جمعية حقوق الإنسان في السعودية.. نحقق في شكاوى ضد أمراء ووزراء

تمت الكتابة بواسطة:

«ليس صعبا أن يبحث المرء عن حقوقه، وإن كان في مدينة مترامية الأطراف، لكن الأصعب أن يجد طريقة للوصول إلى تلك الحقوق، واستردادها»، مقولة ربما تنثر الأفكار قبل الوصول إلى دار «الحقوق» في منطقة مكة المكرمة.

قبل الرحيل إلى حيث مقر جمعية حقوق الإنسان في منطقة مكة المكرمة، هاتفت أحد المشرف عليها، أملا في تفسير يحل اللغز، «البحث عن الحق أولا أم استرداد الحقوق»، فكان موعد فلقاء، فحوار.

حملت فيه هم السؤال الأهم هل الجمعية المعنية بالحقوق كفيلة برد الحقوق لأهلها، أم أن دورها ينحصر في الجهر بالحق، والتأكيد عليه، ويصبح الحصول عليه من صلاحية «جهات أخرى»؟

وهل الجهات يفترض أنها تتعاون، أم أنه «تأخذها العزة بالإثم»، لتهدر الحقوق ويستمر انتهاكها، وتسوء الصورة الناصعة التي من المفترض حمايتها، وإلا لما قامت جهة تعنى بحقوق الإنسان.

داعبته في بداية الحوار: «نصف ساعة قبل لقائك، ولم يقدم لنا كوب ماء، وهذا من أبسط حقوقنا المهضومة، فكيف تحمون حقوق الآخرين؟

ابتسم وطلب الماء والقهوة: «حقوقكم محفوظة، مثل حقوق الآخرين، رجلا كان أم امرأة، كهلا أم طفلا، ضعيفا أم قويا».

حقوق المرأة

ما دمنا انجرفنا لهذه الجزئية، دعنا نتساءل عن أبرز الحقوق الغائبة، وبصراحة لو أتت إلى مكتبك امرأة وطالبت بأن تتبنى الجمعية مطالبها بقيادة السيارة كيف ستتعامل مع هذا المطلب؟

رأيي الشخصي يجب أولا الاعتراف بهذا الحق، وهو حق المرأة في القيادة، ثم بعد ذلك ننظر في آلية تطبيقه وشروطه وتوقيته، وأعتقد أنه حق مشروع، ومن واجب الجميع أن تفعل هذه الحقوق، وأن تكون على أرض الواقع، وبعد ذلك تهيئة الظروف المناسبة والملائمة، والتي تتواكب مع أحكام الشريعة الإسلامية.

خلط الأدوار

أعود للبداية التقليدية، هناك خلط كبير بين التعاطي مع «حقوق الإنسان» بواقعي الجمعية والهيئة، كيف لك أن تفض هذا التشابك؟

كلانا نهتم بحقوق الإنسان ونعمل في حقل واحد، وهناك تعاون مشترك، ولجنة مشتركة عليا من أجل هدف واحد، لكن الهيئة تمثل وجهة نظر الحكومة في مسألة حقوق الإنسان، وتمثل كذلك الدولة على المستوى المحلي والدولي، بينما نحن في الجمعية نعد إحدى مؤسسات المجتمع المدني.

ولا يوجد أي تداخل في الصلاحيات بين الجهتين. فكل جهة تعمل وفق خططها الاستراتيجية ونظامها الأساسي ووفقا للقرارات التي تصدر من الجمعية الأممية.

ما نسبة الاختلاف في التوجه؟

نحسب أننا نمثل مؤسسة المجتمع المدني، ومستقلون ونعطي آراءنا في القضايا التي ترد إلينا بشكل مستقل، ونعمل على السطح، ونقوم بدورنا وفق استراتيجيتنا، ووفق الرؤية المناسبة.

كما يعتقد بعضهم أن الجمعية ربما كانت أكثر جرأة في التحرك من الهيئة، هل السبب يعود إلى أن الثانية جهة حكومية، وبالتالي مكبلة بلوائح تحد من تحركها، فيما أنتم تعملون دون قيود؟

بالطبع لا أستطيع الحكم على العمل في الجهتين وهذا يترك للمتابعين، لكن ما أعيد تأكيده أننا نعمل بحرية واستقلالية والتقييم يعود للمواطن في المقام الأول.

حقيقة العمر

بدايتكم امتدت لستة أعوام، ما الذي يشفع لكم عند المواطن؟

أولا ستة أعوام مقارنة بجمعيات أخرى في دول العالم تعد عمرا قصيرا، لأن هناك جمعيات يصل عمرها لـ 100 عام، ولكن الأكيد أن العمل في هذه الجمعيات تراكمي، ينتقل من جيل لآخر، والمفرح أن مفهوم حقوق الإنسان بوضعه الحالي بدأ يتحرك مع نشأة الجمعية، وطرحها لهذا الملف، وأعطت حراكا جيدا وبعدا إعلاميا جيدا كذلك، ونرى أن المشوار لا يزال طويلا، ويكفينا أننا أول جهة مستقلة تنشر تقارير عن حقوق الإنسان في المملكة، وأول جهة يسمح لها بزيارة السجون، وقدمنا دراسات رفعت للجهات العليا لتعديل بعض الأنظمة.

جهود وإنجازات

مثل ماذا؟

مثل تحديد سن الأطفال حيث إن الاتفاقية الدولية تقول إنها عند سن 18 عاما، بينما عندنا غير محدد، أيضا قدمت الجمعية دراسة مهمة جدا تتضمن مطالبتها بإلغاء نظام الكفالة، وكذلك حملة غصون الرحمة لإيقاف العنف ضد الأطفال، ولدينا نشرات تثقيفية بعنوان «اعرف حقوقك»، وأصدرنا حقوق السجين والسجينات، وحقوق المتهم أثناء القبض والتفتيش والمحاكمة، ونحن موجودون في الأحداث الكبيرة مثل الانتخابات البلدية، كما حضرنا عند حلول كارثة السيول.

وبشكل عام؛ ما نقوم به من حراك يجد صدى عند المسؤول. لكنه بشكل أدق يختلف مدى التجاوب من جهة لأخرى، حسب القضية، وحسب كذلك الجهة المعنية.

زيارة المتخلفين

ولكن العامة تردد بأنكم زرتم قبل سنة ونصف السنة على سبيل المثال متخلفي الحج والعمرة، القابعين أسفل الجسور، وصعدتم المطالبة بحل المشكلة، إلا أنها لم تحل، مع أنها أمام الناس، فما بالك بالقضايا التي تتم في الغرف المغلقة في السجون وغيرها؟

من يقول إننا لم نقدم حلا، لا يدرك لنوعية العمل الذي نقوم به، نحن لسنا جهازا تنفيذيا ولسنا جهازا تشريعيا ولسنا جهازا قضائيا، بمعنى أننا لسنا أصحاب قرار، دورنا المفترض مراقبون فقط لوضع حقوق الإنسان، وجهة راصدة وضاغطة، ودورنا يكمن في رفع الصوت للتعريف بأن هناك مشكلة، وهناك تجاوز، أو انتهاك، ويحسب لنا بأننا أول جهة سلطت الضوء على هذه المشكلة، ويجب حلها، ومازلنا نطالب، ويبقى القرار لدى الجهات الحكومية صاحبة القرار، التي يجب عليها أن تعمل، ودورنا الآخر في المتابعة والمطالبة حتى تحل المشكلة، وإذا لم تتجاوب الجهات نقوم بنشر ذلك في تقريرنا السنوي الذي ننشره على الملأ أو نرفع به للجهات العليا لاتخاذ اللازم.

صوت قوي

إذن تعترف بأن صوتكم ضعيف، بدليل أن المشكلة لم تحل؟

صوتنا ليس ضعيفا، ولكن يجب أن تعود للجهات المختصة لمعرفة الأسباب التي دعتهم لعدم إيجاد الحلول، هل هناك عقبات تمنعها من الحل، الذي ربما لا يكون في يديها، بل لدى قنصليات الدول المعنية، وبصراحة لا نستطيع أن نقدم أكثر مما قدمنا في هذا الاتجاه، لأننا لسنا أصحاب سلطة، كما قلت لك سابقا، وهذا دورنا مثلما دور جمعيات حقوق الإنسان في جميع دول العالم.

زيارات بلا إذن

كيف تتم مخاطباتكم مع الجهات المعنية التي تنوون زيارتها، قبل زيارتها وكيف آلية الزيارة؟

لا نخاطب أحدا، لتنسيق الزيارات، ولا نستأذن أحدا في ذلك، بل نحسب أننا نعتمد على أسلوب السرية، وربما عنصر المفاجأة، وبعيدا عن أي تنسيق، ولا أعتقد ولا جدال في أن البحث عن حقوق الإنسان يتطلب أذونات من جهة ما، ولهذا نسجل الملاحظات بحيادية تامة، بل هناك بعض الجهات تعترض على ملاحظاتنا تلك، ولكن يبقى هذا عملنا وهذا دورنا الذي يجب القيام به على أكمل وجه.

لمحت لقدم بعض الجمعيات العالمية، وعمرها الذي يمتد لنحو قرن في المجال الحقوقي، هل يعني هذا أننا تأخرنا كثيرا قبل بدء الخطوة الأولى؟

كجواب شخصي نعم، ولو أننا بدأنا قبل أعوام طويلة لحققنا نتائج أسرع، مما نحن عليه الآن، ولكن أن تصل متأخرا خيرا من ألا تصل أبدا، وهو منجز يحسب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله راعي الإصلاح الأول، وأكبر دليل على ذلك إطلاق لقب مملكة الإنسانية على بلدنا.

حاجز الحقوق

قبل أعوام من الآن كان المواطن يتحسس من كلمة حقوق الإنسان كيف استطعتم كسر هذا الحاجز؟

الحقيقة شكل لنا هذا الأمر هاجسا في البدايات، ولكن عملنا وفق رؤية محددة، وهي أن حقوق الإنسان تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وإن كان هناك بعض الأمور التي عليها اختلاف أو تحفظ، وهي لا تكاد تذكر، ولكن السواد الأعظم يتفق مع مبادئ الشريعة خصوصا فيما يتعلق بمبدأ الحرية أو المساواة والعدالة، وكسر هذا الحاجز بدأ من هذا الجانب الذي كفلته الشريعة الإسلامية.

حقوق المواطن

هل تعتقد أن المواطن السعودي يحصل على كامل حقوقه؟

لو كان الأمر كذلك لما أنشئت هذه الجمعية ولكن هناك جوانب نقص في بعض الجهات ودورنا التعريف بها والمساعدة في حلها.

عمل منظم

يعيب عليكم البعض التشتت في عملكم، بحيث تبدؤون في قضية وتتجهون إلى غيرها قبل أن تحل الأولى، لماذا؟

ليعلم الجميع أننا نعمل بمفردنا، بمعنى أننا الجمعية الوحيدة، ودورنا النظر في جميع المظالم التي تردنا يوميا، بعد أن يجد المواطن أن الأبواب سدت في وجهه، والمشكلات تختلف من شخص لآخر، ودورنا التحرك في جميع الجهات، وهذا ليس معناه التشتت في العمل.

رواتب ضعيفة

هل تعتقد أن بطالة الشباب جزء من دوركم في الجمعية، وبصراحة كيف تنظرون إلى حقوق الشاب في الحصول على وظيفة؟

النظام الأساسي للحكم في المملكة يتضمن قيام الدولة بتوفير وخلق فرص العمل للشباب، وهذا التزام على الجهات الحكومية ممثلة في وزارة العمل، ونحن نتابع هذه القضية، وسبق أن أشرنا إليها في تقاريرنا السابقة، وعلى الصعيد الفردي نتواصل مع مكتب العمل في حال عدم وجود فرص في القطاع الحكومي، بسبب عدم حصول الشاب على المؤهلات المناسبة، أو لعدم وجود وظائف تتناسب مع قدراته، ولكن بشكل عام فإن الفرص التي تقدم من خلال مكتب العمل تكون رواتبها غير مناسبة للحياة الاجتماعية، ونتابع ذلك باهتمام، وأعتقد أن إنشاء المدن الصناعية الكبرى ستكون مكانا مناسبا لخلق فرص جديدة وجيدة للشباب.

دعم مرفوض

نقبل الدعم الخاص غير المشروط، أما الدعم الحكومي فنرفضه، وإن قبلناه نقبله بشروط، حتى لا نكون تحت مظلة أي جهة.

وفي البداية حصلنا على تبرع من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد «رحمه الله»، وتم استثمار هذا التبرع ويتم الصرف من ريعه في أنشطة الجمعية، ولكن عموما جميع أعضاء الجمعية متطوعون، ومن تسند إليه أعمال إدارية يمنح مكافآت على ما يقوم به من جهود.

شكاوى ضد وزراء

هل تتلقون شكاوى مثلا من جهات أو أشخاص ضد وزراء وأمراء؟

نعم، بل سبق وتلقينا شكاوى فردية ضد أمراء ووزراء، وقمنا بعملنا تجاهها، وأعتقد أنها تقع في ظل الأمور والشكاوى الخاصة التي لا يجب الإعلان عنها.

سعاة بريد

وصف أحدهم دوركم في الجمعية بدور ساعي البريد، بحيث تتلقون الشكاوى وتحولونها إلى جهات الاختصاص، ما ردك؟

للأسف الوصف غير منصف، مع احترامنا لجميع الآراء، ولكن هناك من يجهل طبيعة عملنا، ولهذا يخرجون بهذا التصور.

مجرد «بروباجندا»

يتهمونكم بأنكم تحبون «البروباجندا»، وتحرصون على دعوة الإعلاميين لتغطية جولاتكم، هل من أجل الظهور أم لتأكيد عملكم؟

الإعلام هو من يبحث عنا، ويتابع تحركاتنا، ونحن نتميز بالشفافية في هذا الجانب، والدليل أنك من طلب إجراء الحوار، ولم نطلب نحن منك ذلك.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: