لا تكن من الخاسرين

صورة , الاستغفار , مسلم , القرآن الكريم

الحمد لله وكفى، وسلاما على نبيه الذي اصطفى، نسأل الله كما هدانا إلى الإسلام أن يرزقنا تمام الإيمان ويرزقنا العمل بالقرآن لنرقى بفضل الله ورحمته إلى مراتب الإحسان… أما بعد

فقد هدانا الله طريق النجاح وبين لنا سبل الفلاح، في كتاب كريم دفع بين دفتيه أسرار النجاة كلها ولم يترك منها شيئا، فعلمنا أن من أوقاتنا غنائم ينبغي أن لا نفوتها، ومن عبادتنا كنوز ينبغي أن نكتشفها ونتمسك بها وندخرها ليوم لا ينفع فيه مال ولابنون، وعلمنا أن من بين الأقدار هدايا ومنح يختبر الله بها صبرنا ويعدنا بالعطاء الكبير عنها، وكذلك علمنا أن هناك فرص لا يليق بالمؤمن أن يتركها تضيع سدى، وأنه إن فعل ذلك فقد خاب وخسر..

استوقفني هذان التعبيران المتقاربان في معناهما والمؤكدان لنفس الفكرة، فقد لا حظت أن هناك أكثر من حديث للنبي -صلى الله عليه وسلم- يستهله بهاتين الكلمتين (خاب وخسر)، واخترت أن يتضمن ذلك المقال تنويها وتذكيرا بكل الفرص التي ذكرها النبي في أحاديثه والتي تعتبر بمثابة هدايا يهبها الله للعباد، والتي يغفل بعضهم عن قيمتها وفضلها، فيذكرنا بها النبي في أحاديثه ويعتبر أن من فرط فيها فقد خاب وخسر خسارة كبيرة.

من أدرك أبويه ولم يدخلاه الجنة

قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (خاب وخسر من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنة)، وفي الحديث ما فيه من الدلالة على بر الوالدين وعظم أجره، فقد أولته الشريعة عناية كبيرة لما فيه من رد جزء من الجميل للوالدين الذين هم سبب وجود الإنسان، ولما فيه من الجزاء العظيم الذي وعد الله به البار لوالديه، ويؤخذ من الحديث أن المسلم الفطن ينبغي أن يتعامل مع جود أبويه أو أحدهما باعتباره منحة ربانية، وباب من أبواب الجنة وأن يحسن استغلالها ولا يضيعها أبدا، وخاصة أن هذه النعمة إلى زوال محقق فاغتنمها أيها المسلم قبل فوات الأوان!

من سمع اسم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه

خاب وخسر من يسمع ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- ويبخل على نفسه بفضل الصلاة عليه، وقد بينت لنا عدة نصوص أن فضل الصلاة على النبي كبير وثوابها عظيم وأن الله عز وجل يجزي المسلم عنها خير الجزاء، ولو لم يكن من فضل الصلاة على النبي إلا أنها تستوجب شفاعة النبي لكان ذلك كافيا، فما بالنا وهي من أفضل القربات وأثقل الأعمال في ميزان العبد يوم الحساب، ومن فضلها أيضا أنها تفرج الكروب وتيسر الأمور، وأنها عبادة فيها اقتداء بفعل الله عز وجل والملائكة الكرام.

من أدرك رمضان ولم يغفر له

خاب وخسر من أدرك شهر رمضان المبارك ولم يغفر له، فمن الحمق أن يترك المسلم هذا الشهر المبارك بنفحاته الطيبة يمضي دون أن يكون قد انسلخ من ذنبه، وتاب إلى الله وأناب إليه، فالله عز وجل جعل من شهر رمضان فرصة استثنائية للمغفرة والعتق من النار، وافترض فيه عبادة لها أجر عظيم، وهي عبادة الصوم، ولكن ما هي المزايا التي تجعل من شهر رمضان شهرا مقدسا له كل هذه الخصوصية، وهو نفس الأمر الذي حمل النبي –صل الله عليه وسلم على استخدام التعبير بالخيبة والخسران في حق من يضيع شهر رمضان المبارك ولا يحسن استغلاله.

إن شهر رمضان له مزايا خاصة جدا فهو أفضل الشهور عند الله، ومن بين أيامه ولياليه ليلة هي خير من ألف شهر والأحاديث والآيات الواردة في بيان فضل ذلك الشهر الكريم وخصوصيته كثيرة جدا منها قول الله عز وجل: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ومنها قول النبي -صلى الله عليه سلم- في تفصيل تفضيل شهر رمضان على سائر الشهور: ﴿عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، ونادى مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة)لأجل كل ذلك وأكثر كان لزاما على كل مسلم أن يتشبث بتلك الأيام المباركة ويسأل الله المغفرة والعفو عن كل ذنوبه، فلعل الله ينظر إليه نظرة رضا لا يشقى بعدها أبدا!!

أضف تعليق

error: