خطبة: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث – مكتوبة كاملة + بالعناصر

خطبة: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث – مكتوبة كاملة + بالعناصر

عناصر الخطبة

  • أهمية العمل الصالح في دنيانا وأثره في الآخرة.
  • الاستعداد للدار الآخرة: اليوم عمل وغدًا حساب.
  • المبادرة بالأعمال الصالحة: دروس من حديث النبي ﷺ.
  • الأعمال الصالحة التي تدوم بعد الموت: صدقة جارية وعلم نافع وولد صالح.
  • تفسير الأحاديث حول الأعمال التي تستمر بالأجر بعد الوفاة.
  • أثر البر الدائم: الصدقة الجارية والعلم النافع وتربية الأولاد الصالحين.
  • التربية الإسلامية: استمرار للعمل الصالح بعد الموت.
  • دور الدعاء والصلاة في نفع الميت بعد الوفاة.
  • المساهمة في نصرة أهلنا في غزة وفلسطين: الصدقات والدعاء الجماعي.

مقدمة الخطبة

الحمد لله حمدا يليق بجلاله، وأشكره على جزيل إنعامه وأفضاله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في أسمائه وصفاته وأفعاله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق في فعله ومقاله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان وسلم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله وتذكروا قول الله ﷻ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

الخطبة الأولى

أيها المؤمنون: الدنيا دار العمل. فإذا مات الإنسان توقف عمله وانقطع. والدار الآخرة دار الجزاء. فعلى المسلم أن يستعدّ لها بالأعمال الصالحة. فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل. قال ﷺ: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» سنن الترمذي.

فعلى المؤمن أن يجتهد في الاعمال الصالحة في دنياه قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه عمل ولا ندم. يقول تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ المؤمنون: 99،100.

وقد أخبرنا النبي ﷺ عن أوجه لاستمرار الأجر بعد وفاة الانسان. يقول النبي ﷺ قال: «إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له» صحيح مسلم.

وهذا الحديث فيه الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة. قال الإمام النووي رحمه الله: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة: الصدقة الجارية، والعلم الذي خلفه، والولد الصالح الذي يدعو له.

عن أنس رضي الله عنه قال ﷺ: «سبعٌ يجري للعبدِ أجرُهنَّ وهو في قبرِه بعد موتِه: من علَّم علمًا، أو كرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا، أو ورَّثَ مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفرُ له بعد موت» رواه البيهقي.

فهذه الأحاديث تحث الناس على الإكثار من وجوه البرّ التي تدوم ويعم نفعها. وذكرت الأحاديث أمهات هذه الأعمال التي يبقى للناس أثرها بعد وفاة الإنسان، ويستمر ثوابها لصاحبها ما دامت هذه الاعمال. وهي: أولاً الصدقة الجارية والتي عبّر عنها الفقهاء بكل ما يدوم نفعه من صدقة ووقف وبناء مساجد، ومدارس، وتعليم طلبة العلم، وبناء مستشفيات، وأماكن سكنى للفقراء والأيتام، وأبناء السبيل، وحفر الآبار، وغيرها من سائر أعمال البرِّ.

قال السيوطي رحمه الله:

إذا مات ابن آدم ليس يجري
عليه من خصال غير عشر

علوم بثها ودعاء نجل
وغرس النخل والصدقات تجري

وراثة مصحف ورباط ثغر
وحفر البئر أو إجراء نهر

وبيت للغريب بناه يأوي
إليه أو بناء محل ذكر

وتعليم لقرآن كريم
فخذها من أحاديث بحصر

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» صحيح البخاري. يقول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ البقرة: 274 ويقول تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾ البقرة 195

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال ﷺ: «مَنْ تصدَّقَ بعدْلِ تمرَةٍ مِنْ كسبٍ طيِّبٍ، ولَا يقبَلُ اللهُ إلَّا الطيِّبَ، فإِنَّ اللهَ يتقبَّلُها بيمينِهِ، ثُمَّ يُرَبيها لصاحبِها، كما يُرَبِّى أحدُكم فَلُوَّهُ حتى تكونَ مثلَ الجبَلِ» رواه البخاري ومسلم.

وأما ثانياً العلم النافع: أي الذي يستنتجه العالم من علوم ومعارف واختراعات ينتفع به الناس في حياته وبعد مماته. ليكون هذا العلم صدقة جارية له بعد وفاته.

وأما ثالثاً الولد الصالح الذي قمت أيها المسلم بتربيته منذ نعومة أظفاره على الايمان والطاعة وحب الله ورسوله والمؤمنين. فعلمته الفروض والواجبات وأمرته بفعلها. وحذرته من الحرام والمنكرات وأمرته باجتنابها. فهذا هو الولد الصالح الذي يكون قرة عين لوالديه في الدنيا والاخرة. ويعدُّ عمل هذا الولد استمراراً لعمل والديه. فيثاب الأب والأم بكل عمل صالح يقوم به الولد ويكتب لهم الأجر.

وإن من ثمرة هذه التربية دعاء الولد لوالديه بعد وفاتهما وهي مبشرة بصالح هذا الولد بإذن الله تعالى. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: (إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ: أنَّى هذا؟ فيقالُ: باستغفارِ ولدِك لكَ) رواه ابن ماجه.

ومن فضل الله تعالى أن الله تعالى ينفع الميت بدعاء الأحياء له واستغفارهم له ولو لم يكونوا من ذريته. ولهذا شرعت صلاة الجنازة للميت المسلم القريب والأجنبي. وشرع الدعاء لهم والترحم عليهم. يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ الحشر: 10.

فبادروا أيها المؤمنون بالعمل بما في هذا الحديث من حرص على العلم النافع وتربية الأولاد على الصلاح. وإخراج الصدقات وخاصة لنصرة أهلنا في غزة وفلسطين. فهم بأمس الحاجة اليها اليوم في ظل العدوان الغاشم.

يقول الله تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ المزمل: 20.

اللهم إنا نتوجه اليك في أهل غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. وارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين. وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول اليهم أو الصلاة عليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة، وشافي الجرحى والمصابين والمكلومين منهم. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب. ونذكّر أن الصلاة على الغائب من الشهداء والذين هم تحت الأنقاض بعد الصلاة والاذكار والسنة البعدية للجمعة.

⇐ وهنا أيضًا خطبة: فضائل الأخلاق – مكتوبة

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ سورة آل عمران: 102.

واعلموا عباد الله ان الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: الآية 56، عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: (أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا”، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات الى النور، يقول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ سورة الأحزاب: الآية43، وهذا يتطلب التخلق بأخلاقه ﷺ ونقتدي بسنته في البأساء والضراء وحين البأس.

واعلموا أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: “سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر”.

وفي المصائب والكرب والشدة أوصى الرسول ﷺ بدعاء الكرب وهو: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم) رَوَاه الْبُخَارِيّ. فندعو به في شدائدنا وشدائد أهل غزة وفلسطين، واعلموا أن هذا الدعاء يناجي الله تعالى في اسمه العظيم تذللاً لعظمة الله، والحليم رجاءً لحِلم الله، وربّ السموات والأرض ربّ العرش العظيم يقيناً بأن الأمر كله بيد الله.

وأكثروا عند تكالب الأعداء علينا من قول (حسبنا الله ونعم الوكيل)،لأنّ الله تعالى يقول: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ آل عمران: 173،174.

والحمد لله ربّ العالمين..

وكذلك؛ هنا أيضًا: خطبة تهز القلوب مكتوبة قصيرة بعنوان ﴿يوصيكم الله في أولادكم﴾

أضف تعليق

error: