حوار مع الزمن.. بجانبيه: المشرق والمظلم

حوار مع الزمن

أوقفني الزمن ذلك اليوم وقال: أهلا وسهلا بك.. وأهلا وسهلا بقدومك إلى هذه الدنيا التي لا تسوى جناح بعوضة عند ربك وعند الزهاد من الناس الذين لا يبالون بهذه الدنيا الدنيئة لأنها دار مرور وليست دار للقرار ولكنها اختبار وامتحان من رب السماوات والأرض لبني آدم.

قدومي إلى الدنيا كان فرحًا للعائلة أجمع وللوالدين بشكل أخص لأنني البكر من بين الأخوة وهنا تزيد فرحة الأحبة. نعم كما قيل قدوم إلى هذه الدار دار الدنيا يصاحبه الضحك والابتسامة. بخلاف وعكس الرحيل والانتقال إلى دار الآخرة. في حياة البرزخ بانتظار يوم الحشر للناس أجمعين.

أجبته وقلت له: يا زمن أتيت إلى هذه الدنيا التي وصفتها بالدنيئة ولكن إذا كانت كما قلت فإنك قد نظرت إليها بالوجه المظلم والذي أعرفه أن لكل شيء وجه مظلم والآخر منه مشرق.

وسأنظر إلى الجانب المشرق وأرضى بقضاء ربي وقدره. نعم يجب علينا النظر دوما إلى الجانب المشرق في هذه الحياة. لأنه بذلك تتم لنا الفرحة والسرور ولا تفارقنا الضحكة والابتسامة.

ولا ننسى من حولنا من أقارب وأصحاب وخلان بأن نبادلهم الحب والحنين والمودة وبذلك تسود الألفة فيما البين لأنهم يستحقون منا كل جميل ويلزم علينا أن نريهم أننا نبادلهم شعور المحبة والأخوة وبذلك هم يكتبون عنا في صفحاتهم وردة بيضاء تتفتح كل صباح وتزهو إلى ما لا نهاية.

أجابني وقال: ستجد في هذه الحياة الطيب والخبيث وغير ذلك وستجد اللين والقسوة وترى من هو ملاك ومن وحش مقنع يظهر لك خلاف ما يبطن.

أجبته بنفس منكسرة وقلت: يا للآسف وعيوني تذرف دما لأن دموعها قد أزفت إنهم كثير في هذا الزمن ولكن لا بد من ننقيهم من الشوائب والآفات وأن نمنحهم قليلا من العطف والإخاء؛ وأيضًا علينا أن نصلح ما بهم من عيوب ولا نظهره للآخرين. لأن البعض يتلقى العيوب والأخطاء بصدر رحب ولا يهدأ له بال إلا بالنشر والأخبار الطازجة.

أجابني وقال: لا بد من أن ترحل من هنا؛ لأن الأحبة قد مَلُّوا منك ولم يتبقى لهم ذرة من الصبر والانتظار تجاهك.

أجبته حالا وقلت: سأعيش صقرًا وأموت صقرًا حرًا أبيّا. إما حياة كريمة وإما ممات معزز ولا أرحل عن من قد حَل بالفؤاد وبنى قصور المحبة ولم ينسى كل جميل بيننا.

أضف تعليق

error: