خطبة عن عشر ذي الحجة ويوم عرفة.. خير أيام الدنيا

تمت الكتابة بواسطة:

هنا آتِيكُم ومعي خطبة عن عشر ذي الحجة ويوم عرفة؛ نعم، إنها خير أيام الدنيا. فلا عجب أن نسوق إليكم شيئًا مميزًا ينتفع به المسلمون في المساجد، وحتى الأئمة والخطباء على المنابر.

هذه خطبة مكتوبة جاهزة، وتحتوي على التقسيم المناسب لخطب الجمعة المُنسَّقة، كالمقدمة والعناصر والفقرات ثم الدعاء.

مقدمة الخطبة

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير. وأشهد سيدنا ونبينا وإمامنا وعظيمنا محمدا رسول الله البشير النذير والسراج المنير.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأنصاره وأتباعه إلى يوم الدين.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا | يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

الخطبة الأولى

أما بعد أيها المسلمون عباد الله؛ فإن ربنا جل جلاله قد جعل هذه الدنيا مزرعة للآخرة لنتزود فيها من الطاعات ونتسابق في فعل الخيرات حتى يكون الحصاد خيرا ﴿إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ | وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾.

﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ | إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾. ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾.

وهكذا كان الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم ﴿نَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾.

بادروا إلى فعل الطاعات

أيها المسلمون عباد الله إن نبينا محمد ﷺ ما ترك خيرًا إلا حثنا عليه ورغبنا فيه، وقد أمرنا صلوات ربي وسلامه عليه بأن نبادر إلى فعل الطاعات ولا نؤجلها فقال «بادروا بالأعمال سبعا، هل تنظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا ، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر».

وقال عليه الصلاة والسلام «اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك». وحثنا رسول الله ﷺ  على ابتغاء الدرجات العلى، والحرص على الكفارات، وأخبرنا أن الكفارات؛ نقل الأقدام إلى الجماعات، والمكث في المساجد بعد الصلوات، وإسباغ الوضوء على المكاره. وأن الدرجات؛ إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام.

لا تؤجل عمل الخير

يا أيها المسلمون ليس فطنا من يؤجل عملاً خيرًا يستطيع أن يقدمه الآن فيقول افعله غدًا أو بعد غدٍ أو حين أبلغ الستين بل الواجب على العبد الذكي الفطن أن يبادر بكل خير يستطيع أن يقربه بين يديه قبل أن يبغته الموت.

نبينا صلوات ربي وسلامه عليه لما سئل عن أفضل الصدقة قال «أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت لفلان كذا، ولفلان كذا وقد كان لفلان».

ولما سئل صلوات ربي وسلامه عليه عن أفضل الرقاب «أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا».

كل عمل صالح يقربك إلى الله ﷻ احرص عليه سواء كان من أعمال القلوب؛ كحسن الاعتقاد في الله ﷻ في وجوده وفي ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، فإن نبينا عليه الصلاة والسلام لما سئل عن أفضل العمل قال «إيمان بالله ورسوله ثم جهاد في سبيله».

أعمال اللسان والجوارح

أو كان ذلك من أعمال اللسان؛ كذكر الله وتلاوة القرآن، وإفشاء السلام، وتعليم العلم وتعلمه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس، وقول الخير وما إلى ذلك.

قال عليه الصلاة والسلام «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم ؟ ! ، قالوا : بلى، قال : ذكر الله».

ليحرص الموفق على أن يذكر الله ذكرا كثيرا، وأن يسبحه بكرة وأصيلا وأن يرتل القرآن ترتيلا فذلك كله مما يقرب إلى الله ﷻ.

وكذلك أعمال الجوارح أيها المسلمون عباد الله؛ إسباغ الوضوء على المكاره وحث الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط.

