عندما شعرت بأنني محطمة

في لحظات وعندما يختلي الإنسان بنفسه، وبعد التوجع والألم والحزن الذي يبدأ يلف العينين فما يرى الإنسان سوى السواد الذي نسجته خيوط التعب والإرهاق، يود لو يستطيع سقي روحه بالاطمئنان والارتياح ولكن ما من رجاء، هنا وعندما يشعر الإنسان بأنه قد تهدم وخارت قواه مستسلمةً لوقائع الحياة، يشعر بأنه يُدفن بدون قبر ويلفظ أنفاساً أخيرة بدون موت، عندما لا يصرخ ولكن يهمس من بين الدموع «لقد تحطمت»..!

عندما يعلم الإنسان يقيناً بأنه مليء بتلك القوى القادرة على إحداث اختلاف ولكنه يحطم نفسه بأنني تعبت من مقاساة الحياة ومجاراتها دون أن تسير معي بوفاء، فتبتسم مرة ويثق بها ثم تنقلب مجاري دموع لا يوقفها سد، عندما تصرخ الوجوه من حوله بأنه قد تأخر كثيراً وبأن العمر المتبقي أقل من العمر الذي انصرم، تلك الهواجس التي تنهش القلوب لتمزقها وتجرحها، لكي تسربلها بأثواب سوداء من الألم والحسرة على الأيام الماضية، تلك الأيام التي ولّت وانقضت..

عندما شعرت بأنني محطمة، وكان ذلك لأسبوع كامل -الأسبوع الماضي من تاريخ كتابتي لهذا المقال- تلك الأيام التي عانقتها غصات من الألم، وتربعت عليها دموع اللوعة والحزن، إحساس بأنني تكسرت من أعماقي وأن قوتي خانتني وتخلت عني إلى ما لا رجوع، وبين لحظة وأخرى ودون أن أعي بنفسي شعرت بقوتي تعود وأنا أسترجع هويتي، أتذكر من هي ريم، إنها ليست إنسانة عادية نهائياً، إنها إنسانة لا تقبل للهزيمة أي مسلك وطريق…

أخذت المشاعر تنبض من بين جنباتي، عندما تذكرت أنني لست بالشيء الهيّن ولا بالرخيص الذي لا معنى له ولا قيمة، فمسحت دموعي وأمسكت زمام روحي لأنهض من جديد وأخط كلماتي، فالحياة مدٌ وجزر ولا يمكننا الوثوق بها، فكما قلت: إذا ابتسمت اليوم قد تبكي غداً، فيجب على الإنسان أن يكون مستعداً لأي تطور جديد في حياته، سلبيّا كان أو إيجابيا، والوقت لا يتأخر أبداً فالإنسان يمكنه الإنجاز ولو تقدم في العمر، فالخبرة الحياتية مكسب لا يأتي بالتعلم ولا بملايين الكتب، أليس كذلك؟

عندما شعرت بأنني محطمة، كان هناك من يعين على البناء.. إنه ربي، بفضله ثم بفضل نفسي وأشخاصٍ آخرين نهضت من جديد وأعدت رسم خطوط حياتي الباهتة، أعدت تصحيحها وتعديلها ومن ثم تلوينها.. عادت القوة التي كان قد خبا أثرها، عادت الحياة التي كانت قد اختفت لوهلة من وجودي، عاد كل شيء، بل واكتسبت الكثير الكثير من الأشياء، فكما يقال: الذهب لا بد له من الاكتواء بالفرن حتى يعود لامعاً براقاً كما كان وأكثر، أجل أكثر!

بقلم: ريم صلاح الصالح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top