المسكن ونواح المفرطين

تأمين المسكن هَم وشغل شاغل للمجتمع، وزاد في الآونة الأخيرة بعدa قرارات إعادة تنظيم توزيع المنح، إلى جانب الحلول الإسكانية الجديدة، وفي كل مرة يفتح موضوع السكن يبادر بعض الأشخاص إلى سؤال العاملين في قطاع الصحافة باعتبارهم ناقلي الأخبار، عن تفسير القرارات، خاصة المتعلقة بالمنح، ولا يجد الصحفي ردا، فالتنظيمات الجديدة غير واضحة المعالم، وهناك اشتراطات لم يفهمها الناس، وقد لا تكون واضحة أيضا لموظفي البلديات والأمانات.

لست في وارد توضيح قرارات أنا جزء من شريحة كبيرة لم تفهمها، لكن ما أفهمه أن هذه المنح منذ ولادتها لم تساهم في حل المشكلة، لأسباب كثيرة على رأسها ثقافة الممنوح، الذي يشتكي اليوم وينوح على ترك الدولة له وحيدا، فكثير ممن منحوا أراضي تسابقوا على بيعها وهي لا تزال أرقاما على الورق، كأن الأرض التي منحت لهم عبارة عن هبة مالية قدمتها الدولة لهم، فباعوها بأبخس الأثمان، ثم تفرغوا للنواح، والجهات الرسمية مسؤولة أيضا حين لم تضع ضابطا لتلك الممارسات، فضاع الجاد في تسابق غير الجادين.

مشكلات الإسكان في البلاد هي نتاج العديد من المشكلات في قطاعات مختلفة، لكن جزءا كبيرا منها ناجم عن ثقافة الأفراد في التعامل مع المستقبل والتخطيط له، فغياب تخطيط الفرد لمستقبله واتكاليته على الدولة جعلاه في وضع صعب، فالدولة تضع الخطط العامة، لكن الوضع الخاص لكل فرد مسؤولية الشخص نفسه، قد يكون من الحق أن تطالب الدولة بمساعدة الفرد في الحصول على مسكن من خلال توفير الأرض، والمساعدة في توفير مواد البناء بأسعار معقولة، وتوفير برامج تمويل تراعي ظروف المواطن من خلال هامش الربح وفترة السداد الطويلة.

لكن ذلك يتلاشى حين يفرط الفرد في أرضه الممنوحة، وحين تدير فئة كبيرة ظهرها لسداد صندوق التنمية العقارية، وتعطل دوره التنموي، ولهذا فالاعتراف بالمسؤولية مفيد في عدم تكرر الأخطاء مستقبلا.

بقلم: منيف الصفوقي

أضف تعليق

error: