مخالفات الفساد في مستشفيات السعودية

عزيزي القارئ الكريم، أما إن كنت تعاني نقصا حادا في معرفة أنواع «مخالفات الفساد» التي قد تحصل في مستشفى حكومي أنشئ لخدمة المرضى لا غير، فإنني أقدم لك عظيم المواساة وواسع العزاء – لأنك بدرجة كبيرة قد تكون أحد ضحايا تلك المخالفات، ثم إنني أحيلك إلى تقرير ديوان المراقبة العامة عن المستشفى “الفلاني” بالرياض، التقرير الذي ستجد في ثناياه كل مخالفات النظام التي يكفي توزيعها على مستشفيات المملكة بالتساوي حتى تتفجر لدينا أزمة صحية حقيقية!

ستنتهي من قراءة التقرير ثم من هول الصدمة ستعيده ثانية حتى تتأكد أن ما قرأته صحيح، ثم ستعيده ثالثة حتى تتيقن أنك لم تغفل عن مخالفة من هنا أو هناك، وستعيد قراءته بالتفصيل لمرة ثالثة حتى لا يساورك شك أن كل المخالفات التي وردت فيه هي السبب في تراكم الأعداد المهولة من المرضى في صالات الانتظار وهي العلة في تدني الخدمة وسوء المعاملة وتفشي المحسوبية، وستحتفظ بذلك التقرير لأنك ستصل إلى قناعة تامة بأنه سيكون من أفضل المراجع وأكمل الـ«كتالوجات» لقضايا الفساد! ستصبح ضليعا بعد قراءتك للتقرير بمصطلح الـ«بيروقراطية» حين ترى أن نصيب الطبيب الواحد هو سبعة مرضى في الشهر الواحد.

ستعي معنى «اللامبالاة» بعد مشاهدتك للرقم 52 ألف مراجع خلال شهرين فقط، وستشاهد «المحسوبية» في أبشع صورها حين تقرأ عن عدم توظيف أطباء سعوديين منذ نحو سنتين على الرغم من وجود وظائف شاغرة!

وستفهم كيف يتم سحق «نظام العمل والعمال» ومخالفة أنظمة البلد وعاداته وتقاليده بتخصيص دورات لتعليم الرقص الغربي وكأنه هو ما يحتاج إليه الموظفون لقيامهم بمهامهم على أكمل وجه، ستقرأ عن تدني الخدمة المقدمة للمرضى هناك وعن كثرة غياب المدير ونائبه البريطاني، ستقرأ عن إصرار مدير الموارد البشرية على توظيف مديرين أجنبيين على الرغم من أن تخصصهما يحمله نصف العاطلين في البلد!

هل أنهيت كل ما سبق؟ اسحب كرسيا إذن واقعد بجانبي وبجانب المنتظرين الآخرين لنتائج التحقيق والعقوبات المتوقعة، ثم ارفع يديك وردد معي «اللهم لا تجعلهم يخذلوننا هذه المرة»!

بقلم: ماجد بن رائف

وهنا تقرأ: صحيحة وخاطئة يا شباب

وإليك أيضًا: إكرام الميت دفنه

أضف تعليق

error: