طلاق على ورقة زواج! معدلات الطلاق ترتفع بين الشباب.. ومعظم الأسباب ماديَّة

طلاق على ورقة زواج

يشهد مجتمعنا الآن ظاهرة خطيرة تتمثل في زيادة معدلات الطلاق بين المتزوجين حديثا، وهذه الظاهرة لها أسبابها الإقتصادية والاجتماعية وعوامل أخري عديدة لا تنفصل عن ظروف المجتمع الذي شهد تغيرات عديدة في السنوات الأخيرة

فما هي أسباب هذه الظاهرة وكيف يمكن علاج آثارها السلبية؟

وكشفت أحدث دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عن ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع بنسبة 30% وبين الشباب حديثي الزواج بنسبة 50% وتشهد القاهرة أعلي المعدلات في الطلاق تليها الاسكندرية، أما المحافظات الأقل نسب في الطلاق فهي مرسي مطروح وشمال سيناء والوادي الجديد ومحافظات الصعيد ونرصد في هذه الظاهرة الحالات الآتية:

تقول راندا.. بكالوريوس التجارة 24 عاما تزوجته عن حب فلقد كان زميلي في الكلية وعشنا قصة حب جميلة خلال سنوات الدراسة وبعد تخرجنا تقدم لخطبتي ولكن رفض والدي لعدم التكافؤ الإجتماعي بيننا حيث كان يعمل في حرفة لا تتناسب مع مؤهله، وحاولت أقناع والدي به فوافق على الزواج بعد إلحاح لكنه لم يحضر عقابا لي وكأنه كان يستشعر المستقبل ويتنبأ به، فقد وافقت على الزواج بإمكانيات بسيطة جدا، وظننت أن الحب سيظلل عش الزوجية ويحميه من تقلبات وخلافات الزواج، لكن للأسف نشبت الخلافات بيننا بعد شهر العسل، ورغم اننا رزقنا بطفل لكنه لم يقربنا بل ماحدث هو العكس حيث زادت الخلافات بيننا أكثر وأكثر، فهو يتهمني بأنني لا أصلح أن أكون زوجة تتحمل المسئولية: وأري انني أخطأت لأنني لم آخذ برأي اسرتي ونصيحتهم لي وخاصة انه لم يعبأ بتضحياتي من أجله، واستحالت العشرة بيننا ولم نجد سوي الطلاق حلا لخلافاتنا المستمرة بعد زواج استمر اقل من عامين واخذ مني الطفل وتركت له كل شيء في مقابل حريتي، ولكن للأسف خرجت من التجربة بلقب مطلقة لكني تعلمت أن الحب وحده لا يكفي لصنع حياة سعيدة وأنه لابد من وجود تفاهم وتكافؤ بين الطرفين وأيضا عدم التعجل في قرار الزواج لان قرار الزواج السريع ينتج عنه أيضا قرار الطلاق الأسرع.

ويقول جمال عبدالله (موظف) : تعرفت على زميلتي وهي موظفة بمؤهل متوسط مثلي وظروفنا الاجتماعية متشابهة وأعجبني فيها حسن خلقها ولذلك سارعت إلى اسرتي طالبا التقدم بطلب يدها وبالفعل تم الزواج بشكل تقليدي بعد فترة خطبة بسيطة لم تزد عن ثلاثة أشهر حيث ان لدي شقة اتفقنا على تأثيثها مشاركة ومرت أشهر الزواج الأولي كأي زواج تقليدي فلم يكن بيننا حب ولكن لم تظهر أي خلافات وبمرور الوقت دبت المشاكل بيننا ولم تكن مادية على الإطلاق بل كانت خلافات في التفكير ووجهات النظر وحاولت أن أتحمل الضغوط لكن الفجوة بيننا زادت بمرور الأيام حتى أصبحت حياتي جحيما لدرجة أنها كانت تقوم بإعداد الطعام وتتركه لي على السفرة ثم تغلق غرفة النوم على نفسها ولا تشاركني الطعام ولم يفلح التفاهم في اذابة الجليد بيننا وللاسف لم أعرف لذلك سببا وحاولت اسرتانا التقريب بيننا لكنها طلبت الطلاق وأصرت

عليه وعرضت التنازل عن كل مستحقاتها في سبيل تحقيق رغبتها بالرغم من أنها كانت تحمل جنينها الأول ولم يستمر زواجنا وتم الطلاق بعد الزواج بشهور وبعدها وضعت ابنتي وعرضت عليها ان اردها لعصمتي حتى تنشأ ابنتنا بيننا لكنها رفضت.

حالة طلاق أخري رفضت بطلتها ذكر إسمها وتروي قصتها قائلة: حصلت على مؤهل متوسط وتقدم لخطبتي جاري ونظرا لظروفه المادية الصعبة فقد وافقت على الزواج منه في شقة أسرته التي تعيش بها والدته، لم أشعر انني عروس سوي لعدة أيام ثم بدأت والدته تمارس على دور الحماة وبمرور الوقت حولت حياتي إلى جحيم، فلم تكن لي خصوصيات وحتي غرفة نومي لم أشعر أنها مملكتي فقد كانت تقتحمها وقتما تشاء وتوقد نار الخلافات بيني وبين زوجي بالحق والباطل وللأسف كانت شخصية زوجي ضعيفة أمام والدته وكانت تستغل هذه النقطة ووصل الأمر لدرجة أنه بدأ يضربني ويهينني وتدخلت أسرتي لحل الخلافات فكانت حماتي تتهمني انني مهملة في شئون بيتي وهو أتهام ظالم تعرضت له وتكررت محاولات الصلح والشجار حتى يئست من حياتي، ولعنت الظروف التي جعلتني أقبل هذه الزيجة، وفي النهاية تم الطلاق ومعي طفل ضحية والده الضعيف وحماتي المستبدة.

قصة أخري تحكيها (ن. ج مؤهل عال) تقول: بعد تخرجي تعرفت على شاب عشت معه قصة حب جميلة وتعلمت منه الكثير وتمنيت أن يكون هو زوجي لكن شاءت إرادة الله ألا يحدث هذا لظروف خارجة عن إرادتنا وتألمت كثيرا لفراقه، وتصورت أن الدنيا أسودت في عيني وفقدت أحلامي الجميلة وطموحاتي في حياة زوجية سعيدة، وعندما تقدم لي شاب بشكل تقليدي لم أشعر ناحيته بأي عاطفة وافقت عليه كنوع من الهروب من حبي الأول ولانه أستوي لدي كل الرجال بعد فقدان حبيبي فقد وافقت على الزواج منه وكانت حياتي معه حياة روتينية كئيبة زادت جفوتها عندما اكتشفت بخله الشديد برغم إمكاناته المادية المعقولة فأضطررت للعمل ربما هروبا من معاناتي وبحثا عن استقلالي المادي وحتي لا أقع تحت رحمة هذا الزوج البخيل، وبمرور الوقت زاد بخله، وأصبحت طباعه أكثر حدة ولم أستطع تحمله وطلبت الطلاق وأصررت عليه وفضلت أن أحمل

لقب مطلقة وأتولي رعاية طفلي عن أن أعيش تحت سقف واحد مع زوج لا يعرف معنى تحمل المسئولية.

ومن الأسباب الرئيسية لوقوع حالات الطلاق انتشار العنف ضد الزوجة وقد ذكرت الدراسات التي أجريت على الزوجات من سن (18 وحتي 40 عاما) أن هناك سيدة من بين كل ثلاث سيدات تتعرض للعنف البدني وأن 46% يتعرضن للعنف البدني أو النفسي أو المادي ويسهم ذلك في إتخاذ قرار الطلاق.

وتحذر الدكتورة سعاد صالح (استاذ الفقه بجامعه الأزهر) من ظاهرة العنف الناتجة عن تغير القيم والأخلاقيات في مجتمعنا وتأثير الإعلام الواحد، وتأجج الصراع بين الجنسين بزعم تحقيق المساواة من جانب بعض الجهات المدعومة من الغرب والتي تضخم ما يسمونه بحقوق المرأة والمتاجرة بهذه الحقوق لدفعها إلى مزيد من الصدام مع الرجل، مما جعل الواجبات والحقوق الزوجية بين الطرفين تصبح نوعا من الصراع ومسرحا للتجاذب والانفصال بالإضافة لتغليب الجوانب المادية على القيم الدينية والاجتماعية مما أدي إلى صعوبة الحياة والتفكك الأسري وارتفاع نسب الطلاق ولا يمكن إغفال تردي الأوضاع الاقتصادية وزيادة معدلات البطالة بين الشباب.

ويري الدكتور شوقي الساهي (الأستاذ بجامعة الأزهر) أن من أهم أسس الزواج التكافؤ بين الطرفين في البيئة والدين والثقافة والعمر لأن الزواج شركة ولابد من حسن اختيار الشريك، ومن أسباب ارتفاع معدلات الطلاق بين الشباب عدم وجود هذا التكافؤ، وجهل الجيل الجديد بقدسية الحياة الزوجية وما تتطلبه من حقوق وواجبات.

وللدكتور مديحة الصفتي (أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية) رؤية حول أسباب ارتفاع معدلات الطلاق حيث تري أنها ترجع إلى زيادة وعي المرأة بحقوقها مما يجعلها غير مجبرة على تحمل حياة ليست في صالحها ولا تحقق لها السعادة المطلوبة، ويشجعها على ذلك العمل والاستقلال الاقتصادي، فلم يعد الرجل بالنسبة لها هو الملجأ الوحيد أو العائل الذي بدونه لن تجد المأوي أو لقمة العيش، بالإضافة إلى أن المرأة أضافت لنفسها أدوارا كثيرة فأصبحت تحت وطأة ضغوط قد تنوء بحملها، فهي ربما تقوم بالدور الذي يقوم به الرجل في الكسب واعباء البيت وتربية الأطفال، ودورها كزوجة وأم.

إذن هي تبذل جهدا أكثر من الرجل وتعاني من ضغوط العمل والبيت بشكل مضاعف في الوقت الذي لم تزد فيه أدوار الرجل.

أما الدكتورة سامية خضر (أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس) فترجع زيادة معدلات الطلاق إلى التغيرات التي شهدها المجتمع الذي مر بطفرة أحدثت فجوة أثرت بصورة أو بأخري على العلاقات الإجتماعية، والزواج بوصفه صورة من صور العلاقات الاجتماعية أصابه نفس الاختلاف فلم يعد الاستقرار هدفا يسعي اليه الأفراد، فكل طرف يسعي لمصلحته وإذا لم تتحقق له لا يحفل بهدم الأسرة وتشريدها، فيلجأ إلى الانفصال والطلاق.

ومن الملاحظ تزايد نسبة الطلاق في السنوات الخمس الأولي للزواج حيث يرفض كلا الطرفين التنازل عن طلباته والتضحية من أجل الآخر ويتمسك بآرائه حتى يغير الطرف الأخر من نفسه دون أن يحاول هو أن يفعل ذلك أيضا.

ومن هنا يحدث الخلاف لأن الطرفين لم يحاولا تقريب وجهات نظرهما ويتضخم الخلاف ويحدث الانفصال بسرعة خاصة لو كان الزواج سهلا بدون كفاح فيصبح من السهل التخلي عن الآخر.

ويرجع الدكتور أحمد المجدوب (المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية) أسباب الطلاق في المقام الأول إلى أسباب مادية مثل عدم توفير احتياجات ومتطلبات المعيشة مما يمثل ضغوطا تؤدي إلى الانفصال بالاضافة إلى عدم إدراك الطرفين لأهمية الحفاظ على الأسرة وسوء العشرة، وقد يحدث الطلاق لأسباب تافهة.

تحقيق/بقلم: نادية منصور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top