الإحسان إلى خلق الله

ومما يقرب إلى الله ﷻ الإحسان إلى خلق الله من الناس وغير الناس، الإحسان إلى خلق الله عمومًا، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن رجل كان يمشي بطريق فأدركه العطش فنزل في بئر فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يلحس الثرى من شدة العطش، فقال هذا الرجل: إن هذا الكلب قد بلغه من العطش ما بلغني، ما وجد إناءً يسقي فيه ذلك الكلب، فملأ موقه “ملأ خُفة” ثم سقى ذلك الكلب، فشكر الله له فأدخله الجنة.

وفي رواية “فشكر الله له” أي الكلب شكر الله ﷻ لصنيع هذا الرجل، فأدخله الله الجنة.

من فعل الخير أيها المسلمون عباد الله؛ أن يكف الإنسان أذاه عن خلق الله فتلك صدقة منه على نفسه.

أسأل الله ﷻ أن يعيننا على فعل الخيرات وترك المنكرات، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. توبوا إلى الله واستغفروه.

لا يفوتك إمامنا الفاضل: خطبة عيد الأضحى المبارك «مكتوبة» مُقسَّمة لعناصر وفقرات

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله النبي الأمين بعثه الله بالهدى واليقين ﴿لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.

اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين وآل كُلٍ وصحب كُلٍ أجمعين، وأحسن الله ختامي وختامكم وختام المسلمين، وحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين.

عشر ذي الحجة.. خير أيام السنة

أما بعد أيها المسلمون عباد الله فبين أيدينا أيام مباركات هي خير السنة، قال رسول الله ﷺ «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» يعني عشر ذي الحجة. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء».

هذه الأيام المباركة، عشر ذي الحجة تجتمع فيها أمهات العبادة، من الصلاة والصيام وذكر الله وتلاوة القرآن والصدقات والحج والعمرة والتقرب إلى الله ﷻ بنحر الأضاحي والهدايا، وغير ذلك من الطاعات.

يوم عرفة أفضل الأيام

وهذه الأيام المباركة نهارها أفضل من نهار العشر الأواخر من رمضان لأن في هذه الأيام يوم عرفة الذي هو خير أيام السنة بإطلاق.

كما أن الليالي العشر الأواخر من رمضان خير من ليالي هذه الأيام لأن الليالي العشر الأواخر من رمضان فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

فاحرصوا وفقني الله وإياكم على أن تكثروا من الأعمال الصالحة في هذه الأيام فإنها غنيمة باردة، أكثروا من ذكر الله، أكثروا من تلاوة القرآن، أكثروا من الصيام، أكثروا من نوافل الصلاة، أكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أكثروا من التهليل فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.

وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي « لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير». واعلموا أن للدعاء شأنا عظيمًا في هذه الأيام، فتقربوا إلى الله ﷻ به.

وهنا أيضًا: خطبة صلاة عيد الأضحى مُجَهَّزَة ومُدَقَّقَة

الدعاء

  • أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى، وأن يختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين.
  • اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
  • اللهم إنا نسألك خير المسألة وخير الدعاء، وخير الثواب وخير النجاح، وخير العلم وخير العمل وخير الحياة وخير الممات، وثبتنا وثقل موازيننا، وحقق إيماننا، وارفع درجاتنا، وتقبل صلاتنا، ونسألك الدرجات العلا من الجنة.
  • اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا أجمعين، وفك أسر المأسورين، وفرج عن عبادك المسجونين، وانصر إخواننا المجاهدين برحمتك يا أرحم الراحمين.
  • اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك، يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا به حتى نلقاك.
  • اللهم إنا نُنزل بك حاجتنا وإن قصر رأينا وضعف عملنا وافتقرنا إلى رحمتك فنسألك يا قاضي الأمور ويا شافي الصدور كما تجير بين البحور أن تجيرنا من فتنة القبور ومن دعوة الثبور ومن عذاب السعير برحمتك يا أرحم الراحمين.
  • اللهم نور على أهل القبور قبورهم، واغفر للأحياء ويسر لهم أمورهم.
  • اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وارفع لهم الدرجات في الحياة وبعد الممات إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
  • ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين، وأقم الصلاة.


خطبة عشر ذي الحجة ويوم عرفة


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: