استنطاق الأطفال.. يحتاج قليل من الصبر

استنطاق الأطفال.. يحتاج قليل من الصبر

تفاصيل الاستشارة: أتمنى أن تقدموا لي إجابة حول وضع طفلي، البالغ من العمر سنتين وثلاثة أشهر. يتمتع الطفل بصحة جيدة على الصعيدين العقلي والجسدي، ولكنه يظهر خجولًا للغاية وحتى الآن لم يبدأ في التحدث، حيث يقتصر كلامه على كلمتي “ماما” و”بابا” بوضوح تام. أعمل معه يوميًا ويتفاعل مع أربعة إخوة يتحدثون ويلعبون معه. ومع ذلك، ألاحظ أنه عند الشرب، يعاني من صعوبة في تناول السوائل بفعالية، حيث يظهر أنه يفتح ويغلق فمه بشكل غير صحيح، مما يتسبب في تسرب السوائل. هل يمكن أن يكون هذا السلوك مرتبطًا بتأخر اللغة؟ هل قد يكون هناك مشكلة في جزء من الدماغ المسؤول عن حركة الفم؟ على الرغم من أنه يتناول الطعام بشكل جيد، إلا أن مشكلته تظهر خاصة أثناء الشرب. أرجو منكم تقديم المشورة والإرشاد، وأشكركم جزيل الشكر.

⇐ د. نبيل حنفي زقدان «أخصائي طب الأطفال» تكرَّم بالجواب؛ فقال: الأم الفاضلة.. لمسنا من رسالتك حب وقلق الأم المعهود. وحتى نطمئنك فابننا الغالي سليم إن شاء الله من كل سوء. وسنبدأ بتوضيح استفساراتك واحدة تلو الأخرى حتى تطمئني تمامًا.

بالنسبة للاستفسار الخاص بالكلام فطفلك طبيعي بإذن الله، حيث أشرت أنه ينطق بابا وماما بشكل واضح جدًّا، وعادة يبدأ القلق إذا بلغ الطفل 3 سنوات، وما زال غير قادر على النطق بكلمات لها معنى، في هذه الحالة فقط يجب استشارة الطبيب الذي يبدأ بمتابعة القدرة السمعية للطفل، ويبحث عن أي أمراض أخرى عضوية مرتبطة بالجهاز العصبي.

كما أريد أن أوضح لك الآتي:

أنه لكي يتكلم أي كائن فإنه في حاجة إلى الآتي:

  1. آذان تسمع.
  2. عقل يعي ما يسمع.
  3. جهاز صوتي يحوِّل الرسالة المُخِّية إلى صوت، وهذا الجهاز مكوَّن من الأحبال الصوتية، واللسان، وغيرها.

وأي خلل في أي من الأجهزة الثلاثة السابقة سيؤدي بالطبع إلى خلل في عملية الكلام.

إذن يجب سيدتي أن تلاحظي أن الطفل يردِّد ما يسمعه من أصوات. كما أنه يعي ما يسمع، فإذا ناديته باسمه مثلا يلتفت إليك، ويرد على أي نداء. كما أنه من الواضح أيضا أن جهازه الصوتي لا غبار عليه بدليل أنه ينطق، وتقديري لمسألة الشرب طبيعي –بالرغم من أني لم أفهم وصفك تحديدًا- فالطفل في مثل هذه السن يعتاد فتح فمه أحيانا عند الشرب.

وبالرغم من أن كل شيء يبدو على ما يرام فإن الطفل -لا شك- متأخر في الكلام؛ لأننا لو نظرنا نظرة سريعة إلى تطور الكلام عند الأطفال سنجد أن الطفل -بغضِّ النظر عن الغمغمات والهمهمات التي تحدث في النصف الثاني من العام الأول- ينطق أول كلمة صحيحة ذات معنى ومضمون في نهاية عامه الأول كأن يقول: بابا أو ماما أو كرة، وهو يعي ما يقول.

فإذ أكمل 15 شهرًا تكون حصيلته حوالي 5 كلمات، وفي الشهر 18 تكون في جعبته من 10 إلى 15 كلمة، بالإضافة إلى المقدرة على تكوين جمل من كلمتين، وفي نهاية السنة الثانية من العمر يكون “صاحبنا” قد جمع ما يقرب من مائة كلمة.

أما الفترة من العام الثالث، وحتى العام الخامس، فقد أجمع “المؤرخون” على أنها فترة الانطلاقة الكبرى في الكلام لدى الطفل؛ حيث إن الطفل في نهاية هذه الفترة يكون لديه قاموس مكوَّن من بضع آلاف من الكلمات إن لم يقف بين الناس خطيبًا.

عفوًا يا سيدتي، لا تنزعجي من هذه الأرقام؛ لأن تقييمي لحالة طفلك: أنه يعرف الكثير من الكلمات، ولكنه لا يبوح بها، وهي حالة شهيرة، ويكون الطفل في هذه الحالة في حاجة إلى عملية “استنطاق”، أي حل عقدة لسانه.

وتستطيع أنت أن تقومي بهذه العملية بالتعاون مع الأب، مع الاستعانة “بأستاذ مشارك” من أطفال الجيران الأكبر سنًّا، أو بإخوته الكبار.

كل ما عليك الآن أن تستخدمي أشياء مألوفة في المنزل، مثل: المكتب، الكرسي، الشباك، الكرة،… وغيرها، وكذلك بعض الصور لكائنات مألوفة، مثل: البطَّة، العصفورة، القطة،… وغيرها.. وعليك أن تسألي الطفل عن هذه الأشياء؛ فإن سمَّاها باسمها فخير وبركة، وإن لم يجب على سؤالك أو كرَّر نفس منطوق السؤال فعليك أن تكرِّري تسمية الشيء أمامه مرة ومرة ومرات، مع الاستعانة “بالأستاذ المشارك”؛ لأن الطفل يحب محاكاة أقرانه.

ولا تنسَي استخدام الحوافز والمكافآت التشجيعية لكل من التلميذ والأستاذ المشارك، مع مراعاة أن هذا “الكورس” في حاجة لكثير من الصبر والوقت، ولكن النتيجة ستكون مدهشة بإذن الله تعالى.

ويومًا ما إذا أصابك “الصداع” من كثرة كلام ابنك فادعُ لي ولا تدعو عليَّ.

⇐ ويمكنك القراءة أيضًا عن:

مع التمنيات الطيبة بالصحة والسعادة.

أضف تعليق

error: