خَرَجَتْ فخالفت.. أنقذي نفسك!!

خَرَجَتْ فخالفت.. أنقذي نفسك!!

دخلت امرأة وسبقها صوتها “لا إله إلا الله”.. “الله المستعان” ثم سألت ابنتها: دخلت للدكتورة؟

جاء الرد: آلحين دورنا؟

استقرت الأم في مقعدها مكررة “الله المستعان”!

تلفتت يمينا وشمالا، وفتحت حقيبتها وأخرجت رزمة من الكتيبات، ومرت علينا تهدينا كتيبها الذي يغوص في الكف الواحدة، وقد بدا عليها الاهتمام والحرص الشديد وهي توزعه، ومدى أهمية ما فيه من معلومات..

وبفضول أمسكت الكتيب باهتمام وحرص لأقرأه.. جاء العنوان

أنقذي نفسك…

قلت من ماذا…

فتحت أول صفحة ووقعت عيني على الصفحة الثانية، إذ هي صور لعيون تنظر إليّ بخوف ورعب من وراء نقابات وبراقع بتصاميم مختلفة.

وذيلت الصورة بالآتي:

الحمد لله وبعد.. فقد عرضت هذه الأشكال لأنواع النقابات والبراقع على فضيلة الشيخ “فلان بن فلان”، فكان جوابه جزاه الله خيرا ..” فقد سبق أن أجبت غير مرة بتحريم لبس المرأة للنقاب المتعارف عليه اليوم بين النساء بجميع أشكاله لأنه تحول من الحجاب الشرعي إلى حجاب شكلي، فهو تدرج إلى السفور…”.

أغلقت الكتيب وأنا أبتسم “لأنني غير منقبة” وحزنت على وقت فضيلة الشيخ .. كأن همومنا وحياتنا لا شيء فيها غير “البراقع، والنقابات”.

في نفس الغرفة كانت مريضة تنتظر دورها مثلي تقرأ الكتيب وتتنفس بخوف “لأنها تضع نقابا مخالفا حسب تصنيف الكتيب”، ألقت نظرة علي، فابتسمت لها، وقد تكون فهمت ما أردت أن أقول لها لأنها أغلقت الكتيب واستندت بارتياح على المقعد.

تذكرت.. قبل عدة أشهر في زيارتي للحرم المكي..

وإذا بامرأة متشحة بالسواد تهديني دونا عن بقية النساء الواقفات أمام الفندق شريط تسجيل..

بعنوان “خرجت فخالفت”.. ولم أهتم لهذا الشريط وتركته في غرفة الفندق عسى أن يستفيد به من خالف.. ولكن تمنيت بعد ذلك لو تخلصت منه..لأني عندما رجعت لموضوع الشريط بالبحث على شبكة الإنترنت.. وجدت أنه يفند تقريبا نفس النقاط التي حواها الكتيب الآنف الذكر، إلا أنه بإسهاب وبحث وأمثلة عن مخالفة المرأة في الحرم… عجبا!! ونتساءل لماذا لا يأتينا النصر؟.. لماذا لا تتحد ليس فقط كلمة الأمة بل أحيانا الأسرة الواحدة؟

“أنقذوا أنفسكم يا علماء”.

لنلقي نظرة على هذه الكتيبات فهي أولا منسوبة لمجهول مثل “أبو عبد الرحمن” وثانيا مطبوعة بورق فاخر وألوان جذابة ويمكنك شراء “1000” نسخة بـ”100″ ريال – أي إن كل عشر نسخ بريال واحد فقط، ولكن هذه القيمة في بعض بلاد المسلمين الفقيرة تمثل دخلا شهريا لمحتاج- وإضافة إلى ذلك أنها تُوزع على من تغطت ولبست الحجاب وتخرج بوجه “تفل” لا أصباغ فيه ولا ألوان اللهم إلا أنها.. كاشفة للوجه.. لأنها ترى أن الوجه ليس عورة.. احتاجت لكتيب ينقذها.. وشريط ينبهها أنها خالفت.. أو يدعوها لإنقاذ نفسها لأنها لبست نقابا مخالفا لاتعلوه “الغِشوه” التي تنسدل فوق العينين فتغطيهما تماما.

وأنا أتساءل هل فعلا مثل هذه الكتيبات مجموعة من فتاوى للعلماء؟ وأن ما تلبسه المرأة يقوم عالم فاضل بالنظر والإمعان فيه ويحكم إذا كان مخالفًا أو غير مخالف؟؟ فإن كانت فتاوى غير صحيحة أقول للعلماء احذروا من “أبو عبد الرحمن” وغيره ممن يوثق هواه ورأيه بأسمائكم، وإن كانت فتاوى صحيحة وثابتة، فمن حق العلماء علينا النصيحة، “أنقذوا أنفسكم يا علماء”؛ إذ إنكم تركتم الفرض والواجب.. وحكمتم بوجوب وفرضية ما اختُلف فيه حتى تسبب ذلك في الخلاف واتساع الفجوة والاتهام حتى بالتكفير والعصيان بين أفراد المجتمع، كل ذلك على حساب الكثير من قضايا المسلمين التي تحتاج للبحث لخطورتها وأهميتها للأمة وليس للأفراد فقط.. وهي مهملة لأن العلماء الأفاضل شغلوا عن الدعوة وحصروها في النقاب.. عباءة المرأة.. وبنطالها.. وسواقة السيارة.. سلسلة المرأة التي لا تنتهي.. كأن ليس في الأمة غير المرأة التي تسببت في فتنة الرجل وتسببت في تفريق الأمة ووحدة الصف..

إن الله سيحاسب كلا حسب اجتهاده.. فقد أعلن الرسول أن العبد سيسأل عن خمس منها “علمه ماذا عمل به”.

بين قبضة الحديد ولمسة الحرير

من خلال مراقبة ما يثار من القضايا التي تتعلق بالمرأة، فتعظم وتصعد قضايا كان الأولى بها أن تمر بسهولة ويسر، وتستصغر قضايا وتطمس، وكان الأولى أن تعالج ويحكم بها بشكل واضح بين؛ لذا وقعت المرأة إما تحت “قبضة الحديد” التي ترى أن خروج المرأة حتى وإن كانت بضوابط الشرع يعتبر ضياعا وفسادا للأمة، وهذا تضييق من الطبيعي أن يؤلم المرأة فتثور عليه، أو “لمسة الحرير” التي ترى أن للمرأة أن تخرج بلا ضابط أو شروط، وهذه توسعة فضفاضة توقع المرأة في ضرر أشد وتناقض أعظم.

فقضية مثل “إمامة المرأة” أو “مسجد للنساء فقط” كلها قضايا جعلتني أقف وأطيل التفكير فيها، لماذا تثار هذه القضايا؟ لماذا الإمامة بالذات؟ لماذا تخصيص مسجد للنساء فقط؟ تساؤلات كثيرة خرجت وطرأت على ذهني؟ هل أساء الرجال إمامة النساء فاحتاجوا للمرأة لتعلمهم أصولها؟ هل قضية مشاركة المرأة في المحافل العامة منها خروجها للمسجد الذي يرفضه “أصحاب قبضة الحديد” جعلها تطالب بمسجد خاص بها وتصلي فيه حاسرة بلا غطاء وهو ما وفره لها “أصحاب لمسة الحرير”؟ وهل..؟ وهل…؟.

بقلم: مريم آل ثاني

⇐ لديك مُتَّسع لتقرأ المزيد؟

أضف تعليق

error: