طفلك وتأخر الكلام.. ساعديه ولا تجني عليه

طفلك وتأخر الكلام.. ساعديه ولا تجني عليه

تفاصيل الاستشارة: مشكلتي هي أن ابني عمره سنتان ونصف وإلى الآن لم يتكلم إلا أن يقول بابا.. وليس لديه أي مشكلة صحية أو عضوية. هل يحتاج إلى طبيب تخاطب؟ لأني عرضته على دكتور أطفال وقال المسألة عادية وتحتاج بعض الصبر. أما إذا سألتموني عن نسبة الذكاء فهو والحمد لله ذكي جدا ويفهم بطريقة سريعة وسمعه جيد.. ولكن سبب تأخر النطق يؤرقني، وهو يتكلم بلغة غير مفهومة، يعني حروف غير مركبة وغير مفهومة. ولو سمحتم.. هناك مسألة بسيطة منذ أن كنت حاملا في طفلي كنت كثيرة الشجار مع زوجي، وحتى الآن وأمام طفلي ترتفع أصواتنا وأحيانا أضرب نفسي وأشد شعري وأبكي أمامه.. سؤالي: هل يمكن لهذا أن يكون سبب له مشكلة نفسية تجعله يرفض أن ينطق؟

أرجو أن تفيدوني لأني أتعذب عندما أرى أقرانه يتكلمون وهو لا يستطيع أن يعبر.. ومعلومة بسيطة.. أنا وطفلي لا نختلط بالآخرين إلا قليلا بسبب ظروف عمل زوجي، وسوف أكون شاكرة جدا لكم.. وجزاكم الله ألف ألف خير.

⇐ د. نبيل حنفي زقدان «أخصائي طب الأطفال» تكرَّم بالإجابة عن هذه الاستشارة؛ فقال: الأخت الفاضلة.. بداية عزيزتي أريد أن أوضح لك أنه لكي يتكلم أي كائن فإنه في حاجة إلى الآتي:

  1. آذان تسمع.
  2. عقل يعي ما يسمع.
  3. جهاز صوتي يحوِّل الرسالة المُخِّية إلى صوت، وهذا الجهاز مكوَّن من الأحبال الصوتية، واللسان، وغيرها.

وأي خلل في أي من الأجهزة الثلاثة السابقة سيؤدي بالطبع إلى خلل في عملية الكلام.

واضح من الرسالة أن طفلك يسمع جيدا، وواضح أيضًا أن جهازه الصوتي لا غبار عليه، بدليل أنه يتكلم (بحروف وكلمات غير مركبة) كما ذكرت.

وبالرغم من أن كل شيء يبدو على ما يرام فإن الطفل -لا شك- متأخر في الكلام؛ لأننا لو نظرنا نظرة سريعة إلى تطور الكلام عند الأطفال سنجد أن الطفل –بغضِّ النظر عن الغمغمات والهمهمات التي تحدث في النصف الثاني من العام الأول- ينطق أول كلمة صحيحة ذات معنى ومضمون في نهاية عامه الأول كأن يقول: بابا أو ماما أو كرة، وهو يعي ما يقول.

فإذا أكمل 15 شهرًا تكون حصيلته حوالي 5 كلمات، وفي الشهر 18 تكون في جعبته من 10 إلى 15 كلمة، بالإضافة إلى المقدرة على تكوين جمل من كلمتين، وفي نهاية السنة الثانية من العمر يكون “صاحبنا” قد جمع ما يقرب من مائة كلمة.

أما الفترة من العام الثالث وحتى العام الخامس، فقد أجمع “المؤرخون” على أنها فترة الانطلاقة الكبرى في الكلام لدى الطفل؛ حيث إن الطفل في نهاية هذه الفترة يكون لديه قاموس مكوَّن من بضع آلاف من الكلمات إن لم يقف بين الناس خطيبًا.

عفوًا يا سيدتي، لا تنزعجي من هذه الأرقام؛ لأن تقييمي لحالة طفلك: أنه يعرف الكثير من الكلمات، ولكنه لا يبوح بها، وهي حالة شهيرة، ويكون الطفل في هذه الحالة في حاجة إلى عملية “استنطاق”، أي حل عقدة لسانه.

وتستطيعين أنت يا سيدتي أن تقومي بهذه العملية بالتعاون مع الأب، مع الاستعانة “بأستاذ مشارك” من أطفال الجيران الأكبر سنًّا.

كل ما عليك الآن أن تستخدمي أشياء مألوفة في المنزل، مثل: المكتب، الكرسي، الشباك، الكرة… وغيرها، وكذلك بعض الصور لكائنات مألوفة، مثل: البطَّة، العصفورة، القطة… وغيرها.

وتسألي الطفل عن هذه الأشياء؛ فإن سمَّاها باسمها فخير وبركة، وإن لم يجب على سؤالك فعليك أن تكرِّري تسمية الشيء أمامه مرة ومرة ومرات، مع الاستعانة “بالأستاذ المشارك”؛ لأن الطفل يحب محاكاة أقرانه.

ولا تنسي استخدام الحوافز والمكافآت التشجيعية لكل من التلميذ والأستاذ المشارك، مع مراعاة أن هذا “الكورس” في حاجة لكثير من الصبر والوقت، ولكن النتيجة ستكون مدهشة بإذن الله تعالى.

ولا أغفل ما ذكرته في رسالتك من مشاكل عائلية وتصرفات خاطئة وانفعالات تقومين بها أمام طفلك، ووجوده في مجتمع منغلق لا يرى فيه أحدا خارج الأسرة، كل هذا بالتأكيد له دور كبير في التأثير على الصحة النفسية لطفلك، وعليك أن تحاولي جاهدة التخفيف من حدة انفعالك أمام طفلك حرصا على صحتك أولا، وعلى صحة طفلك النفسية ثانيا، ولتتمكني من القيام بما ذكرناه سابقا من سبل لاستنطاق طفلك، فأعتقد أنه في وجود هذه المشاكل الاجتماعية سيكون من الصعب بناء طفل سوي.

⇐ هل تمانعين في المزيد من التثقيف:

مع التمنيات الطيبة بالصحة والسعادة، وفي انتظار استشارة أخرى لنطمئن عليك وعلى طفلك.

أضف تعليق

error: