كيف تختار أصدقائك

صورة , رجل , يد , الصداقة , صديق

يقول أحد الشعراء في معرض الحديث عن الصديق واختياره:
واختر قرينك واصطفيه تفاخرا *** إن القرين إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحبا *** إن الكذوب يشين حرًا يصحب
واحذر مصاحبة اللئيم فإنه *** يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب

فمما لا شك فيه أن وجود الصديق في حياة أي منا يصنع فارقًا جوهريًا في شخصيته وفي مسار حياته كله، فالصديق يؤثر فينا ويتأثر بنا، ويصير المطلع على تفاصيل حياتنا وأسرارنا، المؤتمن على ضعفنا، لذا قال أحد الحكماء احذر عدوك مرة واحذر صديقك مرة.

لأجل ذلك وأكثر جعلت السطور القادمة للتعرف على كيفية اختيار الصديق المناسب، وكيف نحكم على من يصلح ابتداء أن يكون صديقا لنا ومن لا يصلح، حتى لا تكون صداقاتنا سببًا في تراجع قيمنا أو تراجع انجازاتنا.

معايير اختيار الأصدقاء

قبل أن نحدد المعايير الصحيحة التي نبني عليها اختيار أصدقائنا، ينبغي أولًا أن نفهم نقطتين هامتين، أولاهما: أن هناك فارقُ كبيرُ جدًا بين الصداقة الحقيقية القوية وبين الزمالة أو التعارف أو الصحوبية، فالأصدقاء قليلون جدًا والحقيقين أشد ندرة من الذهب، ثانيهما: أن الصداقة لا تٌطلب ولا يجب أن نسعى إليها بل هي مشاعر من الحب والود القوية الثابتة تظهر لنا من أفعال البعض أكثر مما تظهر في أقوالهم، وانطلاقًا من هاتين النقطتين يمكننا أن نقول أن أهم معايير اختيار الأصدقاء ما يلي:

الصدق: الصدق علامة السلامة والصلاحية في أي علاقة إنسانية، فمن يصاحب كذابًا لا يأمن غدره ولا يتبين جده من هزله ولا صدقه من زعمه، فكيف له أن يطلب عونه أو يودع لديه سره؟

حسن الخلق والدين: حسن الخلق والدين مظنة المروءة والشهامة، ومظنة حسن الظن وسلامة القلب ونقاء السريرة، فإذا وجد الإنسان في محيطه أحدًا ممن يخطبون وده ويسعون إلى صداقته، وكان يتصف بحسن الخلق وقوة الدين فلا يتركه أبدأ، فهؤلاء الناس هم الأصدقاء الحقيقيون الذين يعينون المرء على أمور دينه ودنياه، ولا يتغيرون عليه ولا يرجون من وراء حبهم له نفعًا أو مصلحةً.

الأمانة: الصداقة وحفظ الأسرار بينهم صلة وثيقة جدًا، فقد جرى ربط الصداقة بمهمة حفظ الأسرار والوقوف مع الصديق في النكبات والكبوات والأزمات التي غالبًا ما نخفيها عمن حولنا من الأشخاص العاديين أو حتى أحبائنا المقربين، ونختص بها أصدقائنا، لذا فاعلم أن من يفشي لك سرًا لا يصح أبدا أن تحتفظ به في قائمة أصدقائك لأنه يمتلك صفة تنافى أصلًا مع مبدأ الصداقة وكينونتها.

الحب الحقيقي: لا تختر أصدقائك من العابرين والذين يمرون بحياتك مرور الكرام، بل اخترهم من بين الأشخاص الذين أثبتت لك مواقفهم أنهم مخلصون لك وناصحون وأمناء على كل ما يخصك، لذا يقول أحدهم:
إن أخاك الحق من يسعي معك **** ومن يضر نفسـه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعـك **** شتت فيك شملـه ليجمعك

ومن ثم فلو وضعنا هذا المعيار لاختيار الأصدقاء لاكتشفنا فعلًا أن الأصدقاء نادرون جدًا وقليلون جدًا جدًا.

من تمحصه المواقف والشدائد: المواقف العصية والمؤلمة والشدائد التي تمر بحياتنا بقدر ما تزعجنا فإنها تقدم لنا خدمة عظيمة جدًا، وهي غربلة الناس من حولنا ومن يزعمون حبنا، فتأتي الموافق لتكشف جوهرهم وتثبت صحة أو خطأ زعمهم، لذا فإن من يقف بجانبك في محنتك، ولا يتخلى عنك وقت ضعفك وتعبك، ولا يتركك وحدك لمواجهة أخطائك، فامسك بتلابيبه ولا تتركه أبدا يخرج من حياتك، فغالبًا هو كنز لن يعوض إذا تركته يضيع من بين يديك

التشابه والتقارب والتكامل في الفكر: اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية، ولكن الاتفاق يقرب المسافات ترتاح له القلوب والعقليات، فنحن نميل إلى من يقارب تفكيره تفكيرنا ونكمل به نقصنا، حتى إذا تكلمنا فهم ما نعنيه, وإذا صمتنا فهم ما ننويه، فنخلق بيننا حالة من التكامل والتناسق في الفكر والمواقف وردود الافعال، ومن ثم تنشأ الألفة بين القلوب، لذا اختاروا من يشبهكم لا من يتنافر معكم، فالأول يبني فيكم والثاني يهدم ويصطدم.

وختامًا: ليكن اختيارك دائما لمن يقربك من الله ويأخذ بيدك إلى طريق الجنة، إذا زلت قدمك ينصحك ويقيل عثرتك ولا يتركك ولا يضللك…

أضف تعليق

error: