مقال عن تربية الأبناء

تربية الأبناء

الأبناء هم نعمة عظيمة أنعم الله علينا بها، وهي تتقدم على المال وزينة العيش الرغد، فالمال لا ينفع صاحبه ولا يشعره بالراحة إن لم يكن له ولد. ولا يوفر له السعادة إن كان له ابن مريض مثلًا، ولا يغني المال عن ولد صالح يشعر بها المرء أنه قد فعل شيئًا إيجابيًا في هذه الدنيا ويشهد ثمرته وهي تنمو وتكبر بين يديه.

فالأبناء فضل من الله واختبار، وهنيئًا لك بعيش كريم إن كان لك أبناء صالحون مهذبون وقد قمت بتربيتهم التربية القويمة السليمة. ستجد نتاج هذه التربية يعود عليك قبل أن يعود على المجتمع. وهو اختبار وابتلاء فليست تربية الأبناء بالشيء السهل اليسير، ولا رزقك الله الولد كي تتركهمدن تربية أو رعاية ثم تنتظر أن يكونوا ثمرة صالحة تقوم على رعايتك في الكبر واحترامك وتقديرك.

فالله تبارك وتعالى ينعم علينا بنعمه التي لا تُعد ولا تُحصى وينتظر منا أن نشكر نعمته، وشكر النعمة يكون بالحفاظ عليها، فإن لم تحافظ على أبنائك لا تلومن سوى نفسك فأنت من بيدك أن تحافظ عليهم أو تهملهم وفي الحالتين يعود عليك الأمر برمته.

واجب تربية الأبناء

تربية الأبناء هو واجب على كل فرد، فأنت لم تنجب أطفالًا لتقوم الدنيا بتربيتهم، بل عليك أن تقوم بواجبك نحوهم وأن تعمل على تربيتهم تربية سليمة. وأن تقوم على أمورهم وشؤونهم وتسعى في طلب الرزق من أجلهم. ولكن لا يظن البعض أن السعي وراء الرزق هو عذر عن عدم تربية الأبناء أو التخلي عن تقويمهم.

فنجد في أيامنا المعاصرة الكثير من الآباء والأمهات يقومون بالتوجه إلى وظائفهم وأشغالهم وينشغلون عن أبنائهم طوال اليوم، ويتركون أمرهم لآخرين استأجروهم ليقوموا على مصالح أبنائهم. وهناك من يوكل أمر رعاية أبنائهم لمدرسة أو دار تستضيف الأبناء طوال اليوم ولا يراهم أبويهم سوى سويعات قليلة في آخر اليوم. وهل هناك من يقوم على مصالح الابن أفضل من أبويه؟ هل هناك من يهتم بتربية الأبناء تربية سليمة صحيحة وييسعى لأن يصل الأبناء إلى مراتب على أكثر من الآباء والأمهات؟ فلا أفضل من الأبوين في تربية الأبناء ورعايتهم والسعي وراء مصالحهم. ولا أكثر من الأبوين يخشى على أبنائه ويسعى لتوفير كافة السبل والطرق لتربية أبنائهم تربية قويمة.

وإليك هنا: أشكال التفرقة بين الأبناء والآثار الناتجة عنها

وتربية الأبناء هي أمر مشترك بين الأبوين، فلا تقتصر على الأم وحدها ولا على الأب وحده. ذلك لأن كثيرًا من الآباء على الأخص في هذه الأيام ينشغلون عن أبنائهم في أعمالهم ويتركون أنفسهم للدنيا تحيط بهم من كل جانب ولا يعلمون شيئًا عن أبنائهم.

ولإن سألت أحدهم عن أمر يخص أبناءه لا يعلم ويتعلل بانشغاله وسط أعماله وأعبائه وأنه يقوم بما عليه في توفير نفقات أبنائه، وأن الأم هي من عليها كل أمور الأبناء من تربية ورعاية واهتمام. ونسوا هؤلاء أن الأم وحدها لا تقوّم الأبناء ولا تستطيع وحدها أن تقوم بما يجب فعله تجاه الأبناء. فالأم لا شك تقوم بما عليها على أكمل وجه حتى أنها مكرمة أكثر من الأب عند أبنائها لما لها من فضل كبير عليهم منذ أن كانوا نطفة لم تدب فيها الحياة بعد. ولكن هذا لا يمنع أن الأب له دور كبير ومهم ويجب أن يقوم به على أكمل وجه.

فهناك أمور لا يمكن أن يقوم بها سوى الأب، والأبناء الذين يكبرون ولا يرون تقويمًا أو توجيهًا من والديهم؛ لا ينشأون بطريقة صحيحة ولا يكنون تقديرًا واحترامًا لآبائهم لأنهم لم يكونوا في حياتهم منذ البداية. وأن آباءهم ما هم إلا وسيلة لجلب المال وحسب، وما عليهم أن يوجهونهم أو يطلبون منهم أن يقوموا بأمر على غير رغبتهم. وهنا لا يلوم الأب إلا نفسه لأنه من تسبب في هذا منذ البداية.

واقرأ هنا: السلوك السليم للآباء عند حصول الأبناء على نتائج دراسية غير مرضية

دور الأم في تربية الأبناء

وبالمثل فإن الأم لها دور كبير ولا يمكن الاستغناء عنه في تربية الأبناء، ولا تظن امرأة وخاصة في هذه الأيام أنها قادرة على تربية الأبناء بمفردها وأنها ليست في حاجة إلى الرجل في تربيتهم. فالأبناء يكبرون وتظن أنهم أسوياء ولكن هناك أمور لا يُكشف عنها بل تكون كامنة في نفوسهم ووعيهم، تتأثر هذه الأمور بغياب الأب، وتتشكل نفسية الأبناء على هذا وتتأثر كثيرًا بهذا الأمر.

ومن هنا فإن مشتركة الآباء والأمهات بعضهم البعض في تربية أبنائهم هي الوسيلة الأولى الناجحة في تنشئة أجيال صالحة بعيدة عن الأزمات النفسية والسلوكية التي عهدناها في الفترات الأخيرة من حياتنا.

وعلى كل الآباء والأمهات أن يقوموا بما عليهم في تربية الأبناء وتوعيتهم والاهتمام بشؤونهم. وكذلك العمل على تربيتهم التربية الدينية الصحيحة والقويمة، فالدين يقوّم صاحبه ويقوم بتربيته. فيأخذها الآباء والأمهات بنية صادقة أن يفقهونهم في الدين، والدين يقوم على أمورهم بإذن الله.

فعيب كبير علينا أن نهتم بتعليم أبنائنا اللغات الأجنبية المختلفة ومختلف العلوم وننسى دينهم الذي يعصمهم من كل سوء ويصحح مساراتهم ويقوّم سلوكياتهم، ونحن بحاجة إلى هذا بلا أدنى شك. وعلى الآباء والأمهات أن يهتموا بقواعد التربية السليمة كالتوجيه القائم على الحوار مع الأبناء وعدم الاكتفاء بإلقاء الأوامر فحسب فهذا يمكّن الأبناء من فهم توجيهات الأبوين بشكل أفضل وتكون استجابتهم لهذا أعلى.

بالإضافة إلى ضرورة أن يكون الأبوين نموذجًا وقدوة حسنة لأبنائهم؛ فالأبناء ما هم إلا صورة لما غرسه الآباء والأمهات في نفوسهم.

هذه مقالات قد تهمك وتفيدك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top