أسباب وعواقب التجسس بين الأزواج

تمت الكتابة بواسطة:

التجسس بين الأزواج

أنشأت صفحة مزورة على فيس بوك وبعثت له طلب صداقة. انتظر دخولها الحمام ليبدأ بتفتيش هاتفها، ووصلت بالبعض إلى حد مراقبة الشريك حتى في الأماكن العامة.

التجسس بين الأزواج، موضوع قد يهدم العائلة ويخرب البيوت ويشرد الأطفال الصغار، لذلك وجب علينا معرفة أسباب ودوافع هذا التجسس بين الزوجين وكيفية معالجته على نحو يمنع هدم الأسرة أو العائلة برمتها.

أسباب التجسس بين الزوجين

يقول الدكتور حسن العشري “مستشار أسري” أن التجسس بين الزوجين هو أمر قديم وليس شيئاً مستحدثاً، لأنه مرتبط بالغيرة والمرأة بصورة أكبر، لكن عصر وسائل التواصل الاجتماعي أعطى لهذا الأمر قبلة الحياة مرة أخرى وهيأ له البيئة في أن كل طرف من الأطراف الموجودة في الأسرة سواء كان الزوج أو الزوجة يتجسس كل منهما على الآخر، فضلاً عن تجسس كليهما على الأولاد أو العكس.

بعد انتشار الموبايلات الحديثة وخاصةً المثبَّت عليها التطبيقات التي يتم عليها إجراء المحادثات والاتصالات عبر الكاميرا، فبدأ كل شخص يشك في الأطراف الأخرى المجاورة له، وذلك لأسباب عدة من بينها:

  • كثرة الحكايات والروايات التي نسمعها جراء ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، وعادة ما يكون الجزء الأكبر من تلك الروايات كاذبة وغير صحيحة، حيث يتخيل البعض أمر ما ويقوم بكتابته على أنه حقيقة حدثت بالفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم حين نقرأ هذه الموضوعات الخادعة نقوم بالتفكير والشك في شريك الحياة الذي نعيش معه.
  • انتشار الفيديوهات التي ترسخ انتشار مفهوم الخيانة الزوجية على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، دون أن ندرك أن الأصل في الحياة الزوجية هو الثقة بين الزوجين.

هل هنالك من عذر لتجسس الزوج على زوجته أو العكس؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد لنا من معرفة ما إذا كان هذا التجسس مشروع أم غير مشروع.

أما من الناحية القانونية، فإن كافة القوانين الآن تجرم التجسس بين الزوجين سواء في الدول الأوروبية أو في عالمنا العربي والإسلامي.

على الجانب الآخر، من الناحية الثقافية والدينية، فإن القرءان الكريم يقول “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا”. وهذا نهي واضح وصريح للتجسس.

قول النبي صلى الله عليه “لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً وكونوا عباد الله إخواناً”. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يحذرنا من التجسس ويقول “يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تتبعوا عورات الناس فتفضحوهم، فإن من تتبع عورة أخيه ففضحه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف رحله” وفي رواية أخرى “ومن تتبع الله عورته فضحه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة”.

إذن فإن التجسس بين الأزواج محرم من الناحية الدينية والقانونية أيضاً، حيث وُضع عليه عقوبات تتعلق بالسجن أو الغرامة.

تابع “العشري”: تؤمن الزوجة بشكل خاص بمشروعية تجسسها على زوجها بحجة أنها بذلك تحمي بيتها وتحافظ على زوجها المنخدع بامرأة أخرى، وهنا لا يسمح الرجل لزوجته بأن تملي عليه ما تراه في سلوكياته ولا يأبه لها ويقوم بالتمرد عليها، ومن ثم قد تكون المرأة سبباً حقيقياً لخيانة زوجها لها نتيجة شعوره بالخناق والضيق من جانب زوجته، وهنا يبحث الرجل مرة أخرى عن الحرية خارج المنزل، ويتكرر الأمر إلى أن يعتاد الزوج الكذب على زوجته حتى يصل به الأمر إلى خيانته لها.

عواقب التجسس بين الزوجين

الجدير بالذكر أن من حق المرأة الحفاظ على كيانها وبيتها وأولادها طوال الوقت، لكن ذلك لا يعني أنه يمكنها الاعتداء على حرية الآخرين وخاصةً حرية أقرب الناس لها وهو زوجها.

إن عمق العلاقة بين الزوجين والتي سماها القرءان ميثاقاً غليظاً أحياناً تعطينا قدرة أو انطباع بإمكانية تملكنا للطرف الآخر، وهذا يجعل بعض الأزواج يرى أن الزوجة ملك له، وله مطلق الحرية في التصرف فيها كيفما يشاء، وأحياناً كذلك تعطي هذه العلاقة الزوجية حرية كبيرة وحق التجسس عليه أو متابعته ومراقبته طيلة الوقت.

على الجانب الآخر، هناك بعض المساوئ التي تنتج عن تجسس الزوجين على بعضها البعض، ومن بينها:

  • فقدان الثقة بين الزوجين.
  • سوء الظن بينهما.
  • كثرة حدوث المشكلات الزوجية بينهما.
  • وجود علاقة غير صحية وغير طبيعية بين الزوجين.
  • التأثير السلبي على تربية الأولاد.
  • تنشئة حالة من التوتر الشديد بين الزوجين.
  • إمكانية هدم البيت في نهاية المطاف.

لذلك، فإنني أعتبر أن العلاقة بين الزوجين هي علاقة شبيهة بالإيمان، لا يجب أن يشوبها أي نوع من أنواع الشك أو الريبة، لأن الإنسان المؤمن لا يستوجب عليه أن يشك في عقيدته، وكذلك نرى في العلاقة بين الزوجين التي تجمع بينهما في ظل وجود ما أسماه الله بالميثاق الغليظ.

سبل التصرف في حالة الشك بين الزوجين

إن ما نعنيه بالشك هو ليس ذاك الشك العرضي الذي يتعرض له جميع الأزواج كل يوم، ولكن ما نقصده فعلياً هو التحقق من عدم التأكد من الطرف الآخر سواء الزوج أو الزوجة، وهنا يحين موعد السؤال الأهم وهو: هل من الممكن أن يقبل الزوج أن يعيش مع زوجته الغير متيقن من أخلاقياتها؟

يبقى حل هذه المشكلة عند النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمنا أن الإنسان إذا تشكك لا يتحقق. لذلك، لا يجب عليك السير وراء هذا الشك وتحاول أن تتجسس، لأنك حين تتجسس على الآخرين ربما تكتشف أشياءً هي لا تخصك من الأساس.

إلى جانب ذلك يمكننا القول بأن الزوج لا يمتلك زوجته التي لها خصوصيات معينة بعيدة عنه كعلاقاتها بأهلها أو بأصدقائها، وهذه العلاقات لا يجوز للزوج أن يتدخل فيها، كما لا يجوز للزوجة أن تتدخل في علاقات زوجها ولا تتبع عورته وتتبعه وتتجسس عليه لأن له خصوصيات محددة وخاصة به.

للمرأة والرجل مساحة من الحرية والخصوصية لابد لكليهما أن يحترمها ويراعيها، ومن ثم فإن هناك نوع من التناغم بين الزوجين سنراه جلياً حين تُحترم هذه المساحة من الحرية والخصوصية ودون أن يكون الزوج كتاباً مفتوحاً أمام زوجته أو العكس.

بالإضافة إلى ذلك، لابد من وجود حوار بناء بين الزوجين قبل أن يصل الأمر إلى حالة من الشك بين هؤلاء الزوجين وذلك حين تلاحظ المرأة وجود تغيرات معينة في سلوكيات الرجل وتجعله متهما أمامها طوال الوقت كاهتمام الرجل بملابسه وجسده إلخ إلخ…، أو العكس مع المرأة.

ضرورة احترام كلا الزوجين لمواهب وهوايات الطرف الآخر حتى وإن كانت تلك المواهب والهوايات بسيطة إلى حد كبير.

وختاماً، لابد من الحفاظ على حق الاحترام المكفول للجميع بشكل عام وللأزواج بشكل خاص حتى يمكنهما تجاوز أي عراقيل حياتية في أي وقت، حتى وإن وصل الأمر بهما إلى الشك أو سوء الظن وغيرها..، فضلاً عن ضرورة عدم تجسس الزوجة على زوجها حتى لا تفتح بذلك باباً مغلقاً من الأساس بمساعدة الشيطان الرجيم الذي يسعد بمثل هذه الأمور كما أوضح لنا القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: