العقوبة المخففة.. تشجيع

حالات انتحال صفة رجال الأمن لغرض سلب الآمنين أموالهم، من أشد الجرائم، وتحتاج إلى عقوبات قاسية في حق من يقترفها، لكن المفاجئ أن ديوان المظالم أصدر حكما بالسجن سنة واحدة مع غرامة خمسة آلاف ريال على مدان بانتحال صفة رجل أمن سلب آلاف الريالات من مواطنين ومقيمين.

هذه العقوبة أقل من حجم الجرم، ومهما تكن المبررات التي ساقها المتهم، فهي غير مقبولة، لأن الجريمة التي ارتكبها شديدة، وأثرها يتعدى إلى هز الثقة في موظفين هم عماد الأمن في البلاد، ومن الطبيعي أن يلجأ إليهم كل محتاج إلى المساعدة، وعليه فإن الحكم قد يجرئ آخرين على ارتكاب مثل هذه الأفعال المشينة، التي من شأنها أن تربك المواطن والمقيم على حد سواء.

في أحيان كثيرة يأخذ الحكم القضائي أبعاد القضية بنظرة شمولية، لكن في المقابل الكل يتعاطف مع العاطل عن العمل إذا وقع في خطأ، وندرك أن ضيق اليد يدفعه إلى الوقوع في أمور ممنوعة، وفي المقابل يجب ألا يتحول التعاطف إلى وسيلة لتخفيف عقاب الخطأ، لأن ذلك من شأنه أن يقود إلى مزيد من المخطئين، فمن الواضح أن الجريمة التي ترتكب خلفها دوافع، والبطالة أحدها، لكن في الجانب الآخر يوجد بيننا عاطلون كثر، ومع ذلك ترفعوا عن الانزلاق إلى مواطن الخطأ، ولم يقبلوا أن يكون ضيق يدهم مبررا لسقوطهم.

التحذيرات التي يطلقها كثير من الجهات والمؤسسات والمختصين حول خطر البطالة على أمن المجتمع لا تزال تنتظر أن تقابل بأفعال من الجهات المعنية، ولو في أقل الأحوال صرف إعانة للعاطل تكفيه إلى أن يجد عملا يعتاش منه، فالأمن الوقائي مطلب مهم، وكثير من دول العالم تطبقه، لأن المخاطر الناجمة عنه أكثر كلفة وضررا، ومع ذلك ما زال هناك من يرى أن إعانة العاطل مكافأة له كي لا يعمل، فيما لا يفكر هؤلاء أن تفاقم المشكلة يعني الذهاب أبعد من انتحال صفة رجل أمن.

بقلم: منيف الصفوقي

أضف تعليق

error: