خطبة قصيرة عن شهر شعبان… هدي النبي قبل رمضان

لخطباء وأئمة المساجد، علمائنا الأكارم الأجلاء. لدينا اليوم خطبة قصيرة عن شهر شعبان. نقرأ وننهل من خلالها ما كان من هَدي النبي ﷺ قبل رمضان، وما الي دأب عليه من العمل الصالح في هذا الشهر.

هذه الخطبة، وغيرها، تأتيكم من ملتقى الخطباء وصوت الدعاة بموقع المزيد للمعلومات. آملين أن تنال استحسانكم وإعجابكم، وأن تنتفعوا بها، وسائِر المسلمين.

خطبة قصيرة عن شهر شعبان

مقدمة الخطبة

الحمد لله ﴿غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾. والصلاة والسلام على نبيه محمد ﴿الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.

اللهم صل على سيدنا محمد صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا ذا الجلال والإكرام.

الخطبة الأولى

عباد الله، ونحن معكم في هذه الجمعة المباركة؛ نتذكر في شعبان: ما هو هدي النبي ﷺ؟ وما هي سنته؟ وما هي العبادة التي يُكثِر منها ﷺ في شعبان؟

فضل الصيام في شعبان

قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله ﷺ يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيت رسول الله ﷺ استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان. وهذا حديث صحيح رواه البخاري. وفي رواية -أيضًا- أخرى، قال: كان يصومه إلا قليلا، بل كان يصومه كله.

واختلف العلماء؛ هل كان النبي ﷺ يصوم شعبان كاملا؟ أم كان يصوم أكثره؟ في هذا، الحديثين متناقضين. فالصحيح من أقوال أهل العلم، والذي عليه كثير من العلماء المحققين؛ أنه كان يصوم أكثر شعبان، ولم يكن يصمه كاملا -عليه الصلاة والسلام-.

كما ذكر ذلك الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله تعالى-.

وفي الحديث، عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله! لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟! قال «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» رواه النسائي، وحسنه الألباني.

فذَكر النبي ﷺ سببين رئيسيين لصيامه أكثر شعبان:

  • السبب الأول: أنه شهر يغفل الناس فيه.
  • والسبب الثاني: أنه شهر ترفع الأعمال فيه إلى الله ﷻ. فيريد النبي ﷺ أن يرفع عمله وهو صائم.

وذكر بعض العلماء، أن من أسباب صيام النبي ﷺ لأكثر شعبان؛ أنه بمثابة السُّنَّة القبلية لشهر رمضان المبارك. وصيام ست من شوال هو بمثابة السُّنَّة البعيدة لشهر رمضان المبارك. فكما أن للصلوات الفرائض لها سنن قبلية وسنن بعديه، فكذلك النبي ﷺ يريد أن يجعل صومًا سُّنَّة قبلية للفرض لشهر رمضان المبارك. وسُّنَّة بعدية، وهي صيام الست من شوال.

فلذلك؛ حري بنا أن نقتدي به عليه الصلاة والسلام.

وذكر بعض العلماء أن من الأسباب يمكن أن يكون هذا -صيام شيئا شعبان- بمثابة التمرين للجسم حتى يتعود على الصيام. حتى يأتي رمضان وصيامه، وليس عليه مشقة فيه ولا تعب ولا إرهاق فيه. لأنك إذا فاجأت نفسك بالصيام مع أول رمضان قد يأتي الصائم بعضا من المشقة والإرهاق والصداع وغيرها من الأمور، لما ينقص في من بعض الاحتياجات.

فلذلك؛ قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-: صوم شعبان كالتمرين على صيام رمضان. لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكُلفة وتعب. بل يكون قد تمرَّن على الصيام، فيدخل في رمضان بقوةٍ ونشاط.

فهذه من الفوائد -أيها المسلمون- لصيام شعبان. نسأل الله ﷻ أن يوفقنا لما يرضيه.

بدعة إحياء ليلة النصف من شعبان

ومن البِدع التي قد تُعمل -أيها المسلمون- في شهر شعبان، هو إحياء ليلة النصف من شعبان، وذلك بقيام وذِكر خاص وعبادة، وغيرها. وكذلك تخصيص النصف من شعبان يوم الخامس عشر من شعبان بصيام خاص به، لبعض الأحاديث التي وردت. لكن العلماء ذكروا أن هذه الأحاديث، وبعضها موضوع؛ ليس صحيحا عن النبي ﷺ.

فتخصيص هذا اليوم -النصف من شعبان- سواء في الليل بعبادة خاصة، أو في النهار بصيام خاص؛ ليس من السنة في شيء. بل هو من البدعة، ولا تجوز.

ولذلك؛ لم يفعل هذا الشيء الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- وهم أعلم بسنة النبي ﷺ، وبأحاديث النبي ﷺ. ولم يفعلها التابعون -رضي الله عنهم وأرضاهم- وهم من السلف الصالح، الذين عرفوا الدين أفضل منا، وأحسن منا. والذين كانوا أقرب لمحمد ﷺ.

والنبي ﷺ يقول «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد». وأيضا يقول النبي ﷺ «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد». أي: مردود عليه وغير مقبول. نسأل الله السلامة والعافية.

فعلينا أن نقتدي بسُنة النبي ﷺ. وما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- والتابعين، رحمهم الله جميعا.

أقول ما سمعتم. واستغفروا الله.

الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وكرمه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على النبي المختار، الهادي البشير والسراج المنير وعلى آل بيته وصحابته، إلى يوم الدين.

عِباد الله، لقد أنعَم الله -تبارك وتعالى- علينا بأيَّام مباركة ونفحات ربَّانية، فلنتعرَّض لها، وليكن جُلّ عملنا خالصًا لوجه الله ﷻ.

وإن من الشهور المباركة، شعبان. فلنُكثِر فيه من الصيام استعدادًا لرمضان، وابتغاءً لوجه الله -تبارك وتعالى-.

الدعاء

نسأل الله ﷻ أن يبارك لنا في شعبان، وأن رمضان وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات؛ إنك يا رب سميع قريب مجيب الدعوات.

اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين، وَأَعِنَّا على صيامه وقيامه يا رب العالمين.

عباد الله؛ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. وأقِم الصلاة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top