«طلال العتيبي» يسأل: أنا والد لطفلة تبلغ من العمر 4 سنوات وقد ولدت صغيرة الحجم وعند مراجعتي بها لأحد المستشفيات أخبرت بأن عندها ما يسمى بمتلازمة “سيلفر روسل” وهذه لا تأتي إلا بنسبة واحد في المليون، كما قيل لي من قبل طبيب أطفال.
الآن أنا أسأل عن هذه الحالة ما هي أسبابها، وهل لها عواقب في المستقبل لابنتي؟ أرجو التوضيح علما أن أخاها سليم البنية وقد أتى بعدها وهي البكر.
أرجو الاعتناء بطلبي هذا حيث إنني قلق على حالتها، وما الإجراء المناسب لمثل هذه الحالة هل هو هرمون النمو، ولمدة كم من الوقت، أم يوجد بديل أم ماذا؟
وفقكم الله ورعاكم.
⇐ فريق الاستشارات الصحية أطنَب في الإجابة عن الاستشارة؛ وأوضح: الأخ العزيز.. تم عرض استشارتك على كل من الدكتور نبيل حنفي والدكتور مصطفى عبد الرحمن المختصين بطب الأطفال لدينا في الصفحة وإليك ردهما على التوالي:
1- يقول الدكتور نبيل حنفي: طلبت معلومات عما يسمى “بمتلازمة سلفر – روسل” وسأجيبك بصورة شبه تفصيلية عن الموضوع ولكن هذا لا يمنع من أن يكون لي رأيي الشخصي في نهاية الرد.
بداية -لعلها فرصة- أن أوضح لك وللإخوة والأخوات المتصفحين معنى كلمة “متلازمة” والتي تتكرر بين الحين والحين كبديل لكلمة المرض.. فقد تلاحظ لدى علماء الطب أن هناك مجموعة من الأعراض المرضية تظهر بصورة متلازمة أو مترافقة مع بعضها في بعض المرضى بالرغم من أن هذه الأعراض تبدو غير ذات صلة ببعضها البعض.. ويوجد عشرات من المتلازمات وقد سمي أغلبها بأسماء أول من وصفها من علماء الطب.. وعلى سبيل المثال هناك عدد من المتلازمات المشهورة مثل:
متلازمة داون: أو الطفل المنغولي حيث يبدو الطفل منغولي الشكل، ومن أعراضها الشهيرة: وجود نسبة من الإعاقة الذهنية بالإضافة إلى شكل معين يتمثل في قصر القامة – الشعر الناعم – العين مسحوبة لأعلى – قنطرة الأنف عريضة – الفم صغير – اللسان متشقق وغالبا ما يظهر خارج الفم.. وغيرها.
وهناك متلازمة تيرنر ومتلازمة كلينفلتر ولقد سبق الحديث عنهما في استشارات سابقة.
أما متلازمة سلفر- روسل التي نحن بصددها فهي من الأمراض النادرة جدا وقد وصفها لأول مرة سنة 1953 طبيب يدعى “سلفر”.. ثم وصفها في العام التالي (1954) طبيب آخر يدعى “روسل” ولذا سميت المتلازمة باسمهما.. ومنذ وصفها وحتى ذلك الحين لم يزد ما تم تشخيصه على مستوى العالم عن عدة مئات قليلة.
وتختلف الحالات فيما يظهر عليها من علامات مرضية اختلافا شديدا فهناك علامات أساسية تكاد تكون موجودة في كل الحالات مثل:
تأخر نمو الطفل أثناء الحمل – تأخر النمو بعد الولادة – النحافة – الوجه المثلث – ضعف الشهية في سنوات العمر الأولى – قصر وتقوس إصبع اليد الخامس.
وهناك علامات مرضية تكون موجودة في أغلب الحالات مثل: نقص السكر وكثرة العرق في سنوات العمر الأولى – عدم تطابق طرفي الجسم حجما أو طولا – صغر الذقن – الشفة دقيقة – اتجاه زاوية الفم إلى أسفل – صغر الأسنان وازدحامها – صغر الأذن – التصاق الأصابع – الخصية المعلقة – تأخر نمو العظام – ارتخاء العضلات.
وهناك علامات نادرة الحدوث مثل:
ارتفاع سقف الحلق – استسقاء دماغي – عيون زرقاء – التهابات متكررة بالأذن الوسطى – تشوه بالفقرات – نقص هرمون النمو – عيوب خلقية في الجهاز البولي. – صعوبات التعلم – ظهور بقع بنية فاتحة على الجلد تشبه لون القهوة المخلوطة بالحليب.
ويعتمد تشخيص المرض بشكل أساسي على مدى وجود العلامات السابقة في المريض ولا توجد أي أبحاث معملية حاسمة لتشخيص هذا المرض.. ولكن تبقى هذه الأبحاث كعوامل مساعدة في تشخيص هذا المرض وذلك مثل: تشخيص تأخر نمو الطفل أثناء الحمل عن طريق الأشعة التلفزيونية – نقص السكر في الدم – تقدير هرمون النمو- تقدير عمر العظام عن طريق الأشعة السينية – الأبحاث الجنينية وغيرها.
وحتى الآن فإن أسباب هذه “المتلازمة” لم تحسم بصورة نهائية حيث يظهر أغلب الحالات بصورة عشوائية، وهناك حالات قليلة تظهر على أسس جينية وراثية، وتشير بعض الأبحاث بإصبع الاتهام إلى كروموزوم رقم 7 حيث إنه لا يوجد تاريخ وراثي في هذه الأسرة فإن احتمالية تكرار مثل هذا المرض في أطفال آخرين يكون نادرا جدا إن لم تكن معدومة بأمر الله.
أما بخصوص العلاج: فإن الطفل حديث الولادة المصاب بهذا المرض يحتاج إلى عناية طبية مركزة.. وقد تجاوزت الابنة العزيزة هذه المرحلة والحمد لله.
أما البرنامج العلاجي المقترح بالنسبة للابنة العزيزة فهو لا يتعدى الآتي:
- الاهتمام بزيادة السعرات الحرارية لتنشيط نمو الجسم وعلاج نقص السكر.
- يمكن استخدام فواتح الشهية مثل دواء “بريكتين” على ما في استخدامه من محاذير.
- ويبقى استخدام “هرمون النمو” هو الأمل الوحيد لإحداث طفرة نسبية في نمو الطفلة من حيث الوزن والطول.. وحتى الآن لم يستطيع الطب أن يقدر بدقة الفترة التي يمكن أن يستمر فيها العلاج بهذا الهرمون.. لذا فأمر هذه الفترة متروك لتقدير الطبيب المشرف على الحالة.
- والأهم من هذا وتلك.. فإن الطفلة محتاجة إلى برنامج تأهيلي وتعليمي وتربوي للتغلب على أوجه القصور المحتمل وجودها لدى الطفلة.
وأخيرا -أخي الفاضل- فهذا هو كل ما لدي ومعظم ما لدى الآخرين من علم بخصوص هذه الحالة.
أما عن الرأي الشخصي الخاص بي في هذا الموضوع فهو أن لدي إحساسا قويا بأن حالة الابنة العزيزة لم تأخذ حقها في البحث والاستقصاء، ولقد اعتمدت -على ما يبدو- على تشخيص أحد الأطباء الذي قال لك: إن طفلتك مصابة بهذا المرض النادر.. ولدينا مقولة شهيرة في الطب تقول: “إنه في حالة تشخيص المرض النادر.. فنادرا ما يكون التشخيص صحيحا”!
لذا فإني أقترح إلحاق هذه الطفلة بأحد المراكز الصحية المتقدمة – وما أكثرها ببلدك – حيث يتم الفصل نهائيا في تشخيص المرض من قبل مجموعة من الأطباء المختصين في الوراثة والغدد الصماء وغيرها.. فإن لم تكن قد فعلت ذلك فإني أدعوك أن تفعل.. حيث إن النحافة وقصر القامة من الموضوعات المتشعبة كثيرة الاحتمالات في عالم الطب.
وإذا استقر التشخيص في نهاية المطاف على هذا المرض فهذا – وبحق – قد يكون أفضل من احتمالات أخرى كثيرة، وذلك لأن الأطفال المصابين بهذا المرض تكون الإعاقة عندهم شكلية وجسدية وليست عقلية، وبهذا يصبح من السهل دمجهم في الحياة العامة بشيء من الصبر وبعض من المجهود.. فلا تقنط ولا تتوان في مساعدة الطفلة قدر استطاعتك فهي تستحق هذه المساعدة.. وجزاك الله خيرا لقاء اهتمامك وحرصك ولعل الله يجعل من بعد عسرا يسرا.
مع أطيب التمنيات الطبية للطفلة العزيزة بالصحة والسعادة ومستقبل باهر بأمر الله.
2- ويقول الدكتور مصطفى عبد الرحمن: من خلال رسالتك أخي فإنه إن صح تشخيص حالة الطفلة كما ذكر لك الأطباء بأنها تعاني بالفعل من متلازمة روسل سلفر فإن هذه المتلازمة تعد تناذرا خلقيا نادرا جدا حيث لم تنشر سوى حوالي 500 حالة فقط في الأدب الطبي.
ويجمع هذا التناذر بين قصر القامة وعدم تناظر في الأطراف، وكذلك شكل خاص للرأس حيث تبدو الجمجمة كبيرة بينما يبدو الوجه نحيفاً. وبالنسبة للذكاء يبقى طبيعيا في معظم الحالات رغم وجود تأخر في التطور الحركي للطفل.
وسبب هذه المتلازمة غير معروف حتى الآن وبالتالي فإن إمكانية حدوث الحالة في الإخوة الذين سيولدون فيما بعد غير معروفة لكنها تبقى نادرة جدا جدا.
والعلاج في مثل هذه الحالة يكون عرضياً ومن بينه كما ذكرت هرمون النمو ولكن النتائج وبكل أسف تكون نسبية وغير مبهرة.
شفى الله طفلتك العزيزة وعافاها بإذن الله.