منح الاكتفاء الذاتي وضعف الصناعة المصرية وهو ما تم تحقيقه من قبل المعونات الأمريكية السابقة وأحد الأسباب التي أدت بالاقتصاد المصري للوصول إلى ما هو عليه الآن. لذلك نبه عبد الحليم إلى ضرورة رفض المعونة بشروطها وحماية اقتصاد مصر من التمويل السياسي المدمر.

وأشار عبد الحليم إلى أن تشجيع الاستثمارات الأجنبية في مصر لابد أن يكون وفق شروط وضوابط تحفظ للمصريين حقوقهم في ملكية أرضهم وأن تكون استثمارات بنسب محددة بحيث لا يكون المجال مفتوحا لنقل الملكيات بل حقوق انتفاع، وأن تعمل هذه المشروعات على توفير فرص عمل للعاطلين وتوجه من قبل الحكومة المصرية بناء على سياسة معلنة ومتفق عليها.

ثروة مصر!

وفي نهاية حديثه أكد عبد الحليم على مجموعة من النقاط أهمها تدريب العمال والموظفين، والتركيز على جودة المنتج المصري.

وختم عبد الحليم حديثه بأن ثروة مصر الحقيقية ليست في المليارات التي نبحث عنها في الخارج وإنما تكمن في شعبها وأرضها وعمالها الذين هم أفضل عمال العالم ولكنهم يحتاجون لزرع الثقة في أنفسهم وتقدير مجهوداتهم حتى نستخرج أفضل ما لديهم.

مضيفا أننا لو قمنا باستغلال هذه المعطيات التي وهبها الله لنا وقتها نستطيع أن نصدر لأمريكا والصين ووقتها سوف نعطي نحن المعونة لأمريكا لأنها هي من سيكون في حاجة لنا.

أضف تعليق

error: