من هم العوام؟

ساد الاعتقاد لدى الكثيرين بتحريم الخوض في أمور الدين والدنيا من قبل العوام وعدم الأخذ إلا بما يقوله العالم رغم تلاشي هذا المصطلح من أرض الواقع التقني والتكنولوجي، والذي ساهم في سهولة الحصول على المعرفة.

فمصطلح «العوام» نجده كثيرا ما يتكرر في كتب العلوم الشرعية، مما قد نفهم معه وجود تقسيم يفرق بين طبقات المجتمع القديم إلى خواص وعوام، فاقتصرت بذلك مهمة التفكير على طبقة خاصة كانت تولي التعليم والدراسة اهتماما في مجتمع لا يهمه في المقام الأول سوى البحث عن رغد العيش، والتلذذ بملذات الدنيا، في الوقت الذي لم يجلب معه طلب العلم أي منفعة أو سلطة دنيوية قد ينظر إليها بعين الاعتبار، ولا سيما أن طلب العلم في ذلك الوقت كان يشترط النقل بالسماع مما يفرض على المتعلم ترك أمور الدنيا والانشغال بأمور الدين بالسفر وملازمة المساجد. مما أدى هذا التقسيم لعزل طبقة كبيرة من المجتمع عن التفكير أو محاولة التفكير في استنباط أحكام تخص دينه، أو تنظم علاقاته مع الخالق من جهة، ومع مخلوقاته من جهة أخرى دون الرجوع إلى الخواص، الذين شددوا على أخذ الحذر وترك هذه المهمة للفقهاء باختلاف مذاهبهم وظروف حياتهم.

إضافة إلى نمط الحياة القديم نجد أيضا أن وسائل نشر العلم التقليدية أسهمت بوجود هذا التقسيم، حيث انحصرت في صور بسيطة كمنابر الخطب، أو في حلقات الدروس التي لا تهم أحدا من العوام كونها لا تفيده في تجارته أو زراعته، في ظل أنه كان يكتفي بمعرفة ما يعينه على أداء أركان الدين التي تكفيه لدخول الجنة.

ومع التقدم العلمي والتقني الذي نشهده اليوم ظهرت مفاهيم ومصطلحات جديدة، حتى تعارفت أجيال اليوم بأن الأمية هي الجهل باستخدام الحاسوب أو الإنترنت، فيما كانت تعني الجهل بالقراءة الكتابة والتي كانت أهم صفات العوام في ذلك الوقت!

إلا أن هذا التقسيم لم يضف لصاحبه ميزة الانفراد بالتفكير كما كانت في السابق، بقدر ما حررته المعرفة لأن يتعلم طرق التفكير واستنباط الأحكام التي يستقي منها سبل العيش بكرامة وسعادة.

بقلم: سعود البشر

يُمكنك أن تقرأ هنا أيضًا مقال: من يجوز له الفتوى يا ناس؟

أو هنا -كذلك-: مقال عن الثقافة والدين

أضف تعليق

error